معركة طريف.. يوم أن ضاعت الأندلس من أيدي المسلمين
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
قبل 677 عامًا كانت الغزوات الصليبية على أراضي المسلمين قد كثرت بشدة، وكان لـ ألفونسو الحادي عشر ملك قشتالة أطماع كبيرة تجاه مملكة غرناطة، وقرر التوجه بحملة كبيرة نحوها، وعندما شعر السلطان أبي الحجاج يوسف بن أبي الوليد إسماعيل بضعف جيشه ووسائل الدفاع، أرسل يستنجد بالسلطان أبي الحسن علي بن عثمان ملك المغرب، الذي لبى النداء وأرسل له مدد كبير مع ولده الأمير أبي مالك، ونشبت بين الفريقين معركة دموية في أواسط عام 1339م هُزم فيها المسلمون هزيمة فادحة، وقُتل قائدهم الأمير أبو مالك، وتسببت تلك المعركة في قيام معركة أكبر وأشد تُدعى “معركة الطريف” التي تلقى فيها المسلمون خسارة فادحة.
حشد الجيوش الإسلامية
إقرأ أيضًا…
آسيا وفيلم الناصر صلاح الدين “جوانب لم تحكيها المواقع عن إفلاس أشهر منتجة سينمائية”
بعد الهزيمة قرر السلطان أبو الحسن العبور إلى الأندلس بنفسه ليثأر لهذه الهزيمة المؤلمة، وجهز الجيوش والأساطيل الضخمة، وبلغ الأندلس في يوليو 1340م، ونزل بسهل طريف ولحق به السلطان يوسف بصحبة قوات الأندلس، وكانت الجيوش الإسبانية قد نفذت آنذاك إلى أعماق مملكة غرناطة، ووصلت إلى الجزيرة الخضراء، واستقر الأسطول الصليبي في مياه المضيق بين المغرب والأندلس، ليمنع قدوم الإمدادات والمؤن وأحكموا الحصار حول ثغر طريف وتغلبوا على حراسه، ومضت أشهر قبل أن يقع اللقاء الحاسم بين الفريقين، فوهنت قوى المسلمين بعد أن نفذت منهم المؤن، وكان الجيش الإسلامي عندئذ في السهل الواقع شمال غربي طريف على مقربة من نهر “سالادو الصغي” الذي يصب في المحيط الأطلنطي عند بلدة “كونيل” التي تبعد قليلًا عن رأس طرف الغار.
معركة طريف
يُطلق على تلك المعركة فى الأدب الإسبانية معركة “ريو سالادو”، في الـ 30 من أكتوبر عام 1340م اشتبك الفريقان في معركة حامية على ضفاف نهر سالادو، وتولى خلالها السلطان أبي الحسن قيادة الجيش، وتولى السلطان يوسف قيادة فرسان الأندلس، وعبر السلطان أبو الحسن مضيق البوغاز ومعه 60 ألف مقاتل، وحاول حصار مدينة طريف وكان حصارًا خانقًا من البر والبحر بمساعدة جيش الأندلس، لكن الأسطول القشتالي عاد إلى المضيق وقطع طريق نقل الإمدادات إلى الجيش المغربي، فأصبح السلطان وجيشه تحت الحصار، ثم هاجم القشتاليون وحلفاؤهم من البرتغال وجنوة الإيطالية الجيش الاسلامي واشتعل القتال، واستولى الصليبين على المؤن والذخائر وقتلوا النساء والأطفال، واعتقلوا تاشفين ابن السلطان، وأشعلوا النار في فسطاط السلطان المغربي، وفي ذات الوقت كان الملك ألفونسو الحادي عشر يقوم بمهاجمة المغاربة ليشتبك فرسان الأندلس مع الجيش البرتغالي، وكانت الغلبة والقوة لصالح الجيش الإسلامي قبل أن يقوم الجنود الصليبين على أطراف طريف بعملية التفاف حول الجيش الإسلامي من الخلف، الأمر الذى قلب موازين القوى وأربك الجيش الإسلامي بأكمله ليسقط من المسلمين في تلك المعركة عدد ضخم في يد الصليبين، وفر السلطان أبو الحسن إلى المغرب مرة أخرى، وعاد السلطان يوسف إلى غرناطة مرة أخرى، لتصبح أكبر هزيمة للقوات الإسلامية في الأندلس، ولم يستطع المسلمون أن تقوم لهم قائمة في بلاد الأندلس مرة أخرى.
إلى يومنا هذا لايزال الأسبان يحتفظون بعلمين مغربيين في كاتدرائية “طليطلة”، وهما من أبرز الأعلام المغربية التي كانت تُرفرف فوق الجيش المغربي في ساحة معركة طريف.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال