
هل ستُنفّذ طهران تهديدها هذه المرة وتُغلق “هرمز” أم ستكتفي باستعراض عضلاتها السياسية

في خطوة قد تُعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي، وافق البرلمان الإيراني، يوم الأحد الموافق 22 يونيو 2025، على قرار يقضي بإغلاق مضيق هرمز، بانتظار موافقة السلطات العليا في البلاد لدخوله حيز التنفيذ. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الخبر الذي أثار تساؤلات واسعة حول مصير العالم، في ظل أن المضيق يُعد أهم ممر نفطي عالمي، تمر من خلاله نحو 21 مليون برميل من النفط يوميًا، إلى جانب ثلث صادرات الغاز الطبيعي المُسال.
ويمثل إغلاق هذا الممر التجاري الحيوي تهديدًا مباشرًا لمصالح الدول المُصدّرة للوقود في الخليج العربي، وكذلك للدول المستوردة من حلفاء الولايات المتحدة وإيران على حد سواء.
تأثير محتمل على أمريكا وحلفائها
رغم أن الولايات المتحدة ليست معتمدة بشكل مباشر على نفط الخليج، إلا أن إيران لطالما استخدمت مضيق هرمز كورقة ضغط سياسية وأمنية، نظرًا للتأثير الكبير الذي يمكن أن يُخلّفه على حلفاء واشنطن، خصوصًا في أوروبا واليابان، الذين يعتمدون عليه في استيراد النفط والغاز الطبيعي.
وتعتمد دول الخليج بشكل شبه كامل على المضيق لتصدير النفط ومصادر الطاقة. وتشير دراسة أكاديمية نُشرت في “مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي” بعنوان “تأثير مضيق هرمز على سياسات القوى العظمى تجاه منطقة الخليج العربي”، إلى أن نحو 40% من تجارة النفط العالمية تمر عبر هذا الممر، بمعدل يتراوح بين 17 و18.5 مليون برميل يوميًا.
ويعتمد نحو 90% من صادرات دول الخليج النفطية عليه، إذ تمر 88% من صادرات السعودية من خلاله، بينما تعتمد كل من العراق والكويت وقطر بنسبة 99% على المضيق. وتُعد قطر أكبر مُصدِّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، إذ تمر عبر المضيق 30% من إمدادات الغاز المُسال العالمية، أي نحو 82 مليون طن سنويًا.
وتبذل الولايات المتحدة جهودًا حثيثة للحفاظ على استمرار حركة الملاحة في المضيق، حفاظًا على مصالح حلفائها الأوروبيين الذين يعتمدون بشكل رئيسي على واردات الطاقة القطرية، حتى لو تمكنت واشنطن من تعويض النفط، فإن الغاز القطري لا يُعوّض بسهولة.
هل ستضر إيران بحلفائها؟
القرار الإيراني لن يصيب خصومها فقط، بل سيمتد أثره إلى أقرب حلفائها، وعلى رأسهم الصين، أكبر مستورد للنفط الإيراني. وقد دعا الرئيس الصيني “شي جين بينغ”، هذا الأسبوع، إلى التهدئة الفورية بين طهران وتل أبيب، مشيرًا إلى ضرورة وقف التصعيد “بأسرع وقت ممكن”، وفق ما ذكرته صحيفة Financial Times.
وتضمّن تقرير الصحيفة تحذيرات من بكين إلى واشنطن بعدم التدخل بما قد يُعطّل التجارة الصينية الحيوية مع إيران. ووفق التقرير نفسه، فإن النفط الإيراني شكّل نحو 15% من واردات الصين من الخام في العام الماضي، حيث بلغ إجمالي وارداتها اليومية من النفط حوالي 11.1 مليون برميل، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
ورغم أن الملاحة في المضيق لم تتوقف فعليًا حتى الآن، إلا أن الأسواق تأثرت بشكل ملحوظ، إذ ارتفع سعر خام برنت من 69 دولارًا للبرميل في 12 يونيو إلى 74 دولارًا في 13 يونيو فقط. والمرحلة المقبلة قد تحمل ما هو أخطر من ارتفاع الأسعار، إذ إن تغيّر شكل التعاملات الإقليمية والدولية بات أمرًا مطروحًا.
سيناريوهات ستختارها إيران
في هذا السياق، دعا وزير الخارجية الأمريكي “ماركو روبيو”، خلال استضافته في برنامج “صنداي مورنينغ فيوتشرز” على قناة فوكس نيوز، الصين للضغط على إيران من أجل التراجع عن خطوة إغلاق المضيق، وذلك بعد الضربات الأمريكية الأخيرة لمواقع نووية إيرانية.
وبحسب ما نشره موقع Axios News، فقد عززت واشنطن انتشارها العسكري في الخليج والمناطق المحيطة، وسط توقّعات بأن أي تحرك عدائي من إيران تجاه المضيق قد يؤدي إلى رد عسكري واسع.
لكن وفقًا لتحليل صادر عن “مجموعة أوراسيا” – أكبر شركة استشارات للمخاطر السياسية في العالم – فإن “من غير المرجّح” أن تُقدم إيران على خطوة الإغلاق الفعلي، رغم التصعيد الإعلامي.
هل تغلق إيران المضيق حقًا؟ أم تواصل التهديد فقط؟
ليست هذه المرة الأولى التي تهدد فيها إيران بإغلاق مضيق هرمز دون تنفيذ فعلي. ويبدو أن التلويح بهذه الورقة هو جزء من تكتيك التفاوض والضغط السياسي، إذ صرّح عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني لصحيفة خبر فوري، قائلًا إن “غلق المضيق مطروح على الطاولة منذ 37 عامًا”.
وفي ظل المتغيرات المتسارعة، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستُنفّذ طهران تهديدها هذه المرة وتُغلق المضيق، لتضع العالم أمام أزمة طاقة غير مسبوقة؟ أم ستكتفي باستعراض عضلاتها السياسية، وتُجنّب نفسها مواجهة عسكرية مع واشنطن، بتشجيع خليجي؟
اقرأ أيضًا: بـ25 قتيلًا و63 مصابًا..داعش يعيد نفسه للمشهد من بوابة كنيسة مار إلياس، فما القصة؟
الكاتب
ما هو انطباعك؟







