همتك نعدل الكفة
263   مشاهدة  

هادي الجيّار .. النبيذ الفاخر الذي رحل قبل أن نشربه

هادي
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



معتّق .. هكذا يقول الناس على الرجل الذي شرب مهنته حتى نضحت ، وهو تلخيص مقتضب لحالة الفنان هادي الجيار ، الرجل الذي كان أحد المشاغبين الذين وضعهم الجمهور العربي على العموم والمصري منه على الخصوص ، رمزًا للتمثيل لفترة كبيرة في فترة السبعينات ، العنقود الذي انفرط فذهب كل منهم إلى مشوار فني خاص به ، سواء أكان الزعيم عادل إمام ، أو الألفا سعيد صالح ، أو الإمبراطور أحمد زكي ، أو هادي الجيار

 

كان هادي الجيّار أحد أهم حبات عنقود المشاغبين ، صحيح أنه لم يحظى بقدر كبير من شهرتهم ، لكنه كان قد تشرّب بالصنعة كما يقولون ، أو إن شئت أن تقول كان عمدة في مكانة ، أستاذ كبير حصل على قدر محدد من كل شئ إلا من الصنعة .. كان هادي الجيار هو تلك التُرعة الهادئة التي ستتسع يومًا ما وتحول إلى نهر فني جارف على المستوى الشعبي ، على الرغم أيضًا أنه في الفترة الأخيرة وبمشاركاته المتعددة في الأعمال الرمضانية الناجحة قد اقترب من مرحلة انفجار الشهرة ، لكنه حتى اللحظة التي رحل فيها كان بالتأكيد ينتظرها . كان السهم الذي عندما شده الفارس عن آخره سقط قبل الانطلاق .

 

كان قطعة قماش أصيلة في زمن فني ضحل ، رجل اختمرت موهبته حتى اكتملت أمام الكاميرات ، في إحدى اللقاءات التليفزيونية كان الفنان هادي الجيار يشكو حزينًا ما وصل إليه حال الوسط الفني الجديد ، وأخص ما يشكوه هو عنجهية وغرور الجيل الجديد في التمنّع عن التعليم أو محاولة التعلّم من جيله ، قائلًا : كنت أتحدث إلى صديق بعد أن شاهدت بعض المشاهد للشباب حيث شاهدتهم يتحدثون بلا تعبيرات على الوجه ، فقلت له : أهذا هو التمثيل؟ .. أهذا ما تعلمناه من محمود المليجي وفريد شوقي وهدى سلطان وعبد الرحمن أبو زهرة ؟ .. أهذا ما أضعنا الوقت في تعلّمه ، حيث كانت الجملة الواحدة تُقسّم إلى كلمات ، وكل كلمة بطبقة صوت معينة ، ولكل خطوة أمام الكاميرا طريقة ؟ .. أنا مُتعجّب ….ولا يؤخذ كلام الراحل على محمل الانتقاد لمجرد الانتقاد لأنه لم يكن كذلك ، ولم يكن كذلك طيلة حياته ، لكنها كلمة من أحد حرّاس المهنة ، وأساتذتها المتواضعين ، الذي ربما ظلمته المقارنات بعنقود المشاغبين ، ولم يضع نفسه في موضع المظلوم . 

 رحم الله الفنان الذي لم يضع نفسه في موقع الحاقد ، أو الثرثار ، على الرغم من أنه كان أحد الأركان الأساسية في أعمال فنية شديدة الأهمية في المسرح العربي والسينما والتليفزيون ، رحمة الله على الرجل الذي احترم موهبته ، واحترم تاريخه ، واحترم نفسه وفنه حتى رحل .. رحمة الله على هادي الجيّار .

إقرأ أيضا
أسوأ التترات

الكاتب

  • هادي محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان