همتك نعدل الكفة
356   مشاهدة  

“مين قال” .. طعم جديد لدراما اليافعين

مين قال
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أن يخرج العمل من الخيال المشتعل إلى الواقعية المفرطة .. وأن ينزل من التحليق بجناحين إلى المشي على قدمين .. وأن تبتعد عن الصراخ والصوت العالي الأجش الخارج من معظم الأعمال الدارمية وتتجه إلى صوت العقل، وأن يقول لك المخرج والمؤلف منذ بداية الدقيقة الأولى أن تتوقف عن (التنشنة) والوقوف على الأظافر، وأن يمكنك مسك الريموت ورفع مستوى الصوت لأعلاه، ذلك لأن مسلسلًا سوف يناقش خيط رفيع من خيوط الواقعية، علاقة أب بابنه الجامح .

 

مسلسل “مين قال”، بطولة جمال سليمان، وأحمد داش، وديانا هشام، وإلهام صفي الدين، وهنا داود، وأميرة الديب .. من إخراج نادين، وتأليف مريم نعوم .. وإذا بدأنا الحكاية عن مسلسل مين قال فإننا نلعب عند فئة من اليافعين المصريين، وهم فئة من المحتكّين بسن العشرين، وهم في حقيقتهم مجتمع خاص لا يعرف الجميع عنه شئ، أو يعرفونه معرفة قشرية .. مجتمع منغلق على نفسه، كل ما نعرفه عنه أنه يأكل الأندومي ويسمع ويجز، وأغرقناهم سخرية وميمز إلى حد الأذنين، لكن لا أحدتطرق إلى أسئلة جوهرية حول وجهة نظر هؤلاء في الثراء والفقر، في الوسطية المادية، في الحب والكره، في الإقدام والتراجع، في الأمل واليأس، في العلاقات العاطفية الحقيقية وليست مساخر (التيك توك)، وهنا، في مسلسل “مين قال” .. نشاهد تلك الزوايا .

 

وإن أهم ما فيه قصة بطل مسلسل “مين قال” الفنان الشاب أحمد داش، الذي أجبره النظام التقليدي في البيوت المصرية على ضرورة الالتحاق بقطبي كليات القمة، الطب والهندسة، وقد رضخ الابن بالفعل لإحكام قبضة الأسرة النفسية عليه، لكن شيئًا ما يدور في ذهنه طوال الوقتـ،، وهي أنه يريد أن يكون بيزنس مان كبير، والمُلفت في الأمر – وهو ما يجعلك تصدّق أحداث المسلسل من الطلّة الأولى – أن العادي في مسار قصص البطل العنيد أن حلمه عادة في أن يصبح لاعب كرة كبير، أو مطرب، أو رائد فضاء .. وهي مهن ارتبطت بها أفكار الأعمال الدرامية الفنية من تلك النوعية، لكن فكرة أن يحلم الشاب في سن المراهقة بأن يصبح رجل الأعمال هي أقرب للجيل الجديد من الأجيال السابقة، ومن الممكن أن تتلمس ذلك من خلال مناقشات أبناء الجيل الجديد على مواقع التواصل الاجتماعي، وكلمات البحث على جوجل، وكيف أن هذا الجيل يرى الثراء من زاويته الخاصة، ويتخلص بشكل أو بآخر من العقدة النفسية المتعلقة بالثراء والذي ارتبط بها من سبقوه من الأجيال . ناهيك طبعًا عن التسرع والطيش أحيانًا لكن جيلًا من الأصحاء نفسيًا من حيث انفتاح الشهية المادية قادمًا في الطريق .

 

إقرأ أيضا
رأس الحسين في دار خزائن السلاح

في المسلسل أيضًا يلعب النجم جمال سليمان دور الأب المتحفّظ .. المتدخّل في حياة ابنه الخاصة، حاشرًا أنفه في كل كبيرة وصغيرة، حتى في مشهد كان يشاهد فيه ابنه فيلمًا عاديًا عن قصة رجل أعمال، علّق الأب بأنه فيلم لا قيمة له، وهو مشهد ملخص لعلاقة الأب بالابن، حيث يريد التحكّم حتى بمزاجه الشخصي، أب منغلق من جيل قديم، يواجه أفكار الجيل الجديد في صورة ابنه .. مواجهة الأجيال التي تحدث يوميًا في بيوتنا ينقلها المسلسل بفلسفة دقيقة كمشرط الجرّاح، بلا زيادة ولا نقصان .. نحن أمام فكرة مبشّرة حتى لو لم نشاهدها – إلى الآن – مكتملة !

الكاتب

  • مين قال محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان