مفيد فوزي .. السيد باكمنستر مازال حيًا
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
القبو مسكنه .. يرقد في الكهوف تحت الأرض، ويناضل في حروب لا يعلم أحد عنها شئ، في كل منطقة من جسده ندبه من معركة قديمة لازالت تذكّره بتاريخه الطويل إن نظر في المرآة .. ينظر إلى المدينة من أعلى نقطة ليجد الأطفال يلعبون وتخرج من خزائن ذاكرته ألبومات الصور القديمة ليبتسم نصف ابتسامه ويردد بينه وبين نفسه : الآن يمكنني النوم بعمق بعد أن تركت لهم الراية مرفوعة ناصعة!
لحظة .. لا .. لا يمكنني النوم بعمق، كما لا يمكن للأطفال أن يتركوا اللعب بالكرة ويحملون هموم المعارك على عواتقهم .. لكنني أسمع أصواتهم من بعيد .. غبار دبيبهم قادم من بعيد .. إذًا لابد أن أنزل إلى القبو مرة أخرى .. المعركة لم تنتهي بعد .. أراكم في لحظات أجمل .. وداعًا !
هكذا كان “باكمنستر” .. تلك الشخصية التي ظهرت في عدة أجزاء من سلسلة أفلام الإنميشن “ice age“ .. الرجل المتواجد في كل العصور .. منذ عصر الديناصورات ووّلّته الطبيعة مسؤولية الحرب عليها، الوحوش الرابضة في القيعان وبين الشقوق .. وعلى الرغم من صغر حجمه، لكنه كما يقولون (عُقر)، يفهم (الكِفت)، ويعرف أين يخبئ العفريت الأزرق ابنه .. يعتبر واحد من أهم مقتفي الأثر، يمشي بين الديناصورات ولا يلمح أحدًا منه طرفا، ويفتح (المندل) ويعرف ما يضمر القدر تحت إبطيه، وهو قارئ عتويل للتاريخ والأسطورة والنبوءة .. ينظر إلى السماء فيعرف ما تشير النجوم لحركة الفلك والملاحة، وهو قائد لا يشق له غبار لأي مجموعة، ومدير ورئيس قسم في توزيع الأدوار المناسبة على الأشخاص المناسبين .. وتخلل شخصيته اعتزاز كبير بالذات حتى إنه ومن فرط حجم مهاراته يتوهم أنه فكّ شفرة لغة الطير والسمك والحجر.. وأنه قد عرف فوق العلم علم ، وفاق عقله السماء، وتجّذرت حكمته تحت الأراضين .. لكنه في النهاية .. السيد “باكمنستر” .
ونطير من العصر الجليدي لعصر السوشيال ميديا .. من يصدق أن السيد مفيد فوزي، الوجه المعروف للأجيال السابقة على صفحات الجرائد، وصاحب أهم برنامج على استمر لسنوات وسنوات بنفس وهجه وبريقه “حديث المدينة” .. من يصدق أن هذا الصحفي الإعلامي حجز لنفسه مكانًا في عالم ساحر جديد لا يعترف بأي قية أو قامة، ولا يأبه لقلم كدّ وتعب بكل حرف كتبه .. ولا لجهود بُذلت في سبيل توصيل الصورة والمعلومة في زمن شحّ فيه الميديا بمختلف أشكالها .. وعلى الرغم من ذلك فإن السيد “باكمنستر” .. أقصد : مفيد فوزي، حجز له مكانًا فينسبة التفاعلات الكبيرة، سواء عن تصريحاته التي مازالت تؤخذ على محمل الجد أحيانًا وهزلًا أحيانًا أخرى، لكنه بشكل أو بآخر مازال مطلوبًا من جيل لا يعرف مفيد فوزي ولا سمع عن الصحافة الورقية وربما لا يعرف معنى كلمة “صحافة” من الأساس .. صحيح أن متلازمة الزمن الجميل لازالت تحضر وبقوة في خطابه ونبرات صوته .. والاعتزاز – المبالغ فيه أحيانًا – بالنفس، وعدم إدراك مفردات العصر كما قال قبل ذلك أنه مازال مكتشفًا جديدًا لما تسمى “السوشيال ميديا” .. لكنه – ويا للعجب – مازال مفيد فوزي ! .. مازال السيد باكمنستر حيًا !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال