مودي الإمام الخط الفاصل بين المأساة والمهزلة
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
بين المهزلة والمأساة رابط لا يعرفه الكثيرون، المهزلة هي نفس المأساة ولكن بطريقة أخرى، وبين الواقع وخيال الرسوم المتحركة رابط ربما أدركه البعض ولكن الذي مزج العالمين بالموسيقى في مصر والوطن العربي شخص واد دون غيره، موسيقار من طراز نادر رجل يدعى مودي الإمام.
مودي الإمام بعيدا عن بدايته وحياته الفنية التي بالتأكيد تناولها الكثيرين، إلا أن مودي الإمام في رأي يمكن تلخيصه في تلك النغمات التي تحمل بصماته بوضوح لا تخطئه أذن سواء كانت أذن محترفة أو أذن هاوية، مودي القادر على صياغة الكوميديا بالموسيقى بعيدا عن كليشيهات موسيقية محفوظة، والقادر أيضا بنفس النمط والأسلوب أن يجعلك تبكي حزنا بنفس الموسيقى.
مودي الإمام، من كان يدرك أن للخطوة موسيقى، ليس فقط الخطوة، بل الخطوة الحالمة لها موسيقاها والحزينة لها موسيقى أخرى والسعيدة كذلك، ترى عادل إمام يسير في مشهد من فيلم المنسي حينما يحلم ولكن معه يسير مودي الإمام خطوة بخطوة يعطى للحلم روح ومعنى وابتسامة فقط بجمل موسيقية قصيرة للغاية أشبه بتلك التي نراها في الرسوم المتحركة.
مع ظهور شريف عرفة على الساحة كمخرج كان ظهور مودي الغمام على الساحة كموسيقى يضع الموسيقى التصويرية للأفلام، وليس المقصود هنا الظهور أي العمل الأول ولكن ظهور تلك البصمة التي لا يمكن تقليدها، فمودي بدايته كانت من فيلم الكروان له شفايف عام 1976.
ليكون السؤال هنا لماذا مع شريف عرفة تحديدا لمع مودي الإمام، الإجابة ببساطة لان شريف عرفة في تلك الفترة وتحديدا الرباعية التي قدمها مع السيناريست ماهر عواد وكان شريكهم الثالث هو مودي الإمام، كان يسعى لإعادة إحياء الفيلم الاستعراضي في مصر، وبذلك كان يجب أن يكون واضع الموسيقى التصويرية ليس موسيقارًا عاديا أو حتى موسيقار موهوب، بل موسيقار يعرف أن للخطوة موسيقى تختلف عن الخطوة الأخرى، لذلك كان مودي الإمام.
انتهت مرحلة شريف عرفة الأولى مع ماهر عواد لينتقل هو ومودي الإمام على عالم وحيد حامد وعادل إمام، الذي كان تعامل معه مودي الإمام قبل تلك الشراكة بين الزعيم ووحيد حامد وشريف عرفة في فيلم جزيرة الشيطان عام 1990، من عالم شريف عرفة مع ماهر عواد يدخل لعالم وحيد حامد وعادل إمام، وأيضا عالم عاطف الطيب.
هنا تجاوز مودي الإمام مرحلة الموسيقار ليصبح الحالة، الحالة القادرة بنفس الأدوات والأسلوب التقلب وإحاطة قوالب ومشاعر مختلفة، فمن اللعب مع الكبار إلى الهروب، هل يتوقع أحد أن الفيلمين تم عرضهم في نفس العام 1991، والاثنين بصمات مودي الإمام، بين التعامل مع الموسيقى المرحة التي أحيانا تنذر بالخطر في اللعب مع الكبار، والتعامل مع تيمة فلكورية ومتوترة كتيمة الهروب، وداخل كل تيمة هناك جمل بنفس الأسلوب للتعبير عن المشاعر المختلفة.
الواقع بين كاركتورية موسيقى مودي الإمام وأحداث الطيب، يجعلنا نقف منبهرين بتلك الموسيقى التي بكل بساطتها وسهولتها التي تصل إلى حد التعقيد استطاعت احتواء كل ما أراد الطيب تقديمه من مشاعر وقضايا وتقلبات للشخصيات تلك البساطة والتعقيد في نفس الوقت جعلت مودي الإمام اختيار أول للعديد من المخرجين.
حينما نحب السينما فأغلبنا يحب ذلك الحلم الذي نشاهده، ذلك الحلم الذي يكتمل دوما بموسيقى تتقلب كتقلبات العقل داخل الحلم، تلك الموسيقى التي تنساب داخل عقلك وروحك بهدوء لتستيقظ تسير بنفس خطوات البطل وأنت تسترجع تلك الموسيقى في عقلك هنا تدرك أنك أمام مودي الإمام.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال