“نهيلة بنزينة” لاعبة كرة القدم المغربية التي لم يرضى عن حجابها أحد

كثيرون تابعوا كأس العالم للسيدات الذي تشارك فيه المغرب لأول مرة في تاريخها وتتأهل لدور الـ16؛ إلا أن لقطة واحدة بطلتها نهيلة بنزينة لاعبة كرة القدم المغربية المحجبة كانت ما لفت انتباه الجمهور الذي لم يهمه الحدث بقدر ما أهمته الحادثة. بعد سنوات من منع الحجاب في البطولات الدولية دخلت نهيلة التاريخ كأول لاعبة محترفة محجبة في تاريخ المونديال، ووفقا لمحللين قدمت أداء أكثر من رائع خلال المباراتين التي شاركت فيهما حتى الآن من مركزها الدفاعي. 

لم تكن نهيلة بنزينة المشاركة الوحيدة المحجبة في نسخة 2023 من المونديال النسائي المقام على أرض أستراليا ونيوزلندا، فقد دخلت الفلسطينية “هبة سعدية” التاريخ هى الأخرى كأول محكمة دولية محجبة في كأس العالم للسيدات. لكن على عكس نهيلة لم يثر خبر مشاركتها تلك العاصفة التي واجهتها اللاعبة المحترفة. 

الحكمة الدولية “هبه سعدية” دخلت التاريخ اليوم 🔖

تواجدت في مباراة الصين وإنجلترا وأصبحت أول حكمة فلسطينية محجبة في كأس العالم للسيدات FIFA 🏆#BeyondGreatness | #FIFAWWC

— كأس العالم FIFA 🏆 (@fifaworldcup_ar) August 1, 2023

إنجاز كبير يحققه منتخب المغرب في أول تأهل عربي شمال أفريقي للبطولة، حيث استطاع تعويض خسارته بسداسية نظيفة أمام ألمانيا في المباراة التي افتتح بها مشواره بفوزه بهدف نظيف في مواجهتيه مع كوريا الجنوبية وكولومبيا. وبهذا يكون المنتخب المغربي للسيدات ليس فقط أول فريق عربي مشارك، بل أول فريق يتأهل لدور الـ 16 من مشاركته الأولى بالبطولة.

لماذا حرموا نهيلة من تقدير تستحقه؟

للأسف لم تكن تلك هي اللقطة التي لفتت انتباه الجميع. فمنذ رفعت الفيفا حظر ارتداء الحجاب في المونديال عام 2014 م لم نكن شاهدنا لاعبة محترفة ترتديه بالفعل في المباريات حتى يومنا هذا؛ فكان من المفهوم لماذا أصبحت نهيلة بحجابها لقطة البطولة في الشارع العربي. وبدلًا من الافتخار والاعتزاز الذي كان من المفترض أن تجده نهيلة من جمهورها، واجهت عاصفة الانتقادات من كل الأطراف. 

لا نقول أن الافتخار الذي استحقته نهيلة مستمد من ارتدائها الحجاب أو عدمه؛ لأن الخيارات الشخصية في الملبس لا يصح أن تكون محل تعليق أصلًا [كرلا سلبًا ولا إيجابًا. لكن للإنجاز نفسه الذي حققته مع منتخبها القومي ومن قبل مع نادي الجيش الملكي المتوج بكأس ودوري أبطال أفريقيا بوجودها في صفوفه. 

أمام هذا المشوار المشرف للاعبة تبلغ 24 عامًا وحققت مثل هذه الإنجازات، أصبحت حديث الساعة بسبب المنظَّرين على شكلها وحجابها وملابسها وخياراتها الشخصية في علاقتها بمدربها. موجة من السخرية والانتقادات طالت نهيلة بنزينة وصلت حتى للتنمر على ملامحها. لم يعجبهم حجابها لأنه على حد تعبيرهم نص حجاب، لكن أفخاد أبو تريكة كانت مثال يحتذى به للاعب الخلوق المتدين- بغض النظر عن عدم وجود أدنى علاقة بين التدين والمهارة-. 

محوا تاريخ نهيلة الكبير بأستيكة لأن حجابهم لم يعجبهم، واللقطة أصبحت مخصصة للحديث عن سيقان نهيلة، وذراع نهيلة، وأحضان نهيلة. أين أداء نهيلة؟ لا يهم. ما يهم حقًا للمسلمين- المتقدين وليس الجميع- متدينين أو غير أن نصيح على صفحات الفيسبوك غضبًا من حجاب نهيلة، والذي لم تكن ستتعرض لكل هذه لو خلعته وأراحت نفسها والبشرية كلها. 

إقرأ أيضا

سيرة بيرلو (7).. توتي بطريقتي!

العنصرية الفرنسية في أزهى عصورها

حسنًا. من الممكن أن نتفهم تعرضها لهذا الانتقاد في ظل مشاعر التدين المتطرفة التي سيطرت على مسلمي الفيسبوك في السنوات الأخيرة، لأسباب ليس من المناسب الحديث عنها حاليًا. لكن حتى علمانية فرنسا والحرية الأوروبية التي فلقونا بها لم تغفر لنهيلة خيارها الشخصي، حين خرج الكاتب الفرنسي فيليب غويبرت على قناة cnews متحدثًا عن تخلف نهيلة وحجابها. حتى الديمقراطية الفرنسية- العنصرية بشكل فج- لم ترضى عن نهيلة، ولم تحترم اختيار شخصي تحرم منه الآلاف يوميًا في فرنسا.

بعيدًا عن كل هذا العبث الذي لا يمكن أن يعيق مشوار نهيلة الآن، كما لم يعيقه من قبل. أمام منتخب المغرب ونهيلة مباراة صعبة ضد نظيره الفرنسي المدعوم بمدربه المخضرم هيرفي رونار، والذي قاد المنتخب السعودي للرجال من قبل إلى مونديال قطر 2022، حيث حقق فوز مفاجئ على الأرجنتين خلال أولى مبارياته في دور المجموعات. أي أن القادم أصعب ويستحق الحرب لتحقيقه، وحين تحقق نهيلة إلى جانب فريقها الوطني هذا الإنجاز ستفرض بنفسها اللقطة التي يشاهدها الجمهور، ليس فقط في مصر بل حول العالم.