همتك نعدل الكفة
202   مشاهدة  

مصر وأمريكا في 10 سنوات .. قصة 3 مراحل رسمت العلاقات بين البلدين في عقد من الزمان

مصر وأمريكا


توصف العلاقات بين مصر وأمريكا بكونها “شراكة استراتيجية” تحوي أبعادًا متعددة (سياسية، اقتصادية، تجارية، أمنية وثقافية)، وعلى الرغم من ذلك فإنها لا تسير على منوال واحد، إذ تشهد حالات متكررة من الشد والجذب.

ذكر تقرير صادر من المركز المصري للدراسات السياسية والفكر الإستراتيجي على أن العقد الأخير يُمثل دليلا واضحا وعمليًا على هذا النمط من العلاقات، كونه شهد – أي العقد الأخير – ثلاث مراحل متباينة من العلاقات الأمر الذي يستدعي تقييم هذا العقد مع العمل على استشراف مستقبل هذه العلاقات، لاسيما وأن البيت الأبيض على موعد مع رئيس جديد في 20 يناير الجاري.

المراحل الثلاثة في العلاقة بين مصر وأمريكا

مصر وأمريكا

على الرغم من التفاهمات المشتركة، لم تكن العلاقات بين القاهرة وواشنطن سلسة ومباشرة ودافئة على طول الخط، فقد شهدت هذه العلاقات حقبة ازدهار غير مسبوقة منذ الرئيس “أنور السادات” الذي أراد تحويل هذه العلاقة إلى علاقة استراتيجية.

واستمرت هذه العلاقة مع تخللها لبعض التوتر من الحين للآخر حتى قيام ثورة 25 يناير2011، إلى الحد الذي دفع البعض إلى وصفها بعلاقة تتسم بالتناقض والفصام. وارتباطا بهذا، فقد شهد العقد الأخير 3 مراحل من العلاقات حوت خصائص متباينة – وربما متناقضة –.

المرحلة الأولى: ارتباك العلاقات

تتمثل بداية هذه المرحلة من العلاقات بين القاهرة وواشنطن مع قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 واستمرت حتى قيام ثورة الثلاثين من يونيو 2013، إذ اتسمت بالتخبط والارتباك بسبب اهتزاز الأسس التي بُنيت عليها العلاقات والتي دارت بشكل أساسي حول ثقل الدولة المصرية ودورها كفاعل إقليمي.

في أعقاب تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، اتجهت واشنطن إلى دعم الثورة، إذ قال الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” في كلمة قصيرة ألقاها في البيت الأبيض، إن الشعب المصري قد قال كلمته ولن يرضى بأقل من “الديمقراطية الكاملة”.

وعلى صعيد أخر، سعت واشنطن إلى استمرار التقارب مع القاهرة، وعملت في سبيل ذلك على التواصل مع القوى السياسية المرشحة للوصول للحكم، وفي مقدمتها جماعة الإخوان، وساعدها في ذلك قنوات الاتصال التي كانت مفتوحة بإيجابية منذ عهد الرئيس “بيل كلينتون”، والتي تعززت خلال السنوات الأولى للرئيس “أوباما”.

ومن جهتها، أكدت “هيلاري كلينتون”، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، في فبراير 2011، أن الإدارة الأمريكية لن تعارض وصول جماعة الإخوان للسلطة مادامت تنبذ العنف وتلتزم بالديمقراطية.

وبالفعل وصل الإخوان للسلطة عبر فوز “محمد مرسي” بالانتخابات الرئاسية 2012، ورحبت واشنطن بنتيجة الانتخابات الرئاسية، وأكدت أنها تتوقع منه أن يعمل على ضمان الاستقرار وألا ينجرف نحو المغالاة.

وعلق “جاي كارني”، المتحدث باسم البيت الأبيض، “نعتقد أنه من المهم للرئيس المنتخب، أن يتخذ خطوات في هذا الوقت التاريخي للنهوض بالوحدة الوطنية بالتواصل مع كل الأطراف والقوى في مشاورات بشأن تشكيل حكومة جديدة”، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

المرحلة الثانية: توتر العلاقات

اتجهت العلاقات بين القاهرة وواشنطن تميل صوب نمطًا جديدًا غلب عليه التوتر، لاسيما بعدما فشل “الإخوان” في أدائهم بطريقة دفعت الشعب المصري للشارع مجددًا لإزاحتهم عن السلطة في 30 يونيو 2013.

واستمر هذا النمط من العلاقات حتى نهاية الفترة الثانية للرئيس “أوباما”. دخلت تلك العلاقات مرحلة أخرى من التوتر في أعقاب إصدار قانون التظاهر (نوفمبر 2013)، فقد عبرت واشنطن عن قلقها من التداعيات السلبية المحتملة للقانون. وعقب فض الاعتصام المسلح بميدان رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013.

وفي هذا السياق، يمكن القول إن واشنطن لم تتخذ موقفًا واضحًا من 30 يونيو لكنها تبنت حزمة قرارات مثيرة للجدل حول رؤيتها لمستقبل العلاقات مع القاهرة.

وعليه، حافظت واشنطن على أدنى حد من العلاقات مع القاهرة خلال هذه المرحلة، وأبدت بعض الانفتاح على القاهرة بعد تولي الرئيس السيسي، ومالت صوب الانفراج بعد الاستفتاء على الدستور يناير 2014؛ إلا أن العلاقات بين البلدين ظلت محكومة بحسابات الواقع، وبالأهمية الاستراتيجية لمصر وفقًا للمصالح الأمريكية في المنطقة؛ فقد انحصرت – بقدر ما – في التنسيق والتعاون الأمني ومكافحة  الإرهاب؛ بينما خيّم البرود على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فلم تُظهر إدارة “أوباما” اهتمام حقيقي لمساندة مصر اقتصاديًّا في مواجهة الأزمة المالية التي عصفت بها.

المرحلة الثالثة: تقارب العلاقات

تتمثل بداية هذه المرحلة من العلاقات بين القاهرة وواشنطن مع وصول الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لسدة الحكم، واستمرت حتى الآن، وتميزت بقدر كبير من التفاهمات والتقارب في العلاقات لاسيما بعدما استطاعت الدولة المصرية أن تبني قوتها من جديد، وأن تصبح فاعل ايجابي في قضايا المنطقة، ولكن حالة التقارب التي غلفت العلاقات لا تعني تطابق وجهات النظر بين البلدين بشأن الملفات كافة.

شهدت هذه المرحلة حالة أكبر من التقارب تمثلت بداية في تبادل الزيارات، يأتي في مقدمتها زيارة الرئيس السيسى لواشنطن العاصمة تلبيةً لدعوة الرئيس “ترامب” في أبريل 2019″، بهدف تعزيز علاقات الشراكة المتبادلة بين البلدين. علاوة على ذلك، جمع القاهرة وواشنطن قدر كبير من التوافق بشأن الإسلام السياسي بشكل عام، ومكافحة الإرهاب على وجه الخصوص؛ وتبلور ذلك بصورة واضحة في سعى إدارة “ترامب” لتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية.

كما شهدت أبرز القضايا التي تهم الدولة المصرية حالة من التقارب مع واشنطن؛ يأتي في مقدمتها أزمة “سد النهضة”، بالأخص بعد دعوة القاهرة لواشنطن للدخول كراعِ للمفاوضات؛ كما شهدت الأزمة الليبية، قدرًا من التوافق انطلاقًا من توافق رؤى البلدين بشأن مكافحة الإرهاب والقضاء على المليشيات وضرورة وقف الاقتتال الداخلي، والعمل على وضع تسوية سياسية سلمية. أما عن تطورات الوضع في شرق المتوسط، فقد رحبت واشنطن بالإعلان عن تدشين “منتدى غاز شرق المتوسط”، في يناير 2019، وأبدت رغبتها في الانضمام إلى المنتدى كمراقب بصفة دائمة.

إقرأ أيضا
البهرة ومسجد السيدة زينب

وفي المقابل، انتابت العلاقات بعض التوترات يأتي في مقدمتها موافقة الرئيس “ترامب” على قرار حجب جانب من المساعدات المقدمة لمصر، والذي اقترحه وزير الخارجية آنذاك “ريكس تيلرسون”؛ والذي دفع الخارجية المصرية إلى إصدار بيان انتقدت فيه القرار واعتبرته يعكس “افتقارًا للحكمة”.

وعلى صعيد آخر، نأت الدولة المصرية بنفسها عن الجهود الأمريكية لتشكيل “الناتو العربي” الذي يهدف إلى التصدي لسياسات طهران، ما يعني أن القاهرة تتصرف حسبما تقتضيه مصلحتها وفق سياستها المستقلة.

مستقبل العلاقات

مصر وأمريكا

يتضح من العرض السابق بشأن العلاقات بين القاهرة وواشنطن خلال العقد الأخير أن العلاقات في صورتها العامة، وبغض النظر عن حجم التقارب أو التباعد في الرؤى، تستند إلى مجموعة من الأسس، والتي يأتي في مقدمتها إدراك الطرفين لأهمية ومحورية هذه العلاقات؛ إذ تدرك الولايات المتحدة ثقل الدولة المصرية وأهمية دورها كفاعل اقليمي، كما تدرك مصر مكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، ما يعني أنه حتى مع السعي المصري المستمر لتنويع الشركاء تبقى علاقتها مع الولايات المتحدة ذات طبيعة خاصة.

وارتباطا بذلك، يتضح جليا معلم بارز بشأن فحوى العلاقات، وهو إدراك الطرفين لتأرجح العلاقات بين وجود حد أدنى للخلافات ووجود سقف للتفاهمات، إذ أنه في أقصى مراحل الخلاف، لم تُصاب العلاقات بالشلل ولم يسعى أي طرف لتقويضها أو إنهائها.

وفي المقابل، يدرك الطرفان أن تقارب الرؤى، حتى في أقصى مراحل التقارب، بينهما لا يعني التطابق في السياسات. وعليه، يعمل الطرفان وفق صيغة تحمل مساحة من الاختلافات والتباينات لا تضر بثوابت العلاقات.

وعلى الرغم من ذلك، تتجه بعض التحليلات إلى اعتبار وصول إدارة ديمقراطية، مع تنصيب الرئيس “جو بايدن” في 20 يناير الجاري، قد يضر بالعلاقات بين القاهرة وواشنطن ويدفعها في اتجاه التراجع، مستندين في هذا التحليل إلى التوترات التي ضربت العلاقات بين البلدين في ظل إدارة “أوباما” في أعقاب الثورة الشعبية في 30 يونيو 2013، كما سبقت الإشارة في المرحلة الثانية من العلاقات.

إلا أن الحديث عن تغير سلبي حتمي في العلاقات يبقى في غير محله كونها – أي العلاقات –  تسير وفق معادلة تحوي عددًا من المتغيرات المترابطة، التي تتعلق بكلا البلدين وظروفهما الداخلية، وكذا الظروف الإقليمية والمتغيرات العالمية؛ فضلًا عما يمثله ثقل الدولة المصرية ودورها النشط من رقم مهم في معادلة العلاقات. لذا، فإن وضع أولويات المصلحة المصرية على أجندة العلاقات بشكل واضح ومباشر، مع الاعتماد على الحوار كآلية رئيسة لتعزيز العلاقات ورفض المساومة على المساعدات أو فرض العقوبات، يمثل النهج المناسب لتعزيز العلاقات.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان