هل النجومية تورث أمراضا نفسية ما؟!

الناس الذين تكتب لهم الأقدار شهرة طاغية، في شتى المجالات، وبالذات مجالي الفنون والرياضة، يسميهم الناس نجوما؛ لأنهم مضيئون يخطفون الأبصار وبعيدون لا تطولهم الأيدي، أي كالنجوم التي في السماء فهكذا شأنها!

اقرأ أيضًا
بين السياسة والرياضة .. خطيئة وصف محمد صلاح بفخر القطط لا العرب

النجومية مكلفة طبعا؛ فأصحابها لا يستطيعون التصرف ببساطة واعتيادية كسائر الناس، وإنما يفرضون على أنفسهم طرقا خاصة للأقوال والأفعال، بل حتى السير في المساحات الضيقة التي يسيرون فيها على الأقدام، ودائما ما يكونون محوطين بالحرس، وحولهم من حولهم من الموظفين والأعوان.

لا أحد يقدر على مقابلة عادل إمام بسهولة، ولا رؤية مو صلاح من مكان قريب، والسؤال الملغوم على هذا: ما علاقة عادل إمام ومحمد صلاح بأنفسهما؟! ولعل المقصود من السؤال يفجر سؤالا ملغوما جديدا: هل يحس النجم بنجوميته؟! وما تبعات هذا الإحساس؟!.

سألت الصديق علي الحجار مرة: كيف رأيت الشارع بعد أن صرت معروفا فيه إلى حد كبير؟! لا أدري حينها أفهم ما أرمي إليه، بدقة، أم لا، لكنه قال شاردا شرودا ما: كنت أرى نفسي محط أنظار الأغلبية، لكنني أمضي ولا أهتم، وربما أشكر الله على النعمة!

وفي مرة اقترحت على صديقي محمد منير أن ينزل معي وسط البلد، وكان طلب مني، ومن مجموعة من الأصدقاء كانوا معنا، أن نقترح عليه أفكارا للسهر، فرفض فكرتي بشدة، وقال إنه سيكون عبئا علينا لأن الناس لن يتركوه في حاله للحظة واحدة!

النجوم، عادة، يشكون من تزاحم الناس وتصاخبهم حولهم للحصول على صورة أو توقيع، وقد يكونون في حاجة إلى مثل ذلك للإحساس بسرمدية نجوميتهم، والناس، عادة، يشكون من غرور النجوم الذين لا يحبون التزاحم والتصاخب في محيطاتهم، في حين أنهم يعلمون أنهم محبوبون ومرغوبون..

إقرأ أيضا

العرائس ليست مجرد دمى فقط

يحس النجم بنجوميته طبعا، وربما حسد مرآته التي تراه باستمرار دون أن تعاني، وعلى هذا يمكن أن يورثه الأمر أمراضا نفسية معقدة، إلا الذي عصمه الله من هذه الأمراض، عصمه بوعي ذاته الفارق، وتواضعه الجبلي.. وأما الناس فالواجب ألا يتهافتوا على النجم العابر أمامهم بالصدفة، أو حتى الذي ذهبوا إليه خصيصا في الندوة أو المهرجان أو الاحتفالية، فالنجوم بشر عاديون، في أول الحكاية وآخرها، يزعجهم ما يزعج العاديين ويرهقهم ما يرهق هؤلاء، والصحيح أن يقبل الناس عليهم بلطف وأن ينصرفوا من عندهم بلطف، وألا يبالغوا في مطالبهم منهم؛ فبعض الناس يتخطى الإعجاب إلى طلب المال أو المعونة الحكومية أو ما شابه.

قصدت أننا في حاجة إلى التوعية الشاملة، بهذا الشأن، توعية النجم بأبعاد نجوميته وحدودها لكيلا يطغى أو يصير شاعرا بالفوقية الزائدة الجارحة، وتوعية الجماهير بعلاقتهم الحقيقية بهذا النجم الذي يشطحون فيعتبرونه فردا من أفراد أسرهم أحيانا، ويتبسطون للغاية مع مقامه الرفيع، هكذا وإلا خسرنا كلنا، نحن والنجوم!