نشرة هنا أفريقيا (عدد خاص عن الوضع ناس السودان)
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
يموت الجنود مرارا.. ولا يعلمون إلى الآن من كان منتصر!
ومصادفةً، عاش بعض الرواة وقالوا: لو انتصر الآخرون على الآخرين، لكانت لتاريخنا البشري عناوين أخرى.
الناس
عشرات الفضائيات والمواقع والإذاعات، كلها مهتمة بتطورات الصراع بين الجنيرالين المتحاربين، بس مافيش أهتمام بالسؤال الأهم: هي الناس هناك عايشة أزاي؟
الموت بأخطاء الغير
منطقة بَرْي شهدت أشتباكات مخيفة، أصيب فيها عدد من المواطنيين ببرصاصات طايشة، ورصاصة طايشة دي مش بتصيب اللي في الشارع بس.. إنما كمان ينفع تصيب المواطن وهو جوه بيته.
الشابة (إ.أ)، من منطقة أركويت بالعاصمة الخرطوم، صرحت للميزان: (ناس بيتنا لينا يومين نايمين في الواطة “ع الأرض”، وما فينا زول بيقوم يمشي على كارعينه “رجليه”، حصل وطلقات دخلت بيوت ناس في الحلة “المنطقة”، فالحركة العادية فيها مخاطرة بالحياة).
من الناس اللي دفعت حياتها تمن خناقة البرهان وحميدتي شاب اسمه محمد بشارة، بشارة مات بعد الإصابة بكام ساعة، بعد ما تم نقله لواحدة من المستشفيات اللي لسه شغالة، وهي الآن قليلة للغاية.
قصف المستشفيات
مصادر مختلفة داخل العاصمة السودانية أكدت للميزان، إن غالبية مستشفيات العاصمة اتعرضت للقصف بشكل مباشر أو غير مباشر، بسبب سيطرت المتحاربين عليها واستخدام مبانيها وساحاتها كمواقع عسكرية، زي مستشفى المدينة الطبية في بحري ومستشفى الشرطة في الخرطوم.
(الحمد لله ربنا كتب لينا عمر جديد، بعد ما كنا محاصرين في المستشفى أكتر من ٤٨ ساعة وبنعالج في جنود مصابين ونحنا تحت تهديد السلاح، وصوت القنابل ومنظر الجثث في كل مكان).
دي كلمات كتبتها واحدة من سبع طبيبات تم احتجازهم جوه مستشفى حكومي في العاصمة، رفضت ذكر اسمها أو المستشفى أو الفريق اللي احتجزهم.. حرصًا على حياتها وحياة زميلاتها، لأن المستشفى وبيوتهم في نفس المنطقة ومسيطر عليها كلها الفريق اللي كان محتجزهم.
الدكتورة (ه) قالت: (كنا سبع طبيبات بنعالج حوالي ٥٠٠ مصاب أو أكتر، كلهم عسكريين، زمايلهم كانوا حاجزينا في بدروم المستشفى لمدة تزيد عن ٤ ساعات، ومافيش كهرباء أو شبكة تليفونات. بس قدرنا نهرب ونطينا من فوق سور يفصلنا عن مبنى حكومي تاني، وكنا بنرجف إن حد من القناصة اللي فوق مبنى المستشفى يشوفنا).
وأكد مصدر موثوق للميزان إن لحد وقت الفطار، يوم التلات، مافيش في العاصمة المثلثة (الخرطوم، بحري، أمدرمان) كلها مستشفى حكومي شغال غير “أمدرمان التعليمي”، أما باقي المستشفيات اللي لسه شغالة قطاع خاص.
عجز في الكادر الطبي
زيد على كده إن مع بداية القصف فيه 3 دكاترة ماتوا أثناء محاولته الخروج من بيوتهم لأقرب مستشفى، واقعة تسببت إن غالبية الكوادر الطبية خافوا يروحوا أشغالهم، بالتالي الأطقم اللي ورديتها صادفت بداية القصف.. لسه مش لاقيين حد يستلم منهم الشيفت لغاية دلوقتي.
كارثة صحية
حذر الباحث السياسي (أ.ع) من وقوع كارثة صحية في السودان، وقال في تصريحاته للميزان: (الموضوع مسألة وقت، استمرار القتال بلا توقف أدى لتراكم الجثث في الشوارع، وماحدش قادر يخليها من المنطقة).
حسب تقديرات الأمم المتحدة فيه قيمة 180 قتيل وألف وتُمنُميت مصاب في البلد كلها، لكن لجان المقاومة مصورين مئات الجثث في شوارع العاصمة لوحدها.
يحكي (أ.ع): (بداية القتال بشكل مفاجئ تسبب في سجن ناس كتير في أماكن عملهم أو دراستهم.. إلخ، فيه مثلا أساتذة وطلبة مدرسة كومبوني، اللي تم إجلائهم بالسلامة خلال هدنة التَلَت ساعات).
كان فيه طلبة تانيين عالقين في الجامعة منذ بداية القتال، وهمه كمان حاولوا يخرجوا وقت الهدنة المعلن (الأتنين بالليل)، لكن دول أتضرب عليهم رصاص حي، أتصاب بعضهم ومات منهم خالد الطقيع.
جثة القطيع فضلت عالقة في الحرم الجامعة يوم كامل، وفي الأخر أتفقت أسرته مع إدارة الجامعة على دفن الجثمان في الملعب الخاص بالجامعة.
ورطة الأطباء
لجنة أطباء السودان أطلقت إستغاثة قالت فيها إن القطاع الصحي كله على وشك الانهيار تمامًا، لو ماوصلتش وبسرعة إمدادات لوجيستية وتم توفير ممرات آمنة للكوادر الطبية وشحنات المستلزمات الطبية.
كمان السيدة (أ.ز)، في تصريحاتها للميزان، حذرت من استمرار الاشتباكات وإنه هيعمل كارثة دوائية. بسبب إن الأجزخانات تقريبا كلها مقفولة والإمدادات الدوائية أساسًا ملهاش طريق آمن تتحرك فيه.
وختمت كلامها بالإشارة لحالة الهلع الدايم اللي مسيطرة على السكان خصوصا الشُفع “الأطفال”، بسبب أصوات الانفجارات العنيفة واللي أحيانًا بتصول لدرجة إنها تكسر إزاز الشبابيك.. أو بتهز المنازل نفسها في بعض الحالات.
أزمة غذائية
كتير من الناس في السودان عمومًا والعاصمة خصوصًا، كتبوا على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، عن إنقطاع الكهربا، بشكل مستمر أو متقطع، وده طبيعي إنه هيسبب خساير في المواد الغذائية المحفوظة، ومع توقف الإمدادات الدورية عن الأسواق والمحلات والأفران.. تكون الأزمة الغذائية مش بعيدة، مع استمرار الاشتباكات.
الكلام على 48 ولا 72 ساعة بالكتير ومخازن المحلات هتفضا ومخزون الأفران من الدقيق وحتى المية هيخلص. خصوصًا وإن كتير من الأسواق أتعرض للقصف وخسرت بطبيعة الحال جزء من مخزونها.
شهود عيان بمنطقة السوق العربي أكدوا، للميزان، وجود مجموعة من المواطنين محاصرين ليهم يومين جنب مقر البنك الفرنسي، جوه السوق العربي “قرب القصر الجمهوري”، وطبعا عندهم أزمة في نقص مية الشرب والأكل.. بالإضافة إن واحد منهم متصاب في رجله.
الشماسة أحباب الله
بسؤال الباحث السياسي (أ.ع) عن أوضاع الشماسة “المنسيون/أطفال الشوارع” في العاصمة أجاب:
(مناطق تمركز الشماسة عادة هي مناطق الأسواق، مثل السوق العربي وسوق أمدرمان وسوق بحري، شهود العيان أكدوا إن سوق بحري اتحرق تمامًا بسبب القصف، وإن منطقة السوق العربي عبارة عن ساحة قتال).
(بالتالي، الكلام لسه للباحث السوداني، يعدوا ضمن المفقودين.. لكن أزمتهم أكبر وأتقل على ضمير المجتمع، فهم بلا أسر تبحث عنهم أو أوراق ثبوتية تسهل التعرف عليهم، فمن يقتل منهم خلال الاشتبكات سيعلق على جثمانه كلمة “مجهول”.. وسترافقه الكلمة إلى مثواه الأخير).
أين المفر
العاصمة السودانية المثلثة (الخرطوم، بحري، أمدرمان)، “حاجة كده شبه فكرة القاهرة الكبرى”، موقعها بين النيلين الأزرق والأبيض، بالتالي مداخلها ومخارجها والتنقل بين أضلاعها بيتم عبر كباري أو جسور، يعني أهداف استراتيجية للقوات المتناحرة. بالتالي محاولات النزوح والهرب من العاصمة مربوطة بجانب من الحرب.
بين أمدرمان وبحري فيه جسرين:
- كوبري شمبات، تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
- كوبري الحلفاية، مافيش طرف من الأتنين مسيطر عليه تمامًا.
بين الخرطوم وبحري فيه خمس جسور:
قوات الدعم السريع مسيطرة على تلاتة منهم: جسر المّك نمر، كوبري كوبر، كوبري المنشية.
أما قوات الجيش فمسيطرة على جسر النيل الأزرق.
وفي الأخر كوبري سوبا، الطرفين مش مسيطرين عليه.
بين الخرطوم وأمدرمان فيه 3 جسور:
- جسر النيل الأبيض، تحت سيطرة قوات الجيش.
- جسر الفتيحات، تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
- جسر خزان جبل الأوليا، مفتوح للمواطنين.
موسم فرار الناس في السودان إلى الجنوب
بشكل عام الطريق الوحيد المتاح التفكير فيه للنزوح أو محاولة الفرار (حتى كتابة التقرير) هو الاتجاه جنوبًا ناحية مناطق الجزيرة والدمازين.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال