منة البزاوي: أرسل لي جدي رسالة شكر بالمنام..وأبي مكتبة سينمائية متنقلة وأخي مثلي الأعلى
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يظن الناس أن الكاتب الساخر كالممثل الكوميدي؛ يستطيع تحويل كل مشكلاته وأوجاعه لنكتة أو كلمة ساخرة. الكاتب الساخر “محمود السعدني” رحمه الله لم يُحب أبدًا النكد، ورغم ذلك كان يطارده خاصة في منفاه، فأرادت حفيدته بعد رحيله أن تعبر عن الجزء الذي لم يستطع هو وعائلته تحويله أبدًا إلى نكتة، ولكنهم بالنهاية انتصروا عليه بالحب والفن.
بحدوتة حقيقية كلها حب تزوج الممثل والكاتب الموهوب “محمود البزاوي” من المذيعة الجميلة “هالة السعدني” ابنة الكاتب الراحل محمود السعدني. تسابقت الأيام مع بعضها البعض حتى أنتجت ابنتهما “منة البزاوي” أول فيلم لها “جدي الشقي” كمشروع قدمته بورشة لتعلم الإخراج بالجامعة.
حصلت منة التي مازلت تدرس الإعلام بإحدى الجامعات الخاصة على جائزة أفضل فيلمًا وثائقيًا بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، وكانت الجائزة وشعار المهرجان “هيباتيا” المناضلة السكندرية الشهيرة؛ لذلك كان لابد للميزان أن يحاور العنصر النسائي الذي فاز في المهرجان.
1_لم اخترتِ فترة المنفى بالتحديد كفكرة أساسية لفيلمك من حياة محمود السعدني؟
هذه الفترة مازال لها وقعًا وتأثيرًا سلبيًا على أهلي إلى الآن؛ حرمتهم من تكوين صداقات كما وضح خالي بالفيلم، والعيش ببلدهم لسبع سنوات بفترة هامة من حياتهم. درسوا ببلد آخر، وعايشوا عادات مختلفة؛ لذلك شعرت أنها أهم فترة بحياة جدي وعائلتي الصغيرة معًا للتحدث عنها.
2_جاء الفيلم لطيفًا وارتجاليًا تمامًا كلقائات محمود السعدني التلفزيونية، وعن هذا التعليق قالت منة:
الفيلم يدور حول العائلة؛ لذلك ظهر الحديث من الذاكرة والقلب بشكل ارتجالي، و كنت قد وضعت سيناريو وأسئلة للفيلم، وسألت أمي وخالتي هالة وأمل السعدني من هذه الأسئلة، ولكن قرر خالي “أكرم السعدني” التحدث بأريحية عن هذه الفترة ولم يرد الإجابة عن أسئلة محددة، وكانت وجهة نظره سديدة، حيث أضاف حديثه للفيلم بعدًا مُختلفًا.
3_علق البعض من الجمهور أنهم انتظروا المزيد من حياة “محمود السعدني” ليروه بالفيلم وهذا لم يحدث عكس تصوراتهم، فما ردك على ذلك؟
_بالأساس كانت فكرة الفيلم عما تعرض له أولاده بالغربة، وعن معاناته بهذه الفترة التي سماها “المنفى” وليس عن حياته كلها، أو عن محمود السعدني الكاتب، ولكننا حاولنا التحدث عن تاريخه في عجالة بما يتناسب مع فكرة الفيلم. عنوان الفيلم “جدي الشقي” والشقي هنا من الشقاء والتعب الذي عانى منه بهذه الفترة
4_ وهل هناك مشروعات قريبة لعرض حياته ككاتب بفيلم وثائقي طويل؟
هذه الفكرة تراود أخي منذ زمن، وعندما بدأت رحلتي مع فيلمي “جدي الشقي” لم يكن واثقًا تمام الثقة من رؤيتي للفيلم حتى شاهده بعد المونتاج، وكنت أسأله دائمًا عن رأيه أثناء التعديلات. بالمستقبل القريب سنعمل سويًا على فيلم وثائقي طويل عن حياة محمود السعدني كي يعرف الناس عنه أكثر.
5_تسبب الرئيس السادات في نفي جدك خارج البلاد، فهل توقعتِ الجدل الذي حدث بعد عرض الفيلم بالمناقشة بسبب مشهد واحد يخص ردة فعله على اغتياله؟
لم أتوقع كل هذا الهجوم، وقد وضح خالي بالمشهد أن جدي دخل في نوبة بكاء حادة بعد استيعابه لخبر اغتيال الرئيس الراحل السادات، وكانت رقصته من أجل فرحته لنفسه؛ لأنه يعي جيدًا بموت السادات سيعود لأرض بلده بعد ما تعرض له من صعوبات في غربته بسبب مشكلته معه. وقد حرصت على عدم التطرق لحكي المشكلة وأسبابها، بل توضيح معاناة أسرتي مع أثر هذه المشكلة، وقد كان جدي رحمه الله أكثر الناس حرصًا على ذكر مميزات السادات بلقائته التلفزيونية وإنصافه رغم كل ما مر به بسبب المشاكل التي حدثت بينهما.
6_”الوطن الصغير هو الأسرة؛ الأب والأم والإخوات” هذه الجملة ذكرها خالك “أكرم السعدني” بفيلمك، فكيف كان دور أسرتك في دعمك وتكوين شخصيتك؟
أعتبر أبي مكتبة متنقلة للكتب والحواديت، ومكتبة سينمائية تطل بنا على عالم جديد من الأفلام التي لا يعرفها الكثير من الناس، وقد ساهم في مساعدتي على اكتشاف هوايتي وطريق حلمي، وكذلك أمي التي عملت مذيعة لسنوات طويلة، وتقوم بمساندتي دائمًا.
7_يبدأ فيلم “جدي الشقي” بتعليق صوتي لأخيكي “أكرم البزاوي” ولقاء يجمعه بجدكما في طفولته، فهل كانت مشاركته بالفيلم فكرته أم فكرتك؟
قبل تقديم الفيلم بالمهرجان شعرت أنه يحتاج المزيد من التوضيح عن حياة جدي، وليس فقط حياة أبنائه. وقد كان أكرم أقرب أحفاده لقلبه، ووجدته الشخص المناسب لتقديم التعليق الصوتي ليشرح للناس في دقيقتين “من هو محمود السعدني” وأحببت أن أبدأ الفيلم بعرض جزء من لقائه مع أخي ليعرف الناس جدي الحنون الذي كان يتعامل مع أكرم كما قال كأخر أصدقائه. وتفاجئت بتعليقات الناس الإيجابية على صوت أكرم الذي كان مُناسبًا لحالة المشهد والحنين إلى الماضي. و ازدادت علاقتنا ترباطًا بعد الفيلم، و أعتبره مثلي الأعلى.
8_كيف كانت رؤيتك لتصوير الفيلم؟ وهل تتفقين معي أن المونتاج كان بطل الفيلم الأول؟
أحببت أن أصور كل شيء كما هو ببيت العائلة، وصورت مع خالي بمكتبه الخاص كي يخرج الفيلم بطبيعة ملمحها إنساني وعائلي. أتفق أن المونتاج لعب دورًا هامًا، وقد كانت فكرة استخدام مقاطع من برنامج “حكايات السعدني” لأكرم أخي، ومن قام بالمونتاج وبذل مجهودًا رائعًا حتى يخرج الفيلم بهذا الشكل المونتير “شهاب أحمد”
9_ ماذا عن ذكريات طفولتك مع محمود السعدني؟
مرض جدي وأنا عمري ست سنوات، وتوفى بعد أربع سنوات من مرضه. كنت مازلت طفلة صغيرة، ورغم ذلك أتذكر أنه كان أكثر شخص عرفته في نقاء القلب؛ كان يتفنن في اللعب معنا، والتنزه مع كل أحفاده. عاش معنا لفترة من حياته، وأتذكر أنه كان كثير السفر، وكنت أنتظره مع أحفاد العائلة بالشارع عندما يعود إلى بيتنا بعد سفره من فرط حمساتي لمقابلته.
10_ما تخيلك عن رأي محمود السعدني لو كان بيننا وشاهد الفيلم؟
أؤمن أن أرواح من فارقونا يعرفون أخبارنا ويستشعرون ما نقوم به من أجلهم. وبيوم ما قرأت له الفاتحة وتمنيت أن يرسل لي إشارة واحدة حول رأيه فيما فعلت، فزارني برؤية وقد أرسل لي كل كتبه في طرد خاص كهدية، واستيقظت وأنا على يقين بسعادته بالفيلم
11_في حوار سابق لكِ قلتِ أن هذا الفيلم مجرد تجربة لإثبات موهبتك بالإخراج و إقناع والدك دخول عالم الفن، فكيف كان انطباعه بعد مشاهدته للفيلم وبعد معرفته خبر الجائزة؟
ساندني أبي بكل خطوة، واختار الأغنية التي عرضت بالفيلم، والتي كانت بالمسلسل الإذاعي “الولد الشقي” كلمات “صلاح جاهين” وكنت أحاول إثبات نفسي بالتجربة، وأنني يمكنني المحاولة في المجال الذي أحبه. فور مشاهدة أبي للفيلم اندهش، وشعر أنني قد أخذت الأمر بجدية، واتصل بي فور علمه بفوزي بالجائزة من فرحته بالخبر.
12_ والآن بعد فوزك بجائزة للفيلم الوثائقي، هل ستستمر خططك المستقبلية حول إخراج الأفلام الوثائقية؟ وما هي مشروعاتك بالأيام القادمة؟
منذ صغري وأنا عاشقة للأفلام الوثائقية، وبعد الجائزة زادت حماستي للدراسة والتطور، وسأسعى لإخراج المزيد من الأفلام الوثائقية، ومع الوقت سأحاول تقديم أفلام روائية أيضًا.
13_أعلن المؤلف الكبير “بشير الديك” عمله على مسلسل تلفزيوني عن جدك من خلال قصصه بكتاب “الولد الشقي” فما توقعاتك للمسلسل؟
“مبسوطة جدًا” وأتمنى اكتمال العمل وخروجه للنور، وأشعر بالتفاؤل منذ طرح الفكرة وحتى إعلانه عن التحضير لها.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال