هنا يرقد أول شيخ للأزهر اشترك في الثورة العرابية “سلفه عُزِل بطلب عرابي”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في ترب المجاورين دُفِن الشيخ شمس الدين الإنبابي بعد 15 سنة من اشتراكه في الثورة العرابية والتي كلفته الكثير.
خلاف الإنبابي والعباسي حول الثورة العرابية
حضر الثورة العرابية شيخين للأزهر هما الإمام الشيخ شمس الدين الإنبابي والإمام محمد المهدي العباسي وكان الأخير غير متجاوبًا مع الثورة العرابية لدرجة أنه أفتى بعدم الاشتراك فيها وفضل الولاء للخديوي توفيق لأنه غير خائن، وهو الموقف الذي أثار أحمد عرابي فطلب من الخديوي توفيق عزله، وهو ما تم بالفعل وتولى مكانه الشيخ شمس الدين الإمبابي.
اقرأ أيضًا
حينما سُرِقَت ساعة أحمد عرابي .. أخذها من مهراجا وأوتوبيس خط 12 مسرح الجريمة
فشلت الثورة العرابية وتمكن الخديوي توفيق من السيطرة على مقاليد الأمور فقرر إعادة الشيخ الشيخ محمد المهدي العباسي إلى منصبه وتم التحقيق مع شمس الدين الإمبابي.
اقرأ أيضًا
إبراهيم عيسى وحلقة أحمد عرابي في له ما له وعليه ما عليه .. كرر نفسه وطور خطأه
أراد العباسي التكفير عن ما بدر منه فكان يجتمع بكبار العلماء في السر للتحدث في أمور السياسة وطرق ومقاومة الإحتلال البريطاني حتى علم الخديوي توفيق بالأمر فطلب منه التوقف لكن العباسي رجاه أن يعفيه من منصب شيخ الأزهر والإفتاء، بينما الإنبابي عاد لمنصبه وظل به فترة حتى قدم استقالته لأسباب صحية.
الإنبابي .. الأزهري الثري
الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن حسين الأنبابي الفقيه الشافعي من مواليد إمبابة سنة 1824 م، والتحق بالأزهر الشريف سنة 1837 م وتعلم على يد أئمة مشهورين مثل الباجوري والسقا والبولاقي ثم تولى التدريس بالأزهر سنة 1857 م.
كان الشيخ الإنبابي ثريًا لأن والده من أشهر تجار مصر وقتها وهي المهنة التي تشربها الإنبابي ففتح وكالة كبيرة لتجارة الأقمشة يُشرف عليها مع اشتغاله بالدراسة والتدريس.
رغم أن الشيخ الإنبابي كان ثرياً بالمال لكنه كان ينفقه دوماً على الفقراء والطلاب والزهاد حتى عندما حضرته الوفاة كان قد أوصى بأن تُنفق تركته كلها من المال على المسلمين وفقرائهم وقال المال مال الله ليس لي منه شيء.
يذكر كتاب كنز الجوهر في تاريخ الأزهر أن الإمبابي تولى منصب شيخ الأزهر عام 1881 م ولم تطل مدة ولايته لمشيخة الأزهر في هذه الفترة؛ لأنه قدَّم استقالته إثر حوادث الثورة العرابية، وذلك لما لاحظ إقبال الخديوي توفيق على الإمام الشيخ المهدي العباسي ثم صدر قرار بإعادة تعيينه شيخًا للأزهر، وظل قائمًا بالمشيخة تسع سنوات حتى استقال منها لما ضعفت صحته وأصيب بشلل فعيَّن الخديوي الشيخ حسونة النواوي وكيلا له ليحمل عنه أعباء الأعمال، ولما قنط الشيخ الإمام من الشفاء قدَّم استقالته، فقبلها الخديوي مراعاة لحالته الصحية.
بعد تقديم الشيخ الإمام شمس الدين الأنبابي استقالته عكف على قراءة كتب السنة الستة، وكتاب الشفاء للقاضي عياض في السيرة النبوية، توفي عام 1896 م وكان عمره أربعة وسبعين عامًا، وقد وقف مكتبته وما يملكه من عقار كثير على وجوه الخير، ودُفِنَ بقرافة المجاورين.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال