
مصر .. ما تلاقيش مثالها

-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
انتهت “بروفة” جديدة من بروفات الحرب العالمية القادمة والتي في الغالب ستكون الأخيرة، بروفة كان فيها الرعب النووي شبحًا يحوم حول رؤوس الجميع خاصة، في المنطقة الملتهبة دائمًا والتي تسمى الشرق الأوسط، فمع استمرار ما يحدث في غزة من مجازر، وسع الكيان المحتل جبهته ودخل في غارات مع إيران، والتي سرعان ما ردت، لتمر الصواريخ والطائرات على مقربة مننا في مصر، بينما نحن لم يشغلنا شيء أكثر من مباراة الأهلي مع انتر ميامي ومواجهة ليونيل ميسي
.
ما حدث وما كنا فيه جعلني أتسأل “من أين لنا بتلك الطمأنينة الغريبة؟ وكيف يمكن لنا ونحن قاب قوسين أو أدنى من مسرح الأحداث ألا يشغلنا إلا مباراة كرة قدم؟” والإجابة ببساطة أن مصر مازالت الأقوى وصاحبة النفوذ والتأثير والمهابة في المنطقة.
-
ذات يوم كنت أسير بجوار صديقي الكاتب “كيرلس داوود” نتحدث عن بداية عودة اللاجئين السودانين إلى وطنهم، ففاجأني قائلًا “ممكن جدا كتير منهم مايرجعش.. أصل فين تلاقي بلد زي مصر تمشي فيها الساعة 4 الفجر وأنت مطمن غير هنا؟!”
بعد فترة سوداء من الانفلات والانفجارات والوضع الأمني السيء، استعادت مصر عافيتها، عاد النظام، واختفى صوت الانفجارات لتحل مكانه أصوات الحياة الصاخبة، يومًا بعد آخر استفاقت مصر وتجاوزت كل العقبات والمشكلات، وتغير وجههًا، صار أكثر إشراقًا وثقة وثبات.
عادت البلاد -والفضل في ذلك يرجع بالتأكيد للرئيس عبدالفتاح السيسي- إلى مصاف الدول المؤثرة في المنطقة، بعد أعوام من تراجع الدور المصري وتأثيره، مصر التي أصبحت لاعب رئيسي مرة أخرى في المنطقة، إن لم تكن هي اللاعب الرئيسي وصاحبة القرار الأقوى والتأثير الأهم.
في خضم الأزمة استوقفني موقف اعتراض الطائرات الأمريكية في الجو وإجبارها على التراجع وعدم دخول المجال الجوي المصري، بتهديد مباشر من قائد الطائرات المصرية بضرب الطائرات الأمريكية حال رفضها للأوامر، كيف استعادنا تلك القوة؟
تحركات الدولة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي خاصة في مجال السياسة الخارجية تدرس، هذا المزيج المبهر بين الهدوء والحزم ومعرفة التوقيت المناسب لإظهار القوة واتخاذ المواقف الصارمة في الوقت المناسب، هو ما أعاد لمصر قوتها، على المستوى السياسي الإقليمي والدولي، وظل أجواء مجنونة ازدادت اشتعالًا بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، كانت مصر تعاني فقط من التأثيرات الاقتصادية التي طالت العالم أجمع.
صحيح أننا لا نعيش في جنة على الأرض، صحيح أننا نواجه يوميًا أزمات مادية ومالية ونصارع الغلاء، صحيح أن لدينا العديد من الأخطاء والخطايا، الحياة ليست “بمبي” ولكننا لم نخف من القصف الصاروخي الدائر ولم نقلق من الغارات الجوية، ولم ترعبنا المجازر، ولا شغلتنا حملات التخوين، فنحن نعرف ما نحن عليه.
نحن دولة ذات سيادة لا تسمح لأحد مهما كان أن يمس سيادتها أو أمنها، لديها جيش قوى ذو عقيدة راسخة، متماسكة لا شقوق جدرانها، قادرة على الرد وقتما شاءت والرفض وقتما رأت أن هذا هو القرار الصواب، دولة لديها قيادة قوية وقادرة على حفظ امنها وسلامتها وكرامتها
لذلك، وبينما كان الكل يعض أصابعه خوفًا من تطور الأوضاع وأن ينابه من القصف جانب، كنا نحن نعيش في قلق من مواجهة ميسي ورفاقه، كنا نخرج من بيوتنا الرابعة فجرًا لنجلس على المقهى في أمان تام مصريين ولاجئين نشاهد المباراة ونصب غضبنا على حسين الشحات مع طلعة النهار الجديد.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
ما هو انطباعك؟







