مصر في أول مولد نبوي بعد النكسة .. توثيق أحداث اليوم الخانق رغم روحانياته

غَيَّر يوم 5 يونيو 1967 م شكل المنطقة، وبالتالي تغير شكل مصر في أول مولد نبوي بعد النكسة فكان موسمًا مختلفًا عن ما سبقه من السنوات نظرًا لفاجعة النكسة.

خريف عبدالناصر وربيع العودة

جاء إعلان تنحي جمال عبدالناصر عبر خطابه يوم 9 يونيو 1967 الذي كان موافقًا لأول يوم في شهر ربيع الأول سنة 1387 هجري، وحينها خيمت الصدمة على الجماهير، فقبل 9 يونيو كانوا مخدوعين إعلاميًا.

ومع إعلان التنحي خرجت الجماهير بعد نهاية بيان التنحي لإعلان تمسكهم بجمال عبدالناصر وضرورة الثأر واسترداد الأراضي.

ولم يخرج جمال عبدالناصر إلى أي لقاء بالجمهور بعد بيان التنحي حتى حلول يوم الإثنين 11 ربيع الأول 1387 الموافق 19 يونيو 1967 م حيث شارك في احتفالات مصر بالمولد النبوي فكان ذلك أول لقاء يجمع ناصر بالشعب في الشارع.

كان احتفال مصر الرسمي بالمولد النبوي بعد النكسة في مسجد الإمام الحسين في تمام الساعة 8:30 مساءًا وحضره جمال عبدالناصر وزكريا محي الدين وحسين الشافعي وعلي صبري ومحمد صدقي سليمان والفريق محمد فوزي وزير الدفاع والفريق مدكور أبو العز قائد القوات الجوية.

وصل موكب عبدالناصر وكان في انتظاره شيخ الأزهر الشيخ حسن مأمون والشيخ محمد علوان شيخ مشايخ الطرق الصوفية، ووفد من كبار علماء الأزهر والأوقاف والصوفية.

كانت الجماهير تنتظر عبدالناصر فالهتاف فهتفوا “الله أكبر .. الله أكبر .. والنصر للعرب والمسلمين ..حي على الكفاح”، ثم جلس عبدالناصر ومرافقيه بعد أداء ركعتي تحية المسجد.

 دخل جمال عبدالناصر غرفة ضريح الإمام الحسين وقرأ الفاتحة هناك، ثم خرج لصحن المسجد واستمع لآي الذكر الحكيم وقصة السيرة النبوية.

ألقى الشيخ عبدالحكيم سرور كلمة الأزهر وبعده الشيخ محمد علوان شيخ الطرق الصوفية، ثم كلمة مدير المساجد الشيخ إبراهيم الدسوقي، وامتدت الاحتفالية حتى الساعة 9:20 مساءًا.

شكل مصر في أول مولد نبوي بعد النكسة .. أجواء الإحتفاء بالذكرى

وقت أن كانت مصر تحتفل رسميًا بذكرى المولد النبوي كان الوضع في الداخل متأرجحًا، بين أشياء تخص المولد النبوي وأشياء تخص النكسة.

قبل ساعات من بدء احتفال مصر بالمولد النبوي كان جمال عبدالناصر قد شكل حكومته التاسعة من 19 يونيو 1967 حتى 20 مارس 1968 م، وفي يوم المولد النبوي انعقد الاجتماع الوزاري الأول.

اقرأ أيضًا 
قصة أزمة اللحوم التي شهدتها مصر في الستينيات “ممنوع ذبحها وبيعها بأمر من عبدالناصر”

على صعيد الداخل المصري فيما يتعلق بالمولد النبوي فإن وزارة التموين التي كان يتولاها محمد نور الدين قرة أعلنت عن بيع اللحوم والدواجن في المجمعات الاستهلاكية يوم المولد النبوي واليوم التالي له، وإلغاء الأجازة الرسمية وذلك من أجل الجماهير وضبط حالة السوق ومنع استغلال المواطنين، وإلغاء الأجازة حكوميًا نفذته وزارة التعليم حيث تم إلغاء أجازة الامتحانات فيما تم إعلان نتيجة مسابقة القبول بمنطقة الجيزة وجنوب القاهرة.

حسين الشافعي وزير الأوقاف وشئون الأزهر حينها أعلن أن كافة الأئمة والوعاظ سيقومون يوم المولد النبوي بإلقاء أحاديث دينية عن المواقف التي تآمر فيها اليهود على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثم كتب الله له النصر، بالإضافة إلى شرح كيفية البذل والتضحية وصفات المجاهدين في الإسلام.

فقرات الإذاعة والتلفزيون كانت متباينة ومختلفة داخل مصر في المولد النبوي بعد النكسة فالفقرات الدينية كانت ضئيلة وكان التركيز على ما يجري بشأن العدوان، فالفقرات الدينية التاريخية وصلت إلى 5 فقرات إذاعية هي «كلمات الله، مسلسل صلاح الدين، المقدسات الإسلامية والمسيحية، مسلسل وا إسلاماه، برنامج أرض الرسالات»، والفقرات التلفزيونية الدينية كانت فقرة واحدة هي مسلسل رسالة السماء للمخرج إسلام فارس.

شكل مصر في أول مولد نبوي بعد النكسة .. الداخل المخنوق

كانت مصر مفعمة بمشاعر متعددة قبل النكسة وحتى إعلان جمال عبدالناصر عن تنحيه، فقد كان في حالة بهجة وسرور، حتى كانت الفاجعة باكتشاف الخديعة.

إقرأ أيضا

5 طرق للتخلص من انتفاخ البطن في رمضان

كان الشغل الشاغل بالداخل المصري هو الاقتصاد فكان شعار المرحلة خلال أول مولد نبوي بعد النكسة هو بالعمل والإنتاج عبر مؤسسات اقتصادية مختلفة في أنحاء الجمهورية العربية المتحدة.

وكان الحفاظ على القطن سببًا رئيسيًا في إصدار النقابة العامة لعمال الزراعة بضرورة التعاون مع مندوبيها للحفاظ على القطن.

عرضت اللجان السوفيتية للدفاع عن السلام مع التضامن الآفروأسيوي والصليب الأحمر، عروضًا لمصر والدول العربية لقيام الأطباء الروس بزيارة الأماكن التي تكبدت آثار العدوان وتبرعه بمليون روبل لمصر والأردن، فيما قدم صندوق السلام السوفيتي 2 مليون روبل للمشاركة في الأعمال الطبية والصحية.

وفي ليلة المولد النبوي تم الإعلان عن استئناف حركة الطيران في مصر من وإلى مطار القاهرة محليًا ودوليًا.

على الصعيد الرياضي فإنه في يوم المولد النبوي لم تغيب أجواء النكسة عن الأمر، فقد تم الإعلان عن تخريج أول دفعة من المقاومة الشعبية بنادي الجزيرة، وأصدر المجلس الأعلى لرعاية الشباب قراره بإلغاء جميع السفريات للخارج إلا إذا كانت مباراة رسمية سبق الموافقة عليها، أما معهد التربية الرياضية في الهرم فقد أصدر أمرًا بسفر جميع طلبة مدن القناة إلى بلادهم للانضمام إلى قوات المقاومة الشعبية.

عبرت مصر شهر النكسة ودخلت القوات المسلحة في مرحلة حرب الاستنزاف ورسم صلاح جاهين وجه جمال عبدالناصر على عروسة مولد مع بدء معركة المولد النبوي في 18 مايو من العام 1970 الموافق 12 ربيع الأول عام 1390 هجري حين تصدت القوات الجوية المصرية لهجوم من الطيران الصهيوني وأسقطت له 6 طائرات ثم قوة مصرية من 90 جنديًا بعبور قناة السويس وتدمير طابور مدرع إسرائيلي جهة منطقة الشلوفة، ونجحت القوات المصرية في تدمير دبابتين وعربتين نصف جنزير في معركة استمرت حتى فجر اليوم التالي أسفرت عن قتل 20 جنديًا إسرائيليًا واستشهاد مصري واحد وإصابة 6 آخرين.