نور الشريف ونجيب محفوظ “صُدَف المشوار والرحيل بين الأستاذ المريد والأديب”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في النصف الثاني من الحلقة الأخيرة لمسلسل السيرة العاشورية ظهرت الصلة بين نور الشريف ونجيب محفوظ حيث قال نور «أنا من مريدين نجيب محفوظ»، لم تكن مجرد جملة عابرة، فقد كان دائمًا يرددها في أي حوار صحفي أو تلفزيوني أو إذاعي، وصار نجيب محفوظ حاضراً في وجدان نور الشريف حتى بنصائحه، فهو نصح أحمد حلمي في بداياته الفنية أن يقرأ كثيراً وعليه أن يجعل كل روايات نجيب محفوظ في الأولوية.
اقرأ أيضًا
كيف أنقذ نجيب محفوظ الفنان محمد فوزي من الإفلاس؟
صفة المريد كـ مصطلح صوفي تنطبق بمعناها اللغوي على الحالة التي جمعت بين نجيب محفوظ ونور الشريف، فالارتباط لم يكن فقط فنياً، بل تحول أيضاً ليشمل تلاقي الأرواح وتشابه ظروف الحياة، بل وفي النهايات أيضاً.
المشوار الفني بين نور الشريف ونجيب محفوظ
كان عادل إمام يشاهد نور الشريف في هاملت، وبالتوازي مع ذلك تعب حسن الإمام في العثور على وجه جديد يجسد شخصية كمال في قصر الشوق، فرُشِّح نور الشريف للدور من عادل إمام، وليس عبثاً أن يبدي نجيب محفوظ إعجابه بنور الشريف لأنه رأى فيه خير مرآة للتعبير عن حياته الشخصية.
بالتكوين النوستالجي للجيل الحالي عبر روايات نجيب محفوظ، كانت أجمل الأعمال هي التي اشترك فيها نجيب محفوظ مع فريد شوقي ونور الشريف، والتي تتفق في مجملها على الصراع الثلاثي بين الرقابة الاجتماعية والدينية متمثلة في فريد شوقي، بينما كان التعبير عن التمرد متجسداً في نور الشريف، أما الحبكة فيصوغها نجيب محفوظ، قام فريد شوقي بالتمثيل في 10 أفلام من أعمال نجيب محفوظ، منهم 5 مع نور الشريف ونور الشريف مثل 12 فيلما مع نجيب محفوظ منهم 7 أفلام أفلام منفرداً ومسلسل.
كانت أفلام فريد شوقي منفردا هي «ريا وسكينة، جعلوني مجرما، الفتوة، بداية ونهاية، فتوات الحسينية» أما نور الشريف منفرداً فظهر في أفلام «قصر الشوق، السراب، صور ممنوعة، السكرية ، أهل القمة ، المطارد ، ليل وخونة»؛ فضلاً عن مسلسل السيرة العاشورية.
وبالسرد لتلك الأفلام فتكون الأفلام التي جمعتهم هي 5 أفلام «الكرنك، الشيطان يعظ، فتوات بولاق، أصدقاء الشيطان، قلب الليل».
أقدار جمعت الاثنين في الحياة والموت
يمتلئ التاريخ بشخصيات ارتبطت ببعضها ارتباطاً وجدانياً في الحياة والموت، لكن ما بين نور الشريف ونجيب محفوظ المسألة مختلفة، نظراً للتشابه الكبير بين الشخصيتين في كافة الأشياء.
على المستوى السياسي فالاثنين تأثرا بـ «ثورة» وهما في الطفولة وأثرت الثورة سلباً وإيجاباً على التكوين الفكري لكليهما، فحين قامت ثورة 1919 م كان نجيب محفوظ يبلغ 8 سنوات وعاش متيماً بها وظهرت جلياً في أعماله مثل الثلاثية، أما نور الشريف فكان يبلغ 6 سنوات حين قامت ثورة 1952 م وتأثر بها وعاش عاشقاً لها، ثم اتحدا في نقدها.
النشأة الشعبية أيضاً كانت عاملاً كبيراً في تأثر حياة الرجلين، فهما أبناء الحارة حيث أن الأديب من الجمالية بينما الأستاذ من السيدة زينب، وبالتالي ظهر عشق الاثنين للصوفية وكل ما هو قديم، وارتبطا بالحارة والتصوف.
نجيب محفوظ ابن حارة الجمالية أحب الحسين ونور الشريف كذلك، وكان الأديب متعلقاً بالأولياء أما الممثل الأستاذ لم يختلف عنه كثيراً حيث أنه تمنى تجسيد شخصية القطب الصوفي أبو الحسن الشاذلي في مسلسل ولم تسمح الظروف الإنتاجية، غير أن آخر أعماله الدرامية كانت عند ضريح أبي الحسن الشاذلي في مسلسل خلف الله.
حتى على المستوى الأسري فالاثنين أنجبا بنتين، واستمر التوافق بينهما حتى في الشكل حينما أوشكا على الرحيل، ولم يصل التشابه عند هذا الحد بل وصل أيضاً إلى حد الموت فالاثنين ماتا في شهر واحد وهو أغسطس، وعلى من اختلاف اليوم والعام (نجيب محفوظ وفيات 30 أغسطس 2006 م ـ نور الشريف وفيات 11 أغسطس 2015 م)، لكنهما اتفقا في منطقة مدافن واحدة وهي مقابر 6 أكتوبر.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال