
هاني شكري ومنظومة “البحث عن فضيحة”!

أثار مقطع فيديو تم تداوله مؤخرًا لعضو مجلس إدارة نادي الزمالك هاني شكري، وهو يوجه سبابًا صريحًا ومباشرًا لجماهير الأهلي، حالة واسعة من الغضب في الشارع الرياضي المصري. الفيديو الذي تم تصويره بوضوح، وبدا أنه تم بمعرفة الحضور، وفي مقدمتهم المدير التنفيذي لنادي بيراميدز ممدوح عيد، كشف حالة من الثقة الزائدة في الإفلات من المحاسبة، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة تساؤلات قديمة عن العدالة الرياضية ومعايير تطبيقها في مصر.
تحرك قانوني
النادي الأهلي، من جانبه، لم يقف صامتًا، إذ أعلن تحركا قانونيا فوريا عبر تكليف المستشار القانوني للنادي، محمد عثمان، بتقديم بلاغ رسمي إلى النائب العام ضد التجاوز اللفظي الذي تعرّضت له جماهيره.
السباب ” مخالفة تأديبية رياضية جسيمة “
بحسب د. محمد فضل الله المستشار الاستراتيجي والقانوني الرياضي الدولي، عضو لجنة ضبط الأداء الإعلامي الرياضي، فإن قيام أى شخص بتوجيه سباب أو إهانات علنية إلى جماهير نادٍ منافس ، يُعد مخالفة تأديبية جسيمة ، وذلك بموجب اللوائح التأديبية للاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA Disciplinary Code)، وفقًا للمبادئ التالية:
أولاً :- انتهاك مبادئ السلوك الرياضي
فوفقًا لنص ( المادة 13 ) من لائحة الفيفا الانضباطية والتى تنص على ( أي شخص يهاجم كرامة أو نزاهة أو يُهين مجموعة من الأشخاص عبر كلمات أو أفعال، لأي سبب، بما في ذلك الأصل أو اللون أو العِرق أو الميول الرياضية، يعاقب بالإيقاف أو الغرامة أو كليهما ) ، حيثُ تسري أحكام هذه المادة على ( المسؤولين ، اللاعبين، الإداريين، أعضاء الأجهزة الفنية، وكل من له صفة رسمية داخل المنظومة الكروية )
ثانياً :- عدم حصر المساءلة في المباريات فقط ، فالقواعد التأديبية للاتحاد الدولى لكرة القدم ( FIFA ) لا تشترط أن يكون الانتهاك قد وقع داخل الملعب أو خلال المباراة حتى يُعد مخالفة، بل يمتد ليشمل ذلك :
(1)- المقابلات الإعلامية.
(2)- التصريحات العلنية.
(3)- النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
(4)- أي سلوك علني يؤثر على سمعة اللعبة أو ينتهك القيم الرياضية.
من أمن العقاب أساء الأدب
لكن اللافت في المشهد، وربما الأكثر خطورة، هو ما أبداه عدد كبير من جماهير الزمالك على مواقع التواصل الاجتماعي من دعم لما بدر من هاني شكري، وهو ما يكشف إلى أي مدى أثّر غياب العدالة والردع في خلق ثقافة عامة تتسامح مع الخطأ طالما أن مرتكبه ينتمي للنادي المُفضل.
ورغم أن هذه الواقعة تبدو صادمة، فإنها ليست معزولة. ففي وقت سابق، وجه مروان حمدي، مهاجم نادي بيراميدز، سبابًا مباشرًا لجماهير الأهلي في فيديو انتشر على مواقع التواصل كذلك دون أن يتعرض لعقوبة تذكر، بينما تمت معاقبة عضو مجلس إدارة الأهلي محمد سراج لمجرد كتابة منشور ساخر على “فيسبوك” قال فيه: “الاستثمار دا جميل أوي!”. هذا التباين في التعامل مع الوقائع المماثلة، وبحسب هوية النادي أو الشخص، يعكس غيابًا واضحًا لمبدأ تكافؤ الفرص واستمرارًا لحالة من التمييز في إنفاذ القوانين.
إن ازدواجية المعايير في التعامل مع الأحداث داخل الوسط الرياضي المصري لا تفسد فقط من هم في مواقع المسؤولية، بل تمتد آثارها إلى الجماهير، التي تفقد إيمانها بقيم العدالة وتزداد تعصبًا واستقطابًا.
ولعل أهم ما تكشفه هذه الواقعة هو أن المشكلة لم تعد في الأفعال فقط، بل في بنية المنظومة نفسها، التي تسمح بالتجاوز، وتتسامح مع الإساءة، وتكيل بمكاييل متعددة وفقًا للاسم والمكانة.
إن الكرة المصرية، إذا كانت ترغب في التطور واللحاق بركب الاحتراف الحقيقي، فإن عليها أولًا أن تستعيد هيبة القانون وتطبق لوائحها بعدالة، دون تمييز أو انتقائية. فبدون ذلك، سنظل ندور في دوائر مفرغة من الفوضى، ونتعامل مع الأزمات فقط بعد أن تتحول إلى فضائح علنية.
الكاتب
ما هو انطباعك؟







