مصافحة المصلين لبعضهم بعد التسليم “فكر بن باز في مساجد مصر”
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تثبت حركة عدم مصافحة المصلين لبعضهم بعد التسليم حقيقة تقول أن إزالة ما في السطور لا يعني الإطاحة بما في القناعات والصدور، فقد حاربت الدولة المصرية الفكر المتطرف في مساجد مصر فأزالت كافة الكتب التي تستند للفكر المتشدد، ومع ذلك لا زال الفكر المتشدد مستشريًا.
اقرأ أيضًا
حكم الصلاة خلف إمام يتبع أحد الطرق الصوفية “شرح للخلاف بين فكر باز وعلي جمعة”
كثيرون يرفضون مصافحة المصلين لبعضهم بعد التسليم ويستندون لفتوى سعودية بطلها عبدالعزيز بن باز ذكر فيها بكراهتها حيث قال في برنامج نور على الدرب «أما ما يفعله بعض الناس من المبادرة بالمصافحة بعد الفريضة من حين يسلم التسليمة الثانية فلا أعلم له أصلا، بل الأظهر كراهة ذلك لعدم الدليل عليه؛ ولأن المصلي مشروع له في هذه الحال أن يبادر بالأذكار الشرعية التي كان يفعلها النبي ﷺ بعد السلام من صلاة الفريضة، وأما صلاة النافلة فيشرع المصافحة بعد السلام منها إذا لم يتصافحا قبل الدخول فيها. فإن تصافحا قبل ذلك كفى».
مصافحة المصلين لبعضهم بعد التسليم .. حقائق دينية منسية
في الأساس ليس هناك كراهة في مصافحة المصلين لبعضهم بعد التسليم وإنما هي بين المباح والمستحب، فالذين أيدوا الاستحباب استدلوا بما في صحيح البخاري عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال «
المصافحة عقب الصلاة دائرة بين الإباحة والاستحباب، ولكن لا ينبغي أن يَعتَقِدَ فاعلُها أنها من تمام الصلاة أو سُنَنِها المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والقائلون بالاستحباب يستأنسون بما رواه البخـاري في “صحيحه” عن أَبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنـه قَـالَ: “خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالهاجرة إلى البطحاء، فتوضأ، ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة،… وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم، قال – أبو جحيفة رضي الله عنه -: فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة من المسك”.
وشرح الإمام النووي في كتاب المجموع وكتاب الأذكار مسألة المصافحة فقال “أن مصافحة من كان معه قبل الصلاة مباحة، ومصافحة من لم يكن معه قبل الصلاة سُنَّة،واعلم أن هذه المصافحة مستحبة عند كل لقاء، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه، ولكن لا بأس به؛ فإن أصل المصافحة سُنَّة، وكونُهم حافظوا عليها في بعض الأحوال وفرَّطوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يُخْرِجُ ذلك البعضَ عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها.
ردت دار الإفتاء على قول بن باز فقالت «وأما ما ذهب إليه بعض العلماء من القول بكراهة المصافحة عقب الصلاة فإنهم نظروا فيه إلى أن المواظبة عليها قد تُؤَدِّي بالجاهل إلى اعتقاد أنها من تمام الصلاة أو سننها المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومع قولهم بكراهتها فإنهم نَصُّوا -كما نقل ابن علان عن “المرقاة”- على أنه إذا مَدَّ مسلمٌ يدَه إليه ليصافحه فلا ينبغي الإعراض عنه بجذب اليد؛ لما يترتب عليه من أذًى بكسر خواطر المسلمين وجرح مشاعرهم، ودفعُ ذلك مقدَّمٌ على مراعاة الأدب بتجنب الشيء المكروه عندهم؛ إذ من المقرر شرعًا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».
بالتالي فيترآى مما سبق واعتمادًا لقول دار الإفتاء أن المصافحة مشروعة بأصلها في الشرع الشريف، وإيقاعُها عقب الصلاة لا يُخْرِجُها من هذه المشروعيَّة؛ فهي مباحة أو مندوب إليها -على أحد قولي العلماء، أو على التفصيل الوارد عن الإمام النووي في ذلك- مع ملاحظة أنها ليست من تمام الصلاة ولا من سُنَنِها التي نُقِل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومةُ عليها، وهذا هو الذي لاحظه من نُقِل عنه القولُ بالكراهة؛ فتكون الكراهة عنده حينئذٍ في هذا الاعتقاد لا في أصل المصافحة، فعلى من قلَّد القول بالكراهة أن يُراعيَ هذا المعنى وأن يُراعي أدب الخلاف في هذه المسألة ويتجنب إثارة الفتنة وبَثَّ الفُرقة والشحناء بين المسلمين بامتناعه مِنْ مصافحة مَنْ مَدَّ إليه يده من المصلين عقب الصلاة، ولْيَعْلَمْ أن جبر الخواطر وبَثَّ الألفة وجَمْعَ الشمل أحبُّ إلى الله تعالى من مراعاة تجنب فعلٍ نُقِلَتْ كراهتُه عن بعض العلماء في حين أن المحققين منهم قالوا بإباحته أو استحبابه.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال