مقال غير سياسي لكن يتحدث عن السياسة
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
منذ انتشار أخبار عن إصابة أول مواطن صيني بمرض كوفيد – 19 أو فيروس كورونا المستجد كما عرف إعلاميًا، وبدأت الشائعات تمطر من السماء على مصر حيث بدأت الشائعات خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض القنوات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، تتحدث عن عشرات المصابين بفيروس كورونا في مصر، ووصل الأمر إلى الأخبار الكاذبة التي نشرتها صحيفة الجارديان وتتحدث عن 19000 إصابة تقريبًا في مصر، وفي نفس الوقت خرجت الجهات المعنية تطمئن الشعب بعدم وجود أي حالات في مصر، وأن وزارة الصحة على أتم استعداد للتعامل مع الكورونا في حالة ظهور حالات.
اقرأ أيضًا
“كورونا” بين الشائعات والانتفاع والهبد مستمر
ولكن المواطن المصري غير المسيس وجد نفسه في حالة من التيه فهو لا يصدق البيانات التي تصدر من وزارة الصحة، وأيضاً لا يصدق ما ينشر عن مصر من الخارج، وهنا علينا أن ندرس لماذا وصلنا في مصر إلى هذه الحالة؟
لماذا فقد المصريين ثقتهم في تصريحات المسؤولين
في عام 2010 وقبل ثورة 25 يناير بأقل من شهر، نشر موقع بوابة الأهرام تحقيق صحفي تحت عنوان “إنفلونزا الخنازير… الصحة تهون والضحايا يتساقطون” وكان التحقيق يعرض فشل الحكومة في مواجهة مرض “إنفلونزا الخنازير” وكيف وصل التخبط بالمسؤولين بإعلان عدد الأشخاص الذين توفوا بسبب الإصابة بهذا المرض، وبعدها بأيام يخرج وزير الصحة آنذاك “حاتم الجبالي” مؤكدًا على أن مصر قد تعافت كليًا من هذه الأزمة مع تحول الفيروس إلى إنفلونزا عادية. بعد هذه الأزمة بأيام وقع تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية… هذا الحدث المؤسف الذي مازال لغزًا حتى يومنا هذا، وأيضًا خلال هذا الحادث الإرهابي ظهر التخبط الحكومي في الإعلان عن منفذي الحادث، فقد خرج علينا وزير الداخلية آنذاك “حبيب العادلي” ليتحدث عن العثور على نصف وجه أفغاني الملامح.
ما ذكرته في الأسطر السابقة مجرد أمثلة بسيطة عن تخبط المسؤولين على مدار عشرات السنوات الماضية، مما جعل المصريون لا يثقون في كلام مسؤولي حكوماتهم، بل وصل بهم الحال إلى عدم الاهتمام بتصريحات المسؤولين من الأساس مهما كانت خطورة الموقف.
أدى كل هذا في بعض الأحيان إلى استخدام “تصريحات المسؤولين” كمادة للسخرية في بعض الأعمال الفنية وهنا علينا أن نتذكر مشهد الفنان الراحل محمود عبد العزيز في فيلم “خلطبيطة” ربنا يخلي المسؤولين.
الجانب المشرق في الكورونا
قد يتعجب البعض من هذا العنوان الغريب، فكيف سأتحدث عن جانب مشرق ونحن نواجه وباء يهدد البشرية… الحقيقة أن هناك جانب مشرق سيكون من المجحف ألا أتحدث عنه، وهو أن أداء الدولة المصرية منذ بداية الأزمة وجميع خطواتها جديرة بالاحترام، فلقد تعاملت الدولة داخلياً وخارجياً من منطلق مسؤوليتها كدولة تعمل على تثبيت قدميها على الخريطة العالمية، كدولة “محورية” تستطيع المحافظة على شعبها.
اقرأ أيضًا
تعرف على أهم إجراءات الحكومة المصرية في مواجهة فيروس كورونا
لا أنكر أنني أفتخر وبقوة بالإدارة الحكيمة التي تتعامل مع هذه الأزمة، بداية من التوعية والشفافية في إعلان كل ما يخص فيروس كورونا على العلن، فمن المبشر للغاية أن موقف الدولة المصرية اختلف تمامًا في التعامل مع الأزمات، أتذكر جيدًا عندما هاجم مصر فيروس أنفلونزا الطيور وأيضاً أنفلونزا لخنازير اكتفت الدولة آنذاك بأن تعلمنا طريقة غسل الأيدي، لم تعطل الدراسة ولم تغلق الأسواق، على عكس الاحتواء الرائع للموقف الذي تقوم به الدولة المصرية الأن، فكل المصرين داخل مصر وخارجها يشعرون بأن لهم دولة يمكنهم أن يعولوا عليها، واعتقد أن الدولة بهذا تسعى إلى استرجاع الثقة بينها وبين الشعب.
ماذا يحتاج المواطنين من الدولة ؟
رغم السعادة التي يشعر بها المواطنون تجاه مواقف الدولة، إلا أن هناك أمور أخرى طال الصمت عليها وحان وقت الاشتباك معها، فقد خرجت دعوات تطالب بالعفو الفوري عن المسجونين بشكل احتياطي داخل السجون المصرية، وذلك لحماية المسجونين وأيضًا الضباط والعاملين في السجون من حدوث كارثة حقيقية داخل الزنازين، وحتى نكون منصفين، فمنذ خروج هذه الدعوات تم الافراج بالفعل عن 15 شخص من المحتجزين على ذمة قضايا سياسية.
من ناحية أخرى هناك حالة من التخبط يعيشها المصريين مع اقتراب انتهاء الشهر وما يتبع ذلك من التزامات مادية على المواطن سدادها، فهل سيخرج قرار رئاسي يصب في مصلحة المستأجرين والعائلين لأسرهم؟!
علينا ألا نضيع الفرصة
نداء إلى كل العقلاء من المصريين، المعارضين والمؤيدين والمسؤولين، المجتمعات تتغير وقت الأزمات والحروب والخطر الحقيقي، نحن أمام فرصة ذهبية لأن ننحي كل خلافاتنا ومشكلاتنا، وأن نجعل هذه الأزمة نقطة انطلاق جديدة لمجتمعنا، فكم من شباب يعيشون في حالات من الإحباط بسبب أحداث الأعوام السابقة، علينا أن نلتقط أنفاسنا ونعلم جيدًا أن همنا جميعاً هو الوطن، ولا ينهض الوطن طالما لم نفتح صفحة جديدة جميع أطرافها يعرف جيداً حقوقه ووجباته.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال