نجلاء فتحي.. الجسد الذي تخلى عن الإغراء لتجسيد معاناة المرأة المهمشة
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
بعد أن دخلت على المصور السينمائي وحيد فريد الذي لإجراء “تيست” لوجه جديد بناء على طلب من الفنان عبد الحليم حافظ، قرر أن فاطمة الزهراء نجمة سينمائية، من طلتها الأولى، قرر أنها ولدت لتكون نجمة، قال “فريد” : ” وجدت نفسي أمام نجمة كاملة الأوصاف، وُلدت نجمة”.
لم يكن يدرك عبد الحليم حافظ الذي يسكن في البيت المجاور لعائلة فاطمة الزهراء أنها تصلح لتكون وجهًا سينمائيًا إلا بعد أن جاءته مسرعة بعد مقابلة بالصدفة على بلاج بالإسكندرية مع المنتج عدلي المولد الذي أشار إليها بأنها تمتلك المواصفات التي تؤهلها لتصبح ممثلة.
ساند “عبد الحليم” فاطمة الزهراء في تحقيق شغفها لتصبح ممثلة، ونشر ريبورتاج صحفي بمجلة “الكواكب” يعلن عن اكتشافه لوجه سينمائي جديد، فتاة عمرها 16 عامًا، اختار لها اسم “نجلاء” ، فاسم “فاطمة الزهراء” لبنت الرسول “محمد” وهو ما اتفقا عليه وصرحت به نجلاء فتحي في حوار تلفزيوني لها بعد وفاة “حليم”.
حققت الفتاة الجميلة، الرقيقة، حلمها، وأصبحت ممثلة، دون أن تدرك أن وراء كل هذه المقومات الأنثوية موهبة تحتاج لسعي وعمل دائم حسن إدارة، فمنذ الأعمال الأولى هاجمها الصحفيين باعتبارها “تابلوه” جميل على الشاشة، غضبت ولجأت لـ”حليم” الذي أشار إليها بأن هذا الهجوم متوقع، فلابد أن لا تلق له بال، وتثبت موهبتها الفنية في كل عمل سينمائي تقدمه.
كان لـ”حليم” ملاحظاته الشخصية والفنية لنجلاء فتحي، فرفض أن تصلح أسنانها المعوجة بحجة أنها ميزة شخصية تحسب لها وإن كانت عيبًا في فمها، وهي سر جمالها، كما كان يشير وزنها الزائد بعد أدائها لشخصيات فنية تستدعي ذلك، خاصة بعد تجسيدها لشخصية “الأم” فكان يلمح إلى ضرورة العودة لوزنها الرشيق.
انحياز
اعترفت نجلاء فتحي أن جمالها هو المؤشر الأولي لدخولها عالم السينما، لم يكن عدلي المولد يعرف أن تمتلك الموهبة الكافية ليخبرها بأنها تصلح للسينما.
بعد حرب السادس من أكتوبر ابتعدت “نجلاء” عن السينما، تحاشيًا للأعمال والأدوار ولعناوين الأفلام التي صنفتها بأنها رديئة للغاية، لا تسمح لنفسها أو لضميرها أن تقدمها، سُميت هذه الأعمال وقتها بالـ”المقاولات” اعتمد معظمها على الإغراء والقصص الرديئة زيادة على تصويرها في أسابيع قليلة.
لم تنحاز نجلاء فتحي للجسد والإغراء بحد ذاتهما بقصد تقديم أدوار الإغراء، بل قدمت شخصياتها كما هي، دون زيادة أو نقصان، بروحها وبهجتها المعتادة، وضحكتها التي تحرك القلوب طربًا، وهو ما كانت تقصد أن يصل للجمهور، وهو ما دفعها للغيرة من “ِشقاوة” الفنانة سعاد سعاد حسني وجمالها الروحي، قالت “نجلاء” في حوار مع الإعلامي مفيد فوزي :” كنت أتمنى أكون في نص حلاوتها، وفي مرة بصيت لها كتير، فسألتني : ” مالك بصالي كده”، فقولتلها” إنت حلوه إزاي كده”.
أعلنت نجلاء فتحي سخطها وغضبها تجاه الأفلام التي تتحول فيها المرأة دومًا لعاهرة، فهى ترى حسبما قالت في حوار لجريدة المصور 1998، أن المرأة في المجتمع المصري تعيش بشرف رغم ما تعانيه من فقر وعوز، فلم تنحرف حسبما تظهرها هذه الأفلام، وهذا ليس مجتمعنا، وشددت على ضرورة عودة الأفلام الرمانسية والعاطفية التي تثري السينما المصرية.
وترفض الفنانة المصرية أن تقدم أدوار بنت الليل، ولا تشعر بأي تعاطف معها، و ترى أن الفنان لابد أن يختار أعمال فنيه تمس حياة وواقع الناس، يقدم ما ينبغي للجمهور أن يراه، وأن تكون توحي نهاية الفيلم بأمل سواء عن طريق الحزن مثل فيلمها “الجراج”، أو عن طريق الفرحة مثل ” أحلام هند وكاميليا”. حسب حوارها مع جريدة الأحرار، 1998.
كان دورها في فيلم “الجراج” من أصعب الأدوار التي مثلتها في حياتها، فاضطرت لأن تعيش شهرين كاملين في كراج رطب مظلم، وعاشت شهرين في الشارع في البرد مع الأطفال الذين شاركوها في التثميل، ولا تنسيى مشهد توزيع أبناءها على الأسر الثرية بسبب الفقر، فقد كانت تبكي طوال المشهد دون وعي.
وربطت جدارتها باستحقاقها للقب “فنانة” بقدرتها على إحساسها و تجسيد قضايا المراة المهمشة المصرية المكافحة التي تغامر وتقاوم، فجانب أفلامها التي ناقشت فيها تلك المعاناة شاركت في تأسيس جمعية “ابنتي” للاهتمام بالتيمات واللقيطات.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال