من العبادات للمعاملات ..التقويم القمري في القرآن و السياسة الإسلامية

التقويم القمري هو التاريخ المعتد به في الإسلام، ذلك أن الله سبحانه وتعالى ذكر في محكم آياته عن مواقيت الناس وحساب الشهور في سورة البقرة”  يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ” والأهلة مفرد هلال والمقصود به هنا بداية الشهر الهجري، وفي موضع آخر قال تعالى في سورة يونس  :” وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ” والحديث هنا عن القمر فجعله الله منازل  يبدأ هلالًا صغيرًا، ثم يكبر حتى يصبح بدرًا ثم ينقص حتى يختفي.

ولضبط الأزمنة في العبادات حسب التقويم القمري يقول الرسول الكريم” صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته” والمعنى رؤية الهلال، كما قدر الله سبحانه وتعالى عدد شهور السنة القمرية في قوله :”إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ” وهذا هو التقويم القمري؛ لأن التقويمات الأخرى كالسنة الشمسية ليس فيها أربعة حرم، الأربعة الحرم فقط في السنة القمرية، إلا أن هذا التقويم لم يستخدم بشكل كامل إلا في عهد الخليفة الثاني للدولة الإسلامية عمر بن الخطاب.

بداية السنة الهجرية 

تتكون السنة الهجرية من 354 يومًا تقريبًا فالشهر في السنة الهجرية يتكون من 29 أو 30 يومًا بفارق 11.2 يومًا عن السنة الميلادية، لذلك التاريخ القمري والشمسي لا يتزامنان وعلى هذا التحويل بين التاريخين كثير الصعوبة.

عمر الخطاب و التقويم الهجري

اعتمد التقويم الهجري بعد عامين ونصف من خلافة الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، حينما ورد إليه خطاب من والي البصرة” أبي موسى الأشعري”  وزيل الخطاب بتاريخ  في شعبان فقال” عمر” : لا ندرى أي شعبان هذا، هل هو في السنة الماضية؟ أم فى السنة الحالية؟ .

ولأن أبا موسى الأشعري كان جار امبراطوريتين كبيرتين كروم غربًا التي تدون مراسلاتها بتاريخ الملك الاسكندر بن فلبس المقدوني  والفرس شرقًا، التي تدونون مراسلاتها بتاريخ ملوكهم  فلفت هذا نظر أمير المؤمنين إلى ضرورة تدوين تاريخ مرتبط بالدولة الإسلامية تلك الإمبراطورية الناشئة آن ذاك، فجمع الصحابة ومن بينهم” عثمان بن عفان”، فقد أخرج الحاكم عن الشعبي أن أبا موسى كتب إلى عمر: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: أرخ بالمبعث، وبعضهم أرخ بالهجرة، فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا بها، وتلك سنة سبع عشرة، فلما اتفقوا قال بعضهم: ابدأوا برمضان فقال عمر: بل المحرم، فإنه منصرف الناس من حجهم فاتفقوا عليه.

أول السنة الهجرية 

وتوسعت الدولة الإسلامية على حساب امبراطوريات وبلدان مختلفة واستقام النظام الإداري للدولة  بتأريخ وإنشاء الدواوين المختلفة، لذلك كان للتقويم الهجري الصدارة وكان الولاة يزيلون خطاباتهم بتاريخ الإسلامي بدلًا من التقويمات الأخرى التي تعتمد على الزرع والحصاد وغيرها، وكانت الشهور الهجرية كالتالي :

1ـ محرم:  هو أول شهور السنة الهجرية وهو من الأشهر الحرم الذي امتنعت فيه العرب عن القتال لذلك سمي بهذا الاسم .

2ـ صفر :ثاني الأشهر الهجرية وسمي بهذا الاسم لأن ديار العرب كانت تخلو من أهلها للحرب وقيل لأن العرب كان يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صفر المتاع.

3ـ ربيع الأول: ثالث الأشهر في السنة الهجرية وسبب وسمي بذلك  لأنه جاءت فى الربيع فلزمه ذلك الاسم.

4ـ ربيع الثاني : رابع الأشهر وسمي بذلك لأنه تبع الشّهر المسمّى بربيع الأول.

5ـ جُمادى الأولى : خامس الأشهر وسميت جُمادى لوقوعها فى الشتاء وقت التسمية حيث جمد الماء وهى مؤنثة النطق.

6ـ جمادى الثانية : سادس الأشهر سمي بذلكَ لأنّه تبع الشّهر المسمّى بجمادى الأولى.

7ـ رجب : سابع الأشهر وهو من الأشهر الحرم، سمى رجبًا لترجيبهم الرّماح من الأسنة لأنها تنزع منها فلا يقاتلوا.

إقرأ أيضا

مسلسل نعمة الأفوكاتو .. عن خلطة مي عمر و محمد سامي المتكررة

8ـ شعبان : ثامن الأشهر وفيه يتفرق الناس فيه ويتشعبون طلبًا للماء، وقيل لأن العرب كانت تتشعب فيه للحرب والإغارات بعد قعودهم فى شهر رجب.

9ـ رمضان : تاسع الأشهر سُمّى بذلك لرموض الحر وشدة وقع الشمس فيه وقت تسميته، حيث كانت الفترة التى سمى فيها شديدة الحر، وهو الشهر الذي يصوم فيه المسلمين .

10ـ شوال : عاشر الأشهر وسمي بذلك لشولان النوق فيه بأذنابها إذا حملت “أي نقصت وجف لبنها”، فيقال تشوَّلت الإبل: إذا نقص وجفّ لبنها، وفيه عيد الفطر لدى المسلمين .

11ـ ذي القعدة : الشهر الحادي عشر وهو من الأشهر الحرم سمي بذا القعدة لقعودهم في رحالهم عن الغزو والترحال فلا يطلبون كلأً ولا ميرة على اعتباره من الأشهر الحُرُم.

12ـ ذي الحجة : الشهر الثاني عشر هو آخر الأشهر فى التاريخ الهجري، و سمي بذلك لأن العرب قبل الإسلام يذهبون للحج فى هذا الشهر. بالإضافة لوجود عيد الأضحى فيه .