همتك نعدل الكفة
839   مشاهدة  

الجاهل جريء لذلك يكتب : اختلف مع نوال السعداوي

نوال السعداوي
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



مثلك لا يموت.

لا أجيد الرثاء ولا أحبه، سنوات وأنا لا أقوى على الكتابة عنها، لكنها اليوم ترحل عن دنيانا تنتقل إلى رحاب الله الذي عرفته من جدتها الفلاحة المصرية الطيبة الأمية تقول نوال السعداوي كانت جدتي تقف بشجاعة في وجه عمدة القرية الظالم الذي يجور على حقوق الفلاحين وتقول له : ربنا اسمه العدل عرفوه بالعقل 

هكذا عرفت الله وأحبته تدرك نوال السعداوي أن الله لا يمكن أن يرضى بالظلم بينما عباده فعلوا

لذلك قبل أن تشاركنا نعيها من باب المجاملة تأدب وتوقف عن تبرأة نفسك من بعض أفكارهاعلى حد قولكوالتي تخشى منها على حالك الذي لا يسر عدو ولا حبيب

لم يكره نوال السعداوي غير فريقين فريق جبان خاف أن يقرأ لها فيكسر قيده الذي يحميه ويبقيه شماعة تحمل عنه مسئولياته وذنوبه وآخر جاهل لا يُعمل عقله ولا يتدبر ولا يفكر تقتله جرأتها لأنه تعود الخنوع تقتله هيبتها لأنه اعتاد الصغر تقتله أنوثتها الحقيقية لأنه فهم أن الأنوثة ضعف يحتاج إلى ذكورته لتحميه أو جسد يجب عليه أن يغطيه وعورة تمتعه فوجب سترها

لماذا يميزون بيني وبين أخي في المعاملة هو يكبرني بعام واحد فقط

 لترتاح أمي من مساعدتنا على الدرس ألحقتنا بالمدرسة في العام نفسه فكنت الأصغر بين أقراني عمرًا ثم نسيت أمي أو تناست ما فعلت وأخذت تشيد بتفوق أخي علي في تحصيله التعليمي وتمكنه من القراءة والكتابة قبلي لم أفهم لماذا لامتني على قرارها هي  وأنا طفلة في الصف الأول الإبتدائي وعمري خمس سنوات فقط .. تمر الأيام ونتعادل مرات واتفوق على أخي مرات يقضي هو أوقاتًا طويلة في الدرس بينما أنهي واجباتي في ساعات قليلة فتشيد أمي مرة أخرى بالتزامه وسارت الحياة لآخرها وأمي تراه مستحقًا للدعم وللثناء .

(علقة موت) تلقيتها بعدما وقعت على ركبتي وجرحتها بينما العب في الشارع بجوارها كأي طفلة في عمري  جرح سطحي ضمدته أمي وهي تنهرني محذرة (متلعبيش فيها لتسيب علامة في رجلك ) وتقصد أن يترك الجرح الخارجي أثره على ساقي فيفسد من شكلي الذي كان أهم أسرتي الأول.

لكن الندوب التي بقيت داخلي بفعل التضييق والتمييز وتربيتي بما يحد من فطرتي وطبيعتي واعتباري مخلوق يجب أن يحفظ في البراد دون خدش خارجي حتى ينتقل من بيته أهله إلى بيت الزوجية لم يضمدها غير نوال السعداوي التي كانت تعاني وهي طفلة من تمييز وظلم كونها فتاة مقارنة بأخيها لقد كنت أشبهها أكثر ما أشبه أمي، كنت أبحث عن الحقيقة واتصارع على حداثة سني حينها بين ما أشعر به داخلي من حب للتعلم لا حدود له، إحساسي بقيمة عمل المرأة بالقدر نفسه للرجل، وعن حبي للحقيقة ونزاهة عرض أفكاري ولو صادمة وتقديسي للتفكير والعقل وكراهيتي للكذب وخسة الخداع والادعاء وإظهار عكس ما أبطن تعثرت كثيرًا

لم أكن أهدأ حتى أفهم لماذا تنافق وتكذب النساء في بيوتهن حتى أدركت أن الاعتراف بالحقيقة يستوجب القرار  والقرار يلزمه الاستقلال والمجتمع يحب أن تكون المرأة خانعة وخاضعة ولو كاذبة ويحب ذلك لكل أفراده.

نوال السعداوي التي تركت عملها واستقالت من وزارة الصحة احترامًا لنفسها  ولأمانة علمهالم تعجبهمنوال السعداوي  المرأة التي تركت زوجها القاضيالزوج الثانيعندما قال لها أنا أو كتاباتك فاختارت نفسها لن تعجبهم، نوال السعداوي التي عاشت أكثر من خمسين عامًا مع زوجها الثالث والأخير شريف حتاتة ووالد ابنها لم تعجبهم بل أشاعوا أن أفكارها  ضد مؤسسة الزوجية بينما كانت ضد النفاق وضد البيوت المغلقة على الخيانة والإهانة والعفن 

عندما زرت نوال السعداوي منذ سنوات في بيتها الكائن بعمارات أغاخان المطلة على كورنيش النيل مع وفد من الأجانب كنت لا أزال صغيرة وفي بداية مشواري المهني أخبرتها أن لي أربع أبناء فحزنت لأجلي دون لوم وقالت لي وهي تستند على أريكتها وكسى وجهها شفقة تجاهي ليه بس كدة يابنتي، جاوبتها لأكون أنا رأس العائلة القوية بينما كنت أصدق نفسي أجابت مرة أخرى دون لوم : متعمليش كدة تاني وكفاية.

 لم أفهم ما قصدته غير بعد سنوات مضنية من رحلتي إلى التحرر والاستقلال.

كلما شاهد أحدهم صورة نوال السعداوي معلقة في بيتي يتمتم ويقول متردد أن حبي وتقديري لها هو عيبي الوحيد وأن كل ما في شخصيتي يجده جميل باستثناء امتناني الشديد لها

كيف فقد الناس القدرة على الاستدلال  إن كنت في نظرهم إنسان جدير بالاحترامي وأشير إلى معلمي وقدوتي فكيف لا يكون هو جدير بالفضل ..كيف يصنع المجتمع قوالبه ويشوه الإعلام إن أراد صور من استحقوا التكريم 

لم التقي أحدًا يكره نوال السعداوي وقرأ لها كتابًا واحدًا،  كانت صورتها الذهنية لدى الجهلاء  ضحية إعلام لهث وراء اقتناص تصريحات نارية يحقق من ورائها مشاهدات رخيصة ومجتمع أجهض نضالها التطوعي في جمعية تضامن المرأة العربية وشق صفوف من انضموا لها من نساء ورجال واستبدلهم بواجهات لا يعرفن عن الحرية غير السطو على مال الزوج وترك شعر أباطهن دون حلاقة.

اقرأ أيضا

ماذا أطلب من النساء؟ .. ولماذا أدين بالفضل لنوال السعداوي؟

لم أقابل شخصًا هاجم نوال السعداوي وقرأ كتبها 

إقرأ أيضا
المحلة منين

نوال السعداوي كانت مدافعة عن حق الرجل كما المرأة حقه في أن يكون إنسانًا دون عقد نقص بفعل المجتمع الذي أراده بطلًا خارقًا قادرًا على تحمل كل شيئ وتحقيق المستحيل

مستحيل أن يقرأ رجل حقيقي أو رجل يبحث عن الحقيقة لنوال السعداوي ويكرهها

نوال السعداوي الطبيبة التي عملت في تقديم الاستشارات النفسية لمرضاها لسنوات بالمجان ولم تصف دواءً قط كانت تدرك أن المجتمع هو من أمرضهملم تعجبهم

أسست نوال السعداوي لتدريس النقد والتمرد على الأفكار وفهم الآخر ودرسته في الجامعات الغربية بينما بقي البعض هنا يتداول رأيها حول الحجر الأسود ورأيها في التمسح والتبرك به.

 كان عقلها كفيلًا بمحاربة الإرهاب والقضاء على التطرف وعزائي كتبها التي تعلمنا قيمة التفكير والنقد وأهمية  الحوار ومفعول الكلمة السحري وقدرتها على التأثير والتغيير

 عادة لا أغضب من هؤلاء المصطفين كرؤوس المشط في كراهيتها بينما لا يعرفون عنها غير أنها خطر يحدق بذكورتهم أو أنوثتهن الناقصة ويهدد بكشف حقيقتهم أمام مجتمعهم الذي يخدعهم بينما يظنون أنهم الخادعون وهم ضحاياه، لكنني اليوم أريدهم أن يصمتوا.

مثلكِ يا نوال لا يموت، خالدة أنتِ بما بقي من أثرك وكتبك وأفكارك

الكاتب

  • نوال السعداوي رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان