مع اقتراب الانتخابات التركية سلسلة تحركات دبلوماسية تمر بـ”مصر”
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
مع اقتراب الانتخابات التركية بدأت الحكومة الحالية سلسلة تحركات دبلوماسية مع عدة دول، أهمها زيارة وزير الخارجية التركي إلى مصر بعد انقطاع دام عقدٍ كامل، مع تلويحات بلقاء مرتقب بين السيسي وأردوغان. النشاط الخارجي الأخير بدأ بعد أيام من كارثة الزلازل التي عاشتها تركيا، وقبل أقل من شهرين على بداية السباق الرئاسي؛ متمثلًا في مقابلات مكثفة داخل وخارج البلاد خرجت بوعود استثمارية جديدة، الأمر الذي قد يبعث رسائل تطمينية للناخب التركي.
في إطار تحركات دبلوماسية تزامنت مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية زار وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو نظيره المصري سامح شكري، بعد أيام من زيارة الأخير لتركيا بالتزامن مع إرسال مساعدات مصرية لضحايا الزلازل. الأمر الذي لفت نظر وسائل الإعلام حول العالم، حيث جاءت الزيارتان بعد عقدٍ كامل من انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ومن المتوقع أن يلبي شكري دعوة لزيارة تركيا خلال شهر رمضان.
من الجدير بالذكر أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا كانت ولازالت في ازدهار، فعلى الرغم من انقطاع العلاقات وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين 10 مليار دولار، من ضمنهم استثمارات الشركات التركية بمصر، والتي أوضح شكري رغبته في زيادتها، ناهيك عن حركة التصدير والاستيراد المتبادلة، أهمها الغاز الطبيعي المصري الذي تطمح تركيا لتصديره إلى جنوب شرق أوروبا ودول البلقان.
ضمن فاعليات الزيارة التقى تشاووش أوغلو بالمستثمرين الأتراك في مصر، معربًا عن سعادته بحرص الحكومة المصرية على تذليل الإجراءات البيروقراطية أمامهم، ومنحهم حق الاستفادة باتفاقيات مصر التجارية مع الولايات المتحدة ودول أوروبا.
اللقاء الذي تحدث فيه الطرفان بشكل واضح حول أزمات دبلوماسية على رأسها التواجد التركي في ليبيا، خرج بتصريحات هامة حول لقاء مرتقب بين الرئيس السيسي ونظيره التركي أردوغان، في إطار تطبيع العلاقات الذي بدأ بلقاء الرئيسين خلال كأس العالم بالدوحة العام الماضي.
تطلعات أردوغان نحو الدول التركية وأوروبا
جولة تحركات دبلوماسية ضخمة بدأت بعد أيام من كارثة القرن التي راح ضحيتها ما يقارب الـ 50 ألف قتيل،كان أبرزها قمة الدول التركية تحت عنوان الكوارث والمساعدات الإنسانية والتي انعقدت بشكل طارئ في أنقرة قبل أيام. أبرزت القمة تكاتف كبير بين الدول الأعضاء بمشاركة العضو الجديد “جمهورية شمال قبرص التركية”، كما خرجت بتوصيات لتعزيز أمن الطاقة والنقل الإقليمي.
على خلفية القمة صرَّح عدد من الأعضاء بتأييدهم لأردوغان خلال الانتخابات القادمة، فقد أكد رئيس جمهورية أذريبجان “إلهام علييف” على ثقته من استمرار مجهودات أردوغان خلال الأعوام القادمة، في حين أعرب الرئيس الكازاخستاني “قاسم توكاييف” عن ثقته في دعم الشعب التركي لأردوغان متمنيًا له التوفيق في انتخابات الرئاسة والبرلمان. الأمر الذي عبَّر عنه الرئيس المجري “فيكتور أوربان” مشيرًا إلى تيقنه من نجاح أردوغان وقيادته، أمَّا “شوكت ميرضيايف” رئيس أوزبكستان فقد دعى الأتراك لدعمه خلال الانتخابات القادمة.
كما شارك أردوغان عبر اتصال مصور في مؤتمر دولي استضافته المفوضية الأوروبية والرئيس السويدي، موجهًا الشكر إلى الدول التي ساهمت في مساعدة تركيا أثناء الأزمة، ومشيرًا إلى احتضان تركيا لملايين اللاجئين وتقديمها مساعدات لأكثر من 160 دولة على مر التاريخ، الأمر الذي يبرهن على إيمانهم بروح التضامن الدولي.
التحركات الدبلوماسية الأخيرة شهدت تقاربًا مع عدة دول مثل جورجيا، البرازيل، إسبانيا، بروناي، المكسيك، إيران، قطر، الإمارات، هولندا ودولة الاحتلال؛ عبر عدة لقاءات قام بها وزير الخارجية مع شخصيات دبلوماسية ، بالتزامن مع إعلان أردوغان بدء خطوات تصديق تركيا على انضمام فنلندا إلى حلف الناتو، وإشادة الجرائد الفنلندية المحلية بالقرار واصفة إياه بالتاريخي.
حتى الآن اهتمت تحركات أردوغان قبل السباق الرئاسي بمحورين الأول هو مسألة الزلازل، من خلال زيارات متكررة للمناطق المنكوبة وأخرى ودية مع الأسر النازحة، إضافة إلى تصريحات شبه يومية حول برنامج إعادة الإعمار والوعد بالانتهاء من تسكين المتضررين خلال عام واحد.
أمَّا المحور الثاني فقد اتركز على العلاقات الخارجية ودعم الاقتصاد، مما أسفر عن توقيع عدة اتفاقيات اقتصادية، ومزيدًا من الوعود بتوسعة التعاون الدولي والإقليمي بين تركيا والدول الصديقة؛ ناهيك عن عدة مشروعات قومية هامة تم الإعلان عنها الأيام القليلة الماضية؛ منها إنتاج TOGG أول سيارة كهربائية محلية الصنع، وافتتاح أول مصنع لمادة كربيد البورون– أحد أهم المواد المستخدمة في الصناعات الدفاعية-.
الوعود باقتصاد أفضل وعلاقات دولية أقوى، مع الترويج لخطة إعادة إعمار سريعة وشاملة في نظر الحكومة الحالية هو الحل لاستعادة ثقة الناخبين، في الوقت نفسه الذي تتهم فيه الصحف الموالية للنظام تحالف المعارضة بضم عناصر كردية إرهابية. لكن الصندوق في النهاية سيقرر إن كانت الحملة الدعائية الجديدة ستشكل فارقًا أم سترجح كفة المعارضة، وتصبح تركيا تحت قيادة جديدة بعد عقدين من سيطرة السلطة السياسية الحالية.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال