مناظرة عرفات ومحارب في جزيرة غمام .. “فض الاشتباك الديني بين المؤيدين والمعارضين”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أثار مشهد مناظرة عرفات ومحارب في جزيرة غمام بين محارب ويسري حول أركان الوضوء والصلاة ومسألة الخلوة، لغطًا على السوشيال ميديا بين مؤيدٍ لما قيل ومعارض له من النواحي الدينية.
اقرأ أيضًا
“مناظرة السلفية والصوفية” ليت مسعود شريف مكة كان مثل عجمي في جزيرة غمام
على وجه اليقين فإن مشهد مناظرة عرفات ومحارب في جزيرة غمام كان ممتازًا من الناحية الفنية، لكن لا صلة له بدين أو تصوف، ووقع المؤيدين والمعارضين للمشهد في خطأ مشترك، فالمؤيدين تصوروا أن هذا دينًا، والمعارضين اعتبروا المشهد خبيثًا من يحض على التهاون في شأن شعائر الله.
تقييم مناظرة عرفات ومحارب في جزيرة غمام
على وجه اليقين فإن مشهد مناظرة عرفات في جزيرة غمام كان ممتازًا من الناحية الفنية، لكن لا صلة له بدين أو التصوف، ووقع المؤيدين والمعارضين للمشهد في خطأ مشترك، فالمؤيدين تصوروا أن هذا دينًا، والمعارضين اعتبروا المشهد خبيثًا من يحض على التهاون في شأن شعائر الله.
فنيًا لن يكون منطقيًا أن يقوم عرفات بالإجابة على أسئلة يسري من حيث حكم تارك الصلاة أو المتكاسل عنها، أو تحديد سنن الوضوء (وهي ليست 1000 سنة)، لأن عرفات بغض النظر عن كونه درويشًا، هو بنفسه قال أنه ليس عالمًا ولا شيخًا.
لم يشذ علماء الصوفية عن علماء الفقه في مسألة حكم الصلاة فجميعهم بلا استثناء أكدوا على أنها فرض وركن من أركان الإسلام، بل وبعض علماء الصوفية تكلموا عن فقه الصلاة والضوء، فمثلاً الشيخ غبدالقادر الجيلاني له كتاب بعنوان الغنية لطالبي طريق الحق حدد أن للضوء 10 أركان و 10 سنن، بينما للصلاة 15 ركن و 9 واجبات و 14 سنة، بالتالي فعلماء الصوفية الأقحاح لم يختلفوا عن علماء الفقه في شيء، بل وبعض الصوفية هم علماء في الفقه أصلاً.
الصوفية من حيث حكم الصلاة لم يختلفوا عن علماء الفقه، بل زادوا أمورًا روحية أخرى بما في ذلك وضع القلب، وأبرز من ذكر ذلك أبو نصر السراج الطوسي في كتاب اللمع حيث قال «الصلاة بحضور القلب والابتعاد عن الوساوس والغفلة، واستحضار مراقبة الله عز وجل، مع الخشوع والهيبة والتعظيم له جل وعلا، فهي عماد الدين، وقرة عين العارفين، وزينة الصديقين، وتاج المقربين، ومقام الصلاة مقام الوصلة، والدنو، والهيبة، والخشوع، والخشية، والتعظيم، والوقار، والمشاهدة، والمراقبة والأسرار، والمناجاة مع الله تعالى، والوقوف بين يدي الله تعالى، والإقبال على الله تعالى، والإعراض عما سوى الله تعالى».
بالتالي فإن رد عرفات ليس له صلة بالتصوف أو الدين خاصةً جملة «ربنا لو عاوز يشوفك هتصلي، لو مش عاوز مش هتصلي»؛ وتلك الجملة فيها لغط كبير حيث أن الله لا يحتاج عبادةً من أحد بنص القرآن الكريم فالله يقول «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا»، والحديث القدسي يقول «يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا».
أما كلام عرفات عن الخلوة بين الرجل والمرأة فهو كلام عام لا يمت للدين بأي صلة، ودار الافتاء سبق وأن تناولت مسألة الاختلاط بين الرجال والنساء فقالت الاختلاط بين الرجال والنساء له ضوابط، إذا روعيت كان جائزًا شرعًا»، وحددت «دار الإفتاء» عدة ضوابط جاءت على النحو التالي، عدم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه وحدهما في مكان يأمنان فيه من إطلاع الناس عليهما، واحتشام المرأة وسترها عورتها، وغض البصر عن إمعان النظر بشهوة، سواء من قِبَل الرجل أو المرأة، وعدم العبث بملامسة الأبدان كما يحدث في بعض المناسبات».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال