همتك نعدل الكفة
151   مشاهدة  

ملف الأغنية الشعبية في مصر (5) : محمد رشدي النقلة الأولى في الأغنية الشعبية

محمد رشدي
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



حتى ستينيات القرن الماضي كان الغناء الشعبي يسير بجانب المونولوج العاطفي والأغنية المسرحية الطويلة، لم يحقق نجاحات ضخمة توازي ما حققته القوالب الغنائية الاخرى المسيطرة على الجماهيرية الأكبر، حتى ظهر المطرب محمد رشدي والذي كان بداية سيطرة هذا اللون على المشهد الرسمي للأغنية المصرية.

كان والد رشدي محبًا للغناء وكان يقطع المشاوير من قرية إلى قرية للإستماع إلى المداحين والصييتة وكان الابن رفيقه في تلك الرحلات الليلة، عشق الطفل “محمد رشدي” المواويل وكان يحفظها ويرددها بين أقرانه وكان ينتظر المولد الذي كان يمثل حالة خاصة جدًا ساهمت في تكوينه بداياته حتى أنه كان يمنى نفسه بأن يصبح في يومًا من الأيام مطربًا في الموالد، تغيرت رؤية الطفل قليلًا عندما استمع إلى ليلى مراد لأول مرة وهي تغني “ياما أرق النسيم” في فيلم “يحيا الحب 1938” فسحره صوتها وبدأ يحفظ أغانيها ويرددها في كافة التجمعات في مدينة دسوق، ويقول رشدي عن تلك المرحلة ان ليلى مراد “فتحت عيني على غنا مختلف عن غنا الموالد والصييته”.

ذاع صيت الصبي “محمد رشدي” حتى التقطه معاون الصحة  محمود الدفراوي وهو بالمناسبة عم الممثل “محمد الدفراوي” حيث تعهد رشدي بالرعاية حيث علمه العزف على العود ودربه على النطق الصحيح وقام بتحفيظه الموشحات والأدوار القديمة ونبهه إلى ضرورة التحكم في الصوت أمام الميكروفون ثم كون رشدي أول فرقة غنائية صاحبته في الأفراح حتى ذاع صيته بين القرى والمدن الأخرى.

بتوصية من النائب في مجلس الشيوخ “فريد زعلوك” انتقل رشدي إلى القاهرة للالتحاق بمعهد الموسيقى، ثم كانت النقطة الفارقة في مسيرته عندما تقدم إلى اختبارات الإذاعة عام 1951، ونجح في تقديم أولى أغنياته “سامع وساكت ليه ” التي لحنها بنفسه من كلمات حسين طنطاوي، واظب رشدي على تقديم أغنية نصف شهرية للإذاعة نظير 17 جنيهًا، حتى قدم أغنية “قولوا لمأذون البلد” التي كانت بداية معرفة الجمهور به، نجحت الأغنية لكن انتشارها الأكبر كان صبيحة يوم 23 يوليو عندما غناها رشدي في الإذاعة فأصبحت على كل لسان.

YouTube player

ظل رشدي عدة سنوات اسيرًا لنجاح أغنية “قولوا لمأذون البلد” حتى أطلقت عليه الصحافة مطرب الأغنية الواحدة، تعلم رشدي الدرس جيدًا من صديقه عبد الحليم حافظ الذي كان يمتلك مشروعًا غنائيًا خاصًا به ورغم الفتور الجماهيري الذي قابله في البداية حتى أن رشدي كان أشهر منه وقتها إلا أن عبد الحليم صمم على استكمال مشروعه حتى أصبح قطبًا جماهيريًا ضخمًا، من هنا بدأ رشدي يرتب أوراقه من جديد لكن القدر كان أسرع منه حيث نجا من الموت باعجوبة بعد ان انقلب به أتوبيس كان يقلهم لدى العودة من فايد بعد أن أحيا حفلًا ساهرًا صحبة المطربة ليلى فهمي. 

ظل رشدي طريح الفراش عدة شهور وكان يسير على عكازين أثناء ذهابه إلى الإذاعة لتقديم بعض الأغاني لكنه كان لازال في ذهنه فكرة مشروعه الغنائي الخاص حيث لم يكن راضيًا عما يقدمه للإذاعة لأنه كان يهتم بالمقابل المادي ولا يهتم بالكلمات أو الألحان.

بدأ الأمور الصحية في التحسن مع تقديمه ملحمة أدهم الشرقاوي للإذاعة التي جاءت بترشيح من حسن الشجاعي المشرف على مراقبة الموسيقى والغناء في الإذاعة ثم قدم أغنية “تحت الشجر يا وهيبة” من كلمات عبد الرحمن الأبنودي والحان عبد العظيم عبد الحق والتي كانت بمثابة النقلة الأولى في الأغنية الشعبية المصرية.

YouTube player

كانت أغنية “تحت الشجر يا وهيبة” إعلانًا لبداية حقبة جديدة في الأغنية المصرية، وأن المرحلة القادمة سوف تشهد تغييرًا في شكل الأغنية المصرية وأن الظروف السياسية والإجتماعية تحتم ظهور أغنية جديدة بملامح شعبية تستقي معالمها من الفلكلور بتبسيط في الخطاب النغمي والشعري المستوحى من التراث، لاقى هذا الاتجاه دعمًا من مؤسسات الدولة التي كانت تعد رشدي كي يكون مطرب المرحلة، صوت شعبي ملتحم مع طبقات الشعب من عمال وفلاحين يعكس الخطاب الرسمي للنظام الذي كان يرى في زعيمه عبد الناصر البطل الذي يمثل الشعب.

إقرأ أيضا
كشري أبو طارق

انطلق رشدي صحبة بليغ حمدي الذي وجد ضالته في الفلكلور هو الاخر وصنعا معًا عدة قنابل فنية  في اغاني عدوية،طاير يا هوى، ع الرملة،مغرم صبابة، ميتى اشوفك،أصبح صوت رشدي رمزًا لتلك المرحلة حتى أنه أجبر عبد الحليم على التحول إلى هذا اللون حيث نزع منه سلاحه المهم الثنائي “الأبنودي و بليغ” في محاولة لمنافسة شعبية رشدي التي كانت في تزايد مستمر.

مع ثورة الأغنية البديلة في السبعينات خفت نجم رشدي خصوصًا بعد ظهور المطرب أحمد عدوية واقتصر ظهوره على حفلات التلفزيون وأضواء المدينة حتى عاد في التسعينات ليقدم بعض أغنياته الشهيرة بتوزيعات حديثة ، ثم أصدر  ألبومين “دامت لمين ، قطر الحياة” تعاون فيه مع بعض رموز أغنية التسعينات كنوع من إثبات الحضور أمام جيل الأغنية الشبابية، لكن كان الأوضاع الغنائية قد تغيرت مع ظهور جيل جديد من الاغنية الشعبية لكن في النهاية يظل محمد رشدي صاحب النقلة الأولى المهمة في شكل الأغنية الشعبية المصرية.

الكاتب

  • محمد رشدي محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان