مقاهي الدِش .. السبوبة المصرية الأشهر في التسعينات
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أنت الآن في مصر التسعينات، أو بالأحرى بالعام 1995 (وانت طالع)، حيث الطبق اللامع على أسطح بعض البيوت المميزة، وظل يتكاثر هذه الطبق اللامع – الذي صدئ بعضه- حتى كسى الأجواء فصنع طبقة عازلة بين القاهرة وسماها، وأصبح البيت (معدوم الطبق) هو البيت المميز وليس العكس.. الدِش وما أدراك ما الدِش .. صناعة كاملة دخلت مصر برجالها، بوعيها، بتأثيرها، بتغييرها، بسحرها، قلبت موازين رأس المواطن المصري، التغذية البصرية التي تحولت (محشي بصري)، خراب الفوضى ومتعة الإتاحة معًا .. محلّات الصيانة التي استفادت – حتى الآن- استفادى مباشرة، ومحلات الفيديو التي أغلقت أبوابها وكتب الطبق اللامع نهايتها .. اهلًا بك في مصر التسعينات.
كان سعر طبق الدش يتراوح بين العشرين إلى خمسة وعشرين ألف جنية، في بداية ظهوره، وكان صاحب الدش هذا كصاحب الكورة، يجتمع عنده الأصدقاء بهمس وباحترام مبالغ فيه للمنزل وأثاثاته، وإلا حرمان كامل من ذلك (البونص)، ويحوّل الإنسان من إنسان عادي إلى (إنسان بشَرطَة) .. وارتبط الدِش منذ ظهوره بالرغبة في مشاهدة المحتوى الجنسي على الشاشات بعد أن تحكّم مقص الرقيب في الدراما والسينما ومزاج الشاشات العام لمدة عقود متتالية .. ومن ثَم بدت إرهاصات دفع سهم الرغبة في مشاهدة مثل هذا المحتوى من المجلات الأجنبية التي تُغلف بالبيكيني والهوت شورت والميكرو منّه.
توفيرًا للنفقات، وبالطريقة المصرية المتفرّدة، ألا يجوع غلبان ولا يبيت أحدهم بدون عشاء .. فكانت فكرة “المقاهي الجنسية” ، وفيها نوعين من الحجز، النوع الأول هو الجلوس لتشرب قَص وكوب الشاي، والنوع الآخر هو الجلوس بمشروبك مشاهدًا الدِش، ووقتها يرتفع سعر المشروب والشيشة .. وكتبت جريدة الجمهورية أحد أشرس المقالات الصحفية وقتها، بعنوان “مقاهي الجنس .. مليئة بالمتزوجين” .. وكُتب بقلم “محمد المطيري” :
في أماكن جديدة بالقاهرة، والمدن الكبرى .. بل والقرى أيضًا انتشرت “مقاهي الدش” .. لم تعد مقاهي بالمعنى المعروف لرواد المقاهي كمجرد جلسة وراحة بمشروبات ساخنة وباردة .. بل مكان للبحث عن المتعة الجنسية من خلال مشاهدة الأفلام الجنسية التي تعرضها بعض القنوات الخاصة من خلال الدِش! .. عندما يبدأ عرض الأفلام يتم توزيع المشروبات “إجباريًا” على جميع الموجودين بالمقهى ويكون سعر المشروبات “مضاعفًا” .. ومن يرفض يأمر صاحب المقهى بمغادرته فورًا وكأنه يطرده من الجنة .
وفي أحد المقاهي وجدت رجالًا متزوجين يشاهدون هذه العروض سألت أحدهم واسمه (علي) فقال إنه حضر للمقهى لأول مرة في حياته ولا يعرف أن هناك أفلامًا جنسية ستُعرض وهو قادم لمشاهدتها، وأضاف لا أتحدث عن نفسي ولكن هناك متزوجين يشاهدون هذه الأفلام لأنهم لا يجدون المتعة في بيوتهم فيبحثون عن المتعة أثناء المشاهدة .. ولن أكرر هذه المشاهدة مرة أخرى لكني أتيت كنوع من الفضول .. ولست وحيدًا الذي قرر ذلك بس هناك الكثيرين.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال