مكتبات الشوارع في الفكر الإسلامي.. هكذا رآها الحكام
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
بجانب المحطة تكون مكتبات الشوارع، أو على ناصية الشارع توجد مكتبة، تتميز بوفرة العلوم ومجانية القراءة، والاستعارة مكفولة للجميع، وربما كانت أوروبا في العهد الحديث نجحت في التسويق لنفسها على أنها هي من اخترعت هذا النظام بعد انهيار الدولة العثمانية، في إشارة إلى أن الأيدولوجية الشرقية لا تحترم تثقيف الناس.
حقيقة التاريخ أن مكتبات الشوارع كانت من العلامات المميزة في تاريخ الحضارة الإسلامية، ومن قبل حتى أوروبا والدولة العثمانية، خاصةً حينما تحولت مكتبات الشوارع إلى أوقاف، لكنها لم تُعْرَف باسم مكتبات الشوارع وإنما باسم “المكتبات الوقفية”، وتطور اسم المكتبات الوقفية بحسب الظروف وطرأ عليها أسماء متعددة منها “خزانة الكتب، وبيت الكتب، ودار الكتب، ودار العلم، وبيت الحكمة”.
لا يوجد أصل في تاريخ مكتبات الشوارع عند المسلمين، لكن يعتبرعلي بن يحيى بن المنجم كاتب الخليفة المأمون هو أول الذي أنشأ مكتبة مجانية وجعلها وقفا في سبيل الله، وخصص لها مالًا لمن يذهب إليها، ويشير السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء، أن علي بن يحيى قرر في وثيقة الوقف القائم عليها على أن من يفد إليها يحق له الإقامة فيها وأخذ نفقته من وقفها.
في عهد المتوكل العباسي كرر علي بن خاقان ما كان في عهد المأمون، لكنه كان أكثر اهتماماً، حيث قرر اقتطاع جزء من ثروته لإنشاء مكتبة مجانية في مدينة سامراء لطلاب العلم، وقد جلب لها الكثير من الكتب التي نسخت من مكتبات بغداد.
ويذكر الكاتب مصطفى الأنصاري في دراسته عن المكتبات الوقفية المجانية، وصف الرحالة بن جبير عن دور مصر في تطوير هذه الفكرة، حيث قال “ومن مناقب هذا البلد ـ أي مصر ـ أن الأماكن في هذه المكتبات قد خصصت لأهل العلم فيهم الذين يأتون من أقطار بعيدة، فيلقى كل واحد منهم مكانا معدا لإقامته، ومالا ينفق منه، كذلك أمر بعض سلاطينها بتعيين حمامات لرواد المكتبات يستحمون فيها، وخصص لهم مستشفى وأطباء لعلاج من مرض منهم، وخصص لهم الخدم لقضاء حاجتهم”.
فكرة مكتبات الشوارع تطورت بمصر لتصل لمرحلة تخصيص مباني بجوارها للمطالعة مثل قاعة بن مليس الفاطمي، والتي جعلها للباحثين والناشئين، وشجعهم على هذا عن طريق صرف مميزات مالية لهم، ومن المكتبات المجانية المشهورة في تاريخ المسلمين مكتبة بني عمار في طرابلس الشام، والتي كانت آية في السعة والضخامة، ويقال إنها اشتملت على مليون كتاب.
إقرأ أيضاً
هل التاريخ الإسلامي له علاقة بصدق العقيدة ؟ “جدلية الإيمان بالله والحكايات”
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال