هل كونك صاحب موقف سياسي يعني بالضرورة أنك غير متحرش؟!
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
خلاف مشادات وتبادل اتهامات تسببت بها اتهام أحدى الفتايات محمد هاشم صاحب دار ميريت للنشر والتوزيع بالتحرش، ويعتبر محمد هاشم واحد من أشهر أعمدة وسط البلد والأب الروحي بالنسبة لعدد من الشباب الذين يطلقون على أنفسهم مثقفين، وأيضًا ممن شاركوا في ثورة الخامس والعشرون من يناير.
وبدأت القصة عندما نشرت فتاة تدعى آلاء حسنين منشور على صفحتها الشخصية على فيسبوك، تتحدث خلاله عن واقعة تحرش حدثت لها العام الماضي متهمة محمد هاشم بالاعتداء الجسدي عليها، وقالت آلاء ”
سنة ٢٠١٩ رحت أول مرة لدار ميريت بدعوة من أحد الأصدقاء، كان وقت معرض الكتاب وعملوا احتفال في ميريت بمناسبة مرور ٢٠ سنة عليها. تم تقديمي لمعظم الناس هناك واتعرفت على أغلب الموجودين منهم محمد هاشم اللي كان بيتم الاحتفاء بيه بشكل غير معهود. رحب بيا وقالي مكانك وفي أي وقت ومن هذا الكلام. بعدها بيومين عديت على ميريت أجيب كتب. كان فيه في الدار شخص من العاملين فيها بالإضافة إلى هاشم. طبعًا رحب بيا وقالي لازم تشربي حاجة. قعدنا نتكلم وكانت احدى بناته نايمة في نفس الأوضة اللي قاعدين فيها، قالي تعالي ندخل الأوضة التانية عشان ما نزعجهاش. أنا طبعا ماخطرش على بالي إن الشخص دا….. قلت تمام ندردش خمس دقايق وبعدين أجيب الكتب اللي عايزاها وأمشي. وبدون أي مقدمات هجم عليا محمد هاشم صاحب دار ميريت وبدأ يمسك جسمي ويبوس فيّا بالغصب. اتسمرت في مكاني لأن دا تصرف غير متوقع بالمرة نظرا لأن صورته في بالي كانت كويسة من كلام الاصدقاء المشتركين ولأنه حد عجوز يعني وأنا في سن بنته وكنت بتعامل معاه على هذا الأساس ولأن بينا اصدقاء مشتركين كتير ولأن بنته اللي أنا أصغر منها نايمة في الأوضة المجاورة !! حاولت أبعده عني لكنه فضل يقولي استني شوية واستمر!! وطبعا ردود أفعالي كانت بطيئة بحكم الصدمة لكني في النهاية بعدته عني وقمت ومشيت من المكان وما رجعتش تاني. واليوم دا كان من اسوأ أيام حياتي على الاطلاق. لما اشتكيت لأكتر من صديق قالي انك مش أول واحدة تقول كدا والكلام دا سمعته من أكتر من بنت في الوسط بتقول برضو إن محمد هاشم اتحرش بيها والظاهر انه معروف بالحكاية دي.
لم يمر على نشر الفتاة دقائق معدودة حتى هبط عليها سيل من الشتائم والتشكيك في روايتها، وكأن بعض الأشخاص يشجعون النساء للحديث عن الإنتهاكات التي يتعرضون لها طالما المتهم بعيد عن دوائرهم،وكان من الصادم والمخجل أن يصل الأمر من بعض المعلقين إلى التهديد.
لتخرج ميريت أبنة الناشر محمد هاشم في محاولة لتبرأة والدها من التهمة، وكتبت على حسابها الشخصي “طيب الأستاذة المحترمة المدعية اللي غيرت كلامها ومسحت الشتيمة أنا ميريت محمد هاشم وعايزة اقولكم أن دي واحدة كدابة وشكرا لكل اللي دافع وشكرا برضوا لكل اللي قال كلمة وحشة وشتم لاني لو مكانكم هعمل كدة انا عندي بنت ولو حصل فيها اي حاجة مش هيكفيني الدنيا باللي فيها ومحمد هاشم عنده ٣ بنات وجوليا بنتي اللي ولدتها السنة اللي فاتت قبل احتفال مرور ٢٠ سنة علي دار ميريت بيوم واحد وبعد الاحتفال بيوم توفت عمتي اخت بابا وهو سافر ٣ ايام بتوع العزاء بعد الاحتفال علطول وانا دخلت العناية المركزة بعد موت عمتي بيوم واحد وبابا كان ما بين طنطا للعزاء وما بين المستشفي في المهندسين وكل الكلام دا طبعا عليه الف دليل فا بابا هيسيب كل ده ويتحرش بيكي اه واختي اللي كنتي بتتكلمي عليها واحدة كانت في معرض الكتاب والتانية معايا علشان والدة حسبي الله ونعم الوكيل وكل واحد قال كلمة هتردله ومش هنسيب حقنا وهتتجابي بالقانون واللي زقينك حاولوا كتير يوقعوا بابا وكل مرة بيفشلوا لأن الحمدلله ربنا دايما معاه علشان بيدافع عن اي مظلوم وكان عنده أيام الثورة الف بنت زي و زيك وكان هو اللي حاميهم من اي تحرش و اي اذي Alaa hasanin عايزة اعرف بس خدتي كام وبشهدات ناس كتير الحمدلله انك .. مش هقول علشان مش هنزل لمستواكي وكل اللي بيطبل وبيدافع بتاخدوا كام طيب علشان تعملوا كدة في الناس الشرفاء وبالصدفة المدام دي باعتة ادد لناس كتير تبعنا من يومين بالظبط علشان تدخل التريند وتظهر الشاعرة المغمورة”
لماذا لا تتحدث الناجيات من التحرش أو الإغتصاب؟
ولكن ظهرت شهادة أخرى ترويها فتاة لم تكشف عن هويتها لأخرى عن طريق أحد برامج المحادثة، ولكن المخيف في شهادة الفتاة الأخرى أنها تتحدث عن خوفها من ألحاق الإيذاء بها وبأولادها إذا تحدثت بشكل علني عن الأمر!
وخرج محمد هاشم نفسه في بيان نشره على صفحته الرسمية يقول خلاله “مهم جدا إني أوضح لصديقاتي وأصدقائي إن الواقعة شديدة الإزعاج المتداولة عني عبر السوشيال ميديا منذ الصباح لم تحدث إطلاقا.
الأستاذة صاحبة الاتهام زارت ميريت عدة مرات لحضور فاعليات مختلفة، وأنا تعاملت معها بالاحترام والمودة الواجبين لواحدة في سن بناتي.
دي شهادتي. واللي يعرفوني لهم مطلق الحرية إنهم يصدقوني أو لأ،
أخيرا، برجاء عدم توجيه أي إساءة لهذه الأستاذة في التعليقات من فضلكم”
الدفاع الغوغائي ورمي الاتهامات
منذ عامين تقريبًا خرجت فتاة تتهم محامي شهير ومرشح رئاسة جمهورية اسبق بالتحرش بها ومحاولته الاعتداء الجسدي عليها، وفجأة هاجت الدنيا وبدأ مناصرو المرشح في اتهام الفتاة بالاتهام المحفوظ “دي امن” وهو نفس الاتهام الذي يوجه الأن لآلاء صاحبة اتهام محمد هاشم بالتحرش، وخرج في ذلك الوقت الجميع مدافعين عن المحامي الشهير دون حتى محاولة السماع للفتاة فربما تكون هي على حق، واستمرت هذا الدفاع الغوغائي من أنصار المحامي حتى وصل إلى اشخاص-من المفترض- مثقفين ودعاة للحرية ولا يتوقفون عن المناداة بحقوق النساء ليلًا نهاراً.
وللأسف انتهت قضية المحامي بالتدليس على ما حدث، واتذكر وقتها أن هناك أحمد المحامين المشهورين ايضًا، كتب فيما معناه أن ما نقوم به كنساء من الحديث عن التحرش واتهام “الشرفاء” بالتحرش بنا سيكون السبب في تقلص فرص العمل في مجال العمل العام!
الآن أتحدث : متى حدثت أول حادثة تحرش .. وبماذا نفعوا القضاة الشرعيين
من البديهي أن لكل شخص الحق في الحديث عن ما تعرض له من انتهاك في أي وقت يرى أنه يستطيع فيه فعل ذلك، وهو ما يجهله بعض المدافعين عن محمد هاشم الذين لم يعطوا لأنفسهم حتى الفرصة للتحقق في الواقعة، فإن كانت ابنته تتحدث عن تسلسل زمني للأحداث التي تتحدث آلاء عن وقوع الحادثة فيها فهو أمر منطقي للغاية، ولكن المدهش أن يصل بأحد محاولة التضليل إلى الحديث عن قصة كاملة حول وجود آلاء في دار النشر والحديث عن ملابسها وأنها كانت تحت تأثير مخدر وغيرها من الأمور التي لا تختلف أي شيء عن حديث المتحرشين انفسهم لتبرير فعلهم، ويقول الشاب ان محمد هاشم نفسه عنفه هو وصديقه المتحرش الذي كان ينظر على فخذ الفتاة، وبعد ذلك يستعين به للعمل في دار النشر!!! هل حقًا انت تبرئه من حادث التحرش أم تتحدث عن قبوله للمتحرشين وتوظيفهم في الدار!
هل كونك رجل صاحب موقف سياسي يعني أنك بالضرورة غير متحرش؟!
في البداية دعونا نطرح بعض الأسئلة ونجيب عليها.
هل كونك ليبرالي يعني بالضرورة أنك رأس مالي وصاحب مصانع وشركات يضطهد العمال؟ هل إذا حصلت على جائزة نوبل في الفيزياء يعني أنك تتمتع بذكاء اجتماعي خارق؟ والسؤال الذي من المهم أن نجيب عنه هو هل كونك صاحب موقف سياسي يعني أنك بالضرورة غير متحرش؟! الإجابة بالتأكيد لا.
في رأيي أن المشكلة الرئيسية التي نعاني منها في المجتمع ككل، مشكلة خلط المفاهيم والتعامل مع الصفات الشخصية بأنها الزامية، بمعنى أنه كونك مثقف يعني أنك بالضرورة مع حقوق النساء ومؤمن بالأفكار التقدمية، ورغم عدم منطيقة فكرة الصفات الإلزامية من الأساس، إلا أن الأغلبية العظمة تعتبرها شيء مسلم به، ولذلك مع كل ظهور حادث التحرش من أحد الأشخاص الذي يعتبرها البعض “رموز” تجدهم يدافعون باستماتة عن هؤلاء الأشخاص قبل حتى السماع إلى الضحية.
في الأخير لا يمكننا إصدار أحكام ضد أحد او اتهامه بشيء قبل إدانة جهات رسمية بذلك، ولكني أدعم من كل قلبي الضحايا للحديث وكسر حاجز الخوف ورفع الغطاء عن آلاف وقائع التحرش المسكوت عنها خوفًا من المكانة الاجتماعية أو سلطة فاعليها، ادعموا النساء للحديث عن التحرش فهذا لا يعتبر قصف أحد بالباطل، ففي الأخير إذا كانت المدعية تحاول تشويه سمعت المتهم بالتحرش كما يتحدث البعض، ببساطة يمكنه أن يقتص منها عن طريق رفع دعوى يتهمها فيها بتشويه سمعته، ولكن من الأولى مساندة الضحايا دون ترهيبهم وتهديدهم وتشجيعهم على التحدث.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال