معارك المليون قتيل.. كيف أنهت احتفالات الكريسماس الحرب؟
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الحرب العالمية الأولى واحدة من أسواء النزاعات الدموية على مر التاريخ، قُتل وأُصيب خلال سنواتها الأربعة ما لا يقل عن 40 مليون شخص، وقد غاص العالم في أهوالها بعدما أعلنت الإمبراطورية النمساوية المجرية الحرب على صربيا بعد شهر واحد عن حادثة سراييفو وتفعيل سياسة التحالفات.
بداية الحرب
بدأت الحرب في الثامن والعشرون من شهر يوليو عام 1914م، وقد توقع البعض أن تنتهي الحرب بنهاية العام، ولكن كان هذا حلم بعيد المنال، فقد كانت حصيلة خمسة أشهر فقط من المعارك مليون قتيل، وظهرت الإشارات المبدئية تقول أن القتال مستمر لسنوات ولن يتوقف تقريبًا، ومع حلول شهر ديسمبر وجد الجنود الألمان والبريطانيين والفرنسيين أنفسهم عالقين داخل الخنادق بالجبهة الغربية للحرب، ولن يتمكنوا من الذهاب لبيوتهم لقضاء عطلة عيد الميلاد والاحتفال بالكريسماس، ولم يكن بيدهم شيء سوى الخضوع للأمر الواقع والاكتفاء بالرسائل التي ينقلها لهم البريد الحربي.
هدنة عيد الميلاد
على الرغم من الطابع الدموي الذي كان طاغيًا على الأجواء العامة، إلا أنه كان هناك جانب إنساني خفي يسعى للظهور، وقد تمكن الجنود في الجبهة الغربية من إظهاره، حيث شهد يومي 24 و 25 ديسمبر 1914م، حادثة فريدة من نوعها، ذكرها التاريخ باسم هدنة عيد الميلاد، ففي عشية عيد الميلاد سمع الجنود البريطانيون أصوات الترانيم تأتي من جهة العدو الألماني، فلم يتمكنوا من ضبط أنفسهم وقاموا بترديد الترانيم بدورهم، وفجاءة انطلقت التهاني بعيد الميلاد من الجنود في الجهة المقابلة، ليرد عليهم الجنود الآخرين، ومع شروق شمس يوم عيد الميلاد، كانت أصوات المدافع قد خفتت، وخرج عدد من الجنود الألمان من خنادقهم وتوجهوا نحو الجنود البريطانيون وهم رافعين أيديهم عاليًا، ويرددون عبارات عيد ميلاد مجيد، وفي بداية الأمر اعتقد البريطانيون أن ما يحدث مجرد خدعة وفخ من ألمانيا، ولكنهم تأكدوا أن الجنود الألمان لا يحملون أي أسلحة لذا خرجوا بدورهم من الخنادق لتهنئتهم، وعانق الطرفان بعضهما البعض وجلسوا جميعًا سويًا وهم يرددون أغاني الكريسماس، وكذلك أقاموا مباراة كرة قدم بين بعضهم البغض، والأغرب من ذلك أنهم قاموا بتزيين بعض الشجيرات بأوراق ملونة.
استمرار الحرب
لم تستمر الهدنة طويلًا فبعد عدة ساعات دوّت أصوات المدافع مرة أخرى، وعاد الجنود إلى مواقعهم على عجل بعد أن ودعوا بعضهم البعض بشدة، واستأنفوا عمليات القتل ثانية، وقد حاولت الدول إنكار ما حدث، بعد أن تم تسريب الخبر للصحف في جميع أنحاء العالم، وقامت الإدارة العسكرية لكل دولة بحجب أخبار تلك الهدنة العجيبة، ولكن الأخبار وصلت بشكل أو آخر، وفي ألمانيا تم إدانة تلك الحادثة واعتبروها خيانة للوطن، وقد تم معاقبة الجنود المشاركين بهذه الهدنة لعقوبات شديدة، وتم نقلهم لجبهات أشد خطورة، وقد لقى معظمهم حتفهم.
إقرأ أيضاً
“إسحاق رابين” مجرم الحرب الذي جعلوه بطلا لـ “السلام” وانتهت حياته بالاغتيال
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال