ميلاد في قلب الموت .. يارب اجعل للسودان حظ ابن مواهب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
الشعب السوداني وعلى مدار أسبوعين بيطارده الموت عايش حالة، حرب شاملة شغالة في العاصمة وعدد من المدن، بين البيوت والمدارس والمستشفيات ومحلات و.. و.. و، والنتيجة خراب شديد في كافة القطاعات، إن كان مباني أو أجهزة أو بنية تحتية.
القطاع الطبي
أكتر مرفق تضرر هناك هو مرفق الصحة، كتير من المستشفيات اتقصفت بالغلط أو بالقصد.. بشكل مباشر أو غير مباشر، ده غير أنقطاع المية والكهربا وانتهاء مخزون المستلزمات الطبية. نضيف بقى على كل ده العجز في الكوادر الطبية (أطباء، تمريض، فنيين، تمرجية) بسبب صعوبة التنقل بشكل عام.
عشان كده بقينا نقرا طول الوقت على صفحات فيسبوك أو جروبات واتساب نداءات وأستغاثات، من ناس محتاجة دكتور أو علاج.. إلخ، أو من مستشفيات وعيادات بتطلب مدد كهربا أو مستلزمات طبية أو أدوية.. إلخ.
أما صفحة نقابة الأطباء فبقت يوميًا بتطلع بيان بالأماكن اللي الخدمة الطبية فيها متوفرة، مع توضيح إيه نوع الخدمة اللي بيقدمها كل مكان.
بيان الأمم المتحدة
أكتر المتأثرين سلبيًا بندرة الخدمات الطبية همه (نزلاء الرعاية المركزة.. مرضى الفشل الكلوي.. الحوامل). صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الأمم المتحدة للصحة الجنسية والإنجابية، يوم 20 إبريل نشر بيان، قدر فيه عدد الحوامل في الخرطوم بس بحوالي ربع مليون سِت، منهم قيمة 25 ألف على وش ولادة.
ربع مليون سِت محتاجين رعاية خاصة ومش عارفين يوصلوا للحد الأدنى من الخدمة الصحية، 10% منهم منتظرين أكتر حدث حساس طبيًا في حياة الستات.. والأهم في حياة البشر “الولادة”.
أزمة مولود
في تصريح خاص بالميزان قال إدريس مكي: “من قبل الاشتباكات بأيام ونحنا منتظر أول جَّنَا لينا (مولدنا الأول)، الطبيب المتابع الحالة قال لينا الحمل مستقر ووضع الجَّنَا ظابط، وينفع يخرج هسه قيصري، لكن الأفضل للأم ننتظر أيام وتتم الولادة طبيعي”.
رغم التقطيع المستمر في الاتصال، يواصل مكي: ” اختارنا ننتظر، لكن فجأة كَتمِت (قلمت الحرب)، والمستشفيات وكل حلة في البلد بقت تحت القصف العشوائي.
والمَرَا راقدة لا حول ليها ولا قوة، وكلنا مرعوبين على حياتنا وحياة الجَّنا اللي ما شاف حاجة من الدنيا، كل زول في العيلة بيفكر ويدور على مخرج من الأزمة.
بس كل المستشفيات دخلت حالة طوارئ رهيبة، ومنها مباني أتصابت في القصف، والفزع في كل مكان، ضربنا (اتصلنا) للطبيب المتابع الحالة.. وفي الوقت ذاته ناس البيت جهزوا نفسهم للولادة الطبيعية، معتمدين على خبرة حبوبة (الجدة) مع الولادة “.
الوضع في السودان دلوقتي خطر جدا بالنسبة للحوامل، الولادة الطبيعية بتتم في مستوصفات أهلية أو عيادات، أما الولادة القيصري فلازم الحالة تخرج لمدينة مافيش فيها حرب أضمن.
المخاطرة هي الحل
مكي: “الدكتور كان محاصر ما قدار يوصول المستشفى ولا حتى يخرج من الحلة حقه (منطقته)، يا داب دورنا معاه مكالمة فيديو.. حدد لينا إن الولادة ما هتكون طبيعية.. الوضع داير قيصري”.
كمل مكي قصة ملحمة الولادة: “ماكنش قصادنا حل غير نسافر ود مدني (عاصمة ولاية الجزيرة) هي أقرب مكان ما فيهو حرب. لكن المُشكل كيف زوجتي بوضعها الكعب ده (السئ) هتقطع طريق أربع ساعات؟ ده غير مخاطر وضع الحرب المدورة في الشوارع.
وبقينا قدام خيارين أكعب (أسوء) من بعض، نضل في البيت ونخسر حبيبتي والجَّنا، أو نطلع ونغامر بحياتنا كلنا بس فيه أمل ولو صغيرون إننا نوصل بسلام”.
حاليًا نشط الشباب المتمرس بالعمل التطوعي وأفراد لجان المقاومة، في تكوين فرق عمل صغيرة الحجم لتقديم المساعدات للحوامل، عن طريق رصد أفراد لجان المقاومة في كل حي للحالات الحرجة داخله.. وتبليغ المتطوعين ليساعدوا الحالة في الوصول لأقرب مكان شبه مجهز.
مكي: “دَقِنا (اصتلنا) بمستشفى ولادة في الجزيرة، ومن ناحية تانية اجرنا عربية اسعاف مجهزة، كم الدمار والرعب اللي شوفناهو في الطريق.. خلاني حسيت أننا ما هنوصل أبدا.
الموت مع عساكر مدججين بالسلاح.. مدرعات.. تاتشر.. حرايق.. مباني مهدمة.. الموت في كل مكان، أخيرًا وبعد أكثر من سِت ساعات (50% زيادة عن الوقت الطبيعي) وصلنا مستشفى الولادة، وما حسيت بنفسي بعديها”.
أخيرًا السيدة “مواهب” تمت عملة الولادة القيصرية بخير، وخرج إبنها من رحم الموت لحياة ماحدش يتمناها.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال