هكذا تبرع يهود مصر للجيش المصري في حرب 48 ..الميزان ينفرد بنشر وثائق التبرعات
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ينفرد موقع الميزان بنشر قائمة تبرعات يهود مصر في حرب 48 وتكشف عن قيام مجموعة من رجال الأعمال اليهود مع بعض المواطنين بتقديم تبرعات قيمتها 45 ألف جنيه تكون تحت تصرف الحكومة المصرية في الحرب ضد الكيان الصهيوني.
الداعي لنشر الوثائق
يكتنف الغموض ملف يهود مصر وحرب 48 خاصةً بعدما تم تطجينه سياسيًا خلال السنوات العشر الماضية.
اقرأ أيضًا
تحقيق || قصة رئيس الزمالك مع الأهلي وفلسطين .. حقيقة أزمة مباراة الـ 6-0 الغامضة
بدأت بكلام عصام العريان عام 2012 م حول رجوع اليهود الذين طردهم الرئيس جمال عبدالناصر، ثم تفاقم التطجين بعد 2013 عندما صار يهود مصر جزءًا من الشائعات التاريخية التي تلاحق خصوم الإخوان، ومع العام 2015 جاء مسلسل حارة اليهود ليسبب جدلاً كبيرًا، خاصةً مع الاهتمام بالمنشآت التاريخية التي كانت معابد اليهود من ضمنها.
كانت حرب 1948 م هي القاعدة التي انطلق منها الجدال، إذ تعرض التوثيق لموقف اليهود منها إلى أقاويل تنصفهم بلا سند، وأطروحات تتهمهم صراحةً بأنهم عملاء، ولذا قررنا نشر تلك الوثائق للتوثيق ليس أكثر.
قراءة لوثائق تبرعات يهود مصر في حرب 1948 م
قدم يهود مصر في حرب 48 تبرعات مالية وصل إجمالها إلى مالا يقل عن 45 ألف جنيه بعد وقوع المواجهات بين العرب والعصابات الصهيونية في فلسطين.
كان توفيا سمشا ليفي بابيتس آخر حاخامات اليهود القرائيين في مصر هو صاحب فكرة جمع التبرعات من اليهود للجهاد ضد العصابات الصهيونية، كون أنه ألد أعداء الحركة الصهيونية في مصر وأحد أبرز اليهود الرافضين لمبادئ الصهيونية ومن المناوئين لفكرة الوطن الأم وحق اليهود في إقامة وطن بفلسطين، كون أن القرائيين يروا بحرمانية الاستيطان في فلسطين.
حاول حاييم وايزمان بصفته أحد منظري الصهيونية إقناع القرائيين في مصر بالهجرة إلى فلسطين لكنه فشل بسبب توفيا فقام باستقطاب اليهود من ذوي الأصل الأوروبي.
لم يتوقع زعماء الصهيونية بعد قيام حرب 48 في 15 مايو أن يقوم الحاخام توفيا بتبني حملة للتبرعات في 30 مايو من خلال بيان وجهه إلى كل يهود مصر طلب منهم التبرع لجنود الجيش المصري، وتقديم يد العون لعائلات الشهداء.
تفيد وثائق اليهود القرائيين أن المجلس الملي للطائفة برئاسة الحاخام توفيا تسلم 17 شيك بقيمة 2245 جنيه، إلى جانب تلقيه 415 جنيه نقدًا من 4 محلات و 6 مواطنين، ليصل قيمة ما جمعه اليهود القرائيين إلى 2660 جنيه.
وفي تقرير المجلس الملي تم تقديم 509 جنيه و 500 مليم بهدف الترفيه عن الجنود المصريين، وقد نشرت جريدة الأهرام تفاصيل تلك التبرعات والموجودة في نسخة تقرير الأداء الشهري للمجلس الملي القرائي عن شهر يونيو 1948 م.
لم ينسى رجال الحكم الجديد الذي تولى مقاليد الحكم في مصر بعد الإطاحة بالنظام الملكي ما فعله توفيا سمشا ليفي بابيتس، لدرجة أنه لما مات في العام 1956 أرسل جمال عبدالناصر مندوبًا عنه ليحضر الجنازة.
بعد تبرعات القرائيين ارتفعت حصيلة تبرعات يهود مصر إلى 40 ألف و34 جنيه و 550 مليم، ورفعوها إلى الملك فاروق؛ وبحسب البيان الصحفي الذي وزعوه على الصحف المصرية في 8 يونيو 1948 م حينها فقد قالوا «إعرابًا لما يكنونه من ولاء لجلة الملك، تبرع أبناء الطائفة الإسرائيلية في القاهرة بمبلغ 40 ألف جنيه، تاركين لجلالة مولانا الملك اختيار الوجوه التي ينفق فيها».
الملك فاروق وجه نداءًا لليهود بعد زيارة وفدهم له بعد وقوع الحرب بـ 24 ساعة وأكد أن لهم نصيب في الجهاد ضد إسرائيل.
يلاحظ في تلك التبرعات أنها شملت كافة أنواع يهود مصر، فقد وصل عدد رجال الأعمال إلى أكثر من 50 تابعين لما لا يقل عن 60 شركة ومحل، إلى جانب مواطنيين عاديين.
موقف يهود مصر من الصهيونية .. توثيق سريع
قبل أشهر قليلة من انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل، زار جوزيف ماركو باروخ مصر في فبراير 1897 م بهدف تأسيس هيئة صهيونية في مصر تخدم فكرة كتاب دولة اليهود الذي أصدره تيودور هرتزل قبل عام.
أسس باروخ في مصر جمعية بروكخيا الصهيونية وكان أعضاءها من يهود أوروبا المقيمين في مصر، وترأس الجمعية جاك هارملين فيما تولى جوزيف ليوفتش السكرتارية، وخلال سنوات قليلة أسس الجمعة 14 فرع لها الإسكندرية وبورسعيد وطنطا والمنصورة، بينما أسست جمعيات فرعية في القاهرة مثل جمعية أبناء صهيون للأطفال، وجمعية الأدب العبري، وجمعية أحباء صهيون، ولجنة التنسيق الصهيونية، وجمعية كادريما، واتحاد أطفال صهيون، ودائرة هرتزل.
كانت هذه الجمعيات تهدف في الأساس إلى زرع نزعة الذات اليهودية بين يهود مصر، ولم تلقى معارضةً من الحكومة حينها، فحين نظمت جمعية باروخ حفلا لتأييد وعد بلفور حضره أحمد زيور باشا محافظ الإسكندرية، بل والملك فؤاد الأول عام 1917 شهد حفل اتحاد الجمعيات الصهيونية في كيان واحد اسمه الاتحاد الصهيوني، بل ومنحت وزارة الشئون الاجتماعية ترخيصًا عام 1944 لـ 3 منظمات صهيونية.
كان عدد اليهود في مصر 65 ألف و 639 نسمة، منهم 5 آلاف يحملون الجنسية المصرية، و 30 ألف يحملون جوازات سفر أجنبية بهدف التمتع بالامتيازات الأجنبية.
كان هناك يهود مصريين تأثرًا بالصهيونية أيدوا قرار التقسيم، فيما قام أغلب كبار اليهود بشن حملة شعواء ضد ذلك مثل اليهودي المصري مارسيل تشيريزي عضو الحركة الشيوعية المصرية وأصدور بيانًا بعنوان ضد الصهيونية من أجل يهود مصر، أما رينيه قطاوي رئيس طائفة اليهود حذر الوكالة اليهودية في مصر من ممارسة النشاط الإعلامي لها للترويج للصهيونية عبر صحف الصوت اليهودي والصراحة والشمس.
ورغم ذلك النشاط الصهيوني في مصر لكن استجابة يهود مصر لمشروع إقامة وطن لليهود كان فاترًا، غير أنه بعد هزيمة العرب في حرب 48 قرر أغلب يهود مصر الهجرة إلى أوروبا وبعضهم هاجر إلى فلسطين بعد احتلال الصهاينة لها وعقب وقوع الهجمات داخل القاهرة ضدهم.
المراجع
- يهود مصر بين الحقائق والأساطير – د. عاصم الدسوقي
- اليهود المصريون صحفهم ومجلاتهم 1877-1950 – د. سهام نصار
- النشاط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لليهود في مصر ” 1882 – 1948 ” – لؤي عبدالمجيد
- توفيا بن سمشا آخر حكماء القرائين في مصر – الحاخام يوسف الغميل
- صفحة الحاخام توفيا سيموفيتش – بوابة المعلومات الروسية
- تقارير المجلس الملي للطائفة القرائية – مجلة الكليم يونيو 1948 م
- جريدة المقطم – عدد 8 يونيو 1948 م
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال