منة شلبي في “تغيير جو”.. البحث عن الحب وأشياء أخرى
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
يستمر عرض حلقات “تغيير جو” في هدوء منقطع عن ترندات السوشيال ميديا، وهو شيء طبيعي أمام عمل كان متوقع منه أكثر مما قدمه حتى الآن. لا غبار على الأداء والشخصيات خاصًّةً دور شريفة بطلة العمل، والذي أتقنته منة شلبي كعادتها بموهبة طبيعية؛ إلا أن أجزاءً من الحبكة كانت قرش الملح الذي أفسد الطبخة.
تنويه: حرق للأحداث
تدور القصة حول شريفة (منة شلبي) مهندسة تصمم المتاهات، تضطر للسفر فجأة إلى بيروت ثم تتعرض لحادث سرقة يعطلها عن الرحيل. خلال إقامتها في فندق خالتها زوزو (ميرفت أمين) تلتقي فارس (صالح بكري) وخالد (إياد نصار). رجلان كلًا منهما يجذبها بطريقته الخاصة، فارس الرومانسي صاحب الدم الخفيف الذي ينجح في مواعدتها، وعلى الهامش خالد دكتور التاريخ الجاد دائمًا بشهامته المصرية.
مع مرور الأحداث يتضح أن خلف لطافة فارس وجه مخادع، يرغب في اللهو بعيدًا عن زوجته، التي تظهر بعد أن وثقت فيه شريفة لينكشف سره، وتنهار هي مع ضغوط كثيرة تعيشها بسبب فقدانها لكل أوراقها ومتاعب والدتها (شيرين).
اقرأ أيضًا
“تغيير جو” جولة في لبنان التي لا يعرفها أحد
محاولة لصنع بطلة من شخصية عادية
يحاول تغيير جو إلقاء نظرة على مصاعب العلاقات العاطفية، من خلال شريفة المترددة دائمًا والتي تهرب كلما ظهر أمامها رجل. البطلة هي الفتاة العادية بمخاوفها ومشاكلها، التي تتقدم خطوة وتتراجع عشرات أمام العلاقات خوفًا من السقوط في نهايتها. نجحت الشخصية في رسم الفكرة بالفعل، وربما رأت كل فتاة نفسها في شريفة؛ لكن الظروف المحيطة بالقصة جعلتها أقرب إلى بطلة مسلسل تركي منها إلى جمهورها.
ربما تعمد العمل جعل شريفة في طبقة مختلفة بتلك الملابسات، وفي تلك الحالة يكون قد نجح كبديل للمسلسلات التركية التي أفقدت الشابات عقولهن. لكن مريدي هذا النوع من الدراما لم يلتفتوا له، ولم تحقق شريفة ربع شعبية “إلتشين سانجو” مثلًا.
لنصبح أمام فتاة رومانسية لا تنتمي للطبقة المتوسطة ولا حتى فوق المتوسطة، تحاول تصدير المعاناة المادية في خلفية البحث عن الحب المفقود في حياتها. لذا استبعدها المشاهدون من قائمة الترندات أو بمعنى أصح الاهتمامات. في حين كانت ستصبح حديث الساعة لو ظهرت كفتاة عادية خدعها رجل بالكلام المعسول، ثم اكتشفت زواجه في بداية العلاقة. مشهد فضح حقيقة فارس وظهور زوجته بالحوار المصري، وبإضافة رد فعل أوقع يكسر الدنيا.
شريفة تشبهنا..
أدت منة شلبي شخصيتها في تغيير جو بشكل ممتاز؛ أشعرت المشاهد بساذجتها وحيرتها، حزن لحزنها وتعاطف مع مشاكلها، كما ابتهج بانتصاراتها الصغيرة وفكَّر معها في خطواتها القادمة. لمس تأثير الشعور بالحب عليها، وكيف تذوقت إحساس الأمان وأضاف لروحها نقطة مرح وتفاؤل، ثم انكسر أمام خيباتها وأحسَّ صدماتها. الحدوتة وإن كانت تدور في شريحة مجتمعية مرفهة؛ إلا أنها تعرض انكسارات عادية في كل طبقة تواجهها الشابات.
تواجه البطلة متاعب بالفعل تراها الفتيات مع العلاقات، مثل الرجل المخادع والذي غالبًا ما يكون مثالي بزيادة. يبهرها بمعاملتها كأميرة وتذليل كل مصاعبها؛ فتنخدع تمامًا كحال شريفة وتحاول البقاء مدة أطول مع هذا الحلم الجميل، حين فضلت البقاء بضعة أيام أخرى معه في بيروت. لوهلة اعتقدت أنها وجدت ضالتها لدرجة جعلتها تتغاضى عن التنبيهات، والعلامات المقلقة التي تؤكد أن تلك الشخصية غير حقيقية.
من داخلها كانت تدرك أن مثاليته أفضل من أن تكون حقيقة، لاحظت تهربه من وضع مسمى لعلاقتهم أو إقدامه على خطوة جادَّة لاستمرارها بعد سفرها؛ لكنها تغاضت واكتفت بوعد بالزيارة. تذِّكرنا بقرارات القلب الخاطئة التي أرهقت الكثيرات، وخدعة الرجل المثالي الذي ينسى أنه متزوج.
اقرأ أيضًا
“تغيير جو” دراما الحياة من داخل المتاهة وأغاني أمير عيد المميزة
ولا ننسى خالد الذي أظهرت أكثر من مرة إعجابها به، ثم تجاهلت مساعدته لها من أجل الاختيار الخاطئ. وكالمعتاد “المصري يكسب”، ويثبت أنه الشهم الجدع لتعود وتكون مشاعر نحوه.
طوال المسلسل تبحث البطلة عن الحقيبة، وعندما تقترب أكثر من أي وقت تجد نفسها أبعد من أن تصل إليها. إسقاط ذكي على علاقتها مع فارس وخالد؛ لذلك نجد الحقيبة تفلت من يديها وقد كانت على بعدخطوات في الحلقة التي اكتشفت فيها زواج فارس.
صحيح تمت معالجة قصة شريفة في واقع معين، لكنها قادرة على الوصول لقلوب الجمهور في أي واقع. البحث عن الحب نوعية مسلسلات تفضلها شريحة عريضة من المشاهدين، لو انتبهوا مدى سلاسة منة شلبي في تقديمها؛ لسيطر تغيير جو على جمهور الدراما التركية بسهولة.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال