مسلسل موسى الحلقة 19 .. دقة بمشهدين وأبعاد تاريخية في جملة “ودتينا في داهية”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تواصلت أحداث مسلسل موسى الحلقة 19 باكتشاف حلاوتهم لمكان موسى، وحدوث خلاف بين شفيقة وشهاب باشا داخل صالة قمار، ونجاة وهبة من كمين عدوه لحلاقة شاربه، فيما يحاول كبير مطاريد الجبل إنقاذ موسى.
مشهدين ودقة تاريخية
التزم فريق الديكور والاكسسوار في مسلسل موسى الحلقة 19 بالتفاصيل التاريخية الصغيرة في مشهدين وكان التزامهما مراعي للدقة التاريخية بشكل كبير.
المشهد الأول يخص القطار في لقطة سمية الخشاب مع كومساري القطار، حيث كان شكل التذكرة ملتزمًا بالشكل الحقيقي لتذاكر القطارات المتوجهة من مصر للقدس بشكل كبير.
كانت التذكرة الحقيقية للدرجة الأولى والثانية بيضاء اللون وبها الرقم ومحطة الإنطلاق ومحطة الوصول وموعيد القيام وسعر التذكرة، بعكس الدرجة الثالثة كانت ملونة.
ثاني المشاهد التي التزمت بالدقة التاريخية كان بالمستشفى التي يعالج فيها موسى حيث كانت قارورة المحلول زجاجية، وتلك دقة تاريخية بالغة فلو تم الاستعانة بقارورة بلاستيكية لكان هذا خللاً كبيرًا لأنه في الأربعينيات كانت القارورة زجاجية.
لقطة الكباريه .. لماذا جملة وديتينا في داهية كانت ممتازة ؟
خلال مشهد دخول حلاوتهم للكباريه في مسلسل موسى الحلقة 19 واحتكاك العسكري الإنجليزي بها، قام المعلم وهبة بضرب العسكري بروسية فيما قامت حلاوتهم ببطحه عبر زجاجة خمر ليقول لها وهبة «الله يخرب بيتك ودتينا في داهية».
اقرأ أيضًا
متابعة موقع الميزان لحلقات مسلسل موسى
لا يدرك الكثيرين ما هي الداهية التي يقصدها المعلم وهبة، لكن لتلك الجملة بعد تاريخي شديد الأهمية يعود أصله للعام 1915 م في كباريه حارة الوزير في باب الشعرية.
كان كباريه حارة الوزير يضم عدد من الراقصات بعضهن بغايا ونشبت معركة داخل الكباريه امتدت إلى كل أنحاء الحارة بسبب احتكاك جندي بريطاني بمصرية هناك ودار رحى الصدام خاصةً مع سريان شائعة حول بيوت الدعارة أنها ترعى الوطنيين.
أمام كباريه باب الوزير وقف 2500 عسكري أسترالي ونيوزيلندي للقبض على النساء والمصريين الذين احتكوا بجنود الاحتلال فاتجهت الشرطة المصرية للحيلولة دون الشجار فاعتبرت قوات الإحتلال أن وجود شرطة مصرية دليل على التواطؤ بين الأمن والوطنيين، لتدور معركة أسفرت عن قتل 3 جنود أجانب وتم اعتقال 50 شخصًا بين مصريين مدنيين وضباط بوليس.
لم توثق كتب التاريخ المصرية وقائع معركة كباريه حارة الوزير باستثناء ما ذكره أحمد شفيق باشا في كتاب حوليات مصر السياسية حيث وصف عساكر الاحتلال بقوله «هؤلاء العساكر المختلفي الألوان والأجناس المتبايني المشارب والمذاهب كان أكثرهم من عامة شعوبهم، ولقد بدت من بعضهم وبخاصة الأستراليين أمور لو وقعت في غير أيام الحرب لأشعلت نيران فتنة كبرى، كما أن أموراً شنيعة ارتكبها هذا النفر من الجند في بعض أحياء القاهرة الاهلة وفي رابعة النهار ترتعد لها الفرائص هلع».
مذكرات الأجانب تناولتها المسألة مثل مذكرات طبيبة الحرب المشهورة أليس روس كينج وعالم الطبيعة الأسترالي تشارلز ليزرون والذي كان جنديًا وقتها، كذلك فإن إحدى مراسلات جريدة الديلي نيوز قالت «إني على وفاق في الرأي مع المستر رادن جوست من أن الاضطرابات الحالية لم تكن إلا نتيجة لازمة لخطئنا تجاه المصريين، ولا جدال في أن السلطات المسئولة ملومة كل اللوم في إرسال جنود من جنود المستعمرات إلى مصر دون أن يبينوا لهم الطرق التي يجب أن يعاملوا بها الأهالي».
أسفرت معركة حارة الوزير عن خسائر مالية قدرت بـ 100 ألف جنيه ولم يتم الإفراج عن المواطنيين المصريين إلا بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم صار الاحتكاك بين الإنجليز والمصريين في الكباريهات جريمة يعاقب عليها القانون الإنجليزي وينظرها القضاء المختلط (ووقت حلقة الكباريه كان القضاء المختلط موجودًا وهو هيئة قضائية إنجليزية تفصل في القضايا المتعلقة باحتكاك الرعايا الأجانب مع المصريين ولا تُنْظَر القضية أمام المحاكم المصرية).
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال