هنيبعل القرطاجي.. كابوس روما القاسي يموت منتحرًا!
-
محمد الموجي
محمد الموجي ممثل وكاتب مصري، تخرج من كلية الإعلام جامعة القاهرة، وعمل بعدد من المؤسسات الإعلامية بينهم قناة أون تي في ووكالة أونا للأنباء وموقع إكسترا نيوز وموقع كسرة والمولد، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج.
كاتب نجم جديد
ولد صغير يبلغ من العمر 9 أعوام يسير على قدامين ثابتتين أمام عددٍ لا بأس به من الجنود ووالده القائد العسكري المخضرم حملقار برقا لغمس يديه في الدم قاسمًا على عداء وكراهية روما؛ كي يقبله أبوه واحدًا من بين جنوده، ولتبدأ حكاية واحد من أهم القادة العسكريين في التاريخ، القرطاجي حنبعل.
عام 247 ق.م بشمال أفريقيا ولد “مُرعب روما” الذي يحمل اسما عربيا مكونًا من شقين حن بعل (حنبعل)، بينما شاع كتابة اسمه بطريقة أخرى”هانيبال”، كان الطفل يلح في طلبه بأن يصطحبه والده إلى ساحات القتال والتدريبات العسكرية، لكنه كان يرفض دائمًا، حتى بلغ سن التاسعة وبدأ مسيرته العسكرية.
ومن الحكايات التي تبرز عظمة الأب قائد الحرب البونية الأولى ضد روما أنه أنقذ قرطاجنة من تمرد الجنود المرتزقة، عندما رفض الأرستقراطيون دفع أجورهم؛ مستغلًا نفوذه لينهي تمردهم عام 237 ق.م.
مات الأب عام 228 ق.م، وورث الابن عنه الذكاء والحنكة والشجاع، وفي الـ 26 من عمره أجمع الجند على توليه قياده الجيش القرطاجي، وذلك بعد أن تُوفي صهره وقائده أرزبعل.
أصبح الولد شابًا قويًا لا يفكر إلا في النصر العسكري ولا يهاب أي شيء؛ لا حُلكة ليل توقفه ولا كثرة جنود عدوه تجعله يتراجع، ولا هزيمة بجولة ما تكسره، سرعان ما ينهض لينقض على عدوه مرة أخرى.
حرص حن بعل على تكوين جيشه من النظاميين، محاولًا أن يقلل وجود المرتزقة.
على الرغم من حب الجنود له لبساطته وارتدائه زيهم وحرصه على التواجد بينهم وتناول ما يتناولون من طعام، إلا أنه عُرف عنه القسوة والفجاجة في التعامل وعدم الوفاء بالوعود ما جعل كثيرين لا يثقون به، كما ذكر المؤرخ الروماني تيتوس ليفيوس.
يفعل أي شيء لتعزيز قوته العسكرية ولتحقيق النصر، كأن يتعاون مع الفرنسيين كارهي روما، أو معارضيها في إيطاليا من أبناء تارينتوم “التارنتين”، وتزوج من أميرة إسبانية.
خلال الحرب البونية الثانية سعى للانتقام من روما واستعادة الأرض التي أخذتها من قرطاجنة بالحرب البونية الأولى تحت قيادة والده والتي انتهت بمعاهدة وقف الحرب عام 221 ق.م.
قبل إحدى معاركه وجه خطابًا لجنوده مفاده ألا يلحق به إلا من يريد الحرب والنصر لا شيء آخر.
وسرح حينها 7 آلاف جندي و3 آلاف إسباني، وكلف أخيه بحماية مصالح قرطاجة في إسبانيا وشمال أفريقيا.
من جرائم حنبعل؛ محاصرة مدينة إسبانية خاضعة للرومان لبضعة أشهر لدرجة أن يأس أهلها من فك الحصار فأشعلوا النيران في مدينتهم بالكامل بينما واصل هو تقدمه واحتل المدينة.
محاولات تدميره لروما شهدت تكوين جيش يزيد عن 100 ألف جندي واستعانة بالفيلة وانتصارات عظيمة -في البداية- وشهدت قتل شقيقه أزروبعل على يد الرومان في أثناء رحلته لدعم أخيه بعد مهاجمة الرومان لقرطاجنة بقياده سيبيو.
ومن بين عشرات الفيلة نجا 6 فقط في رحلة عبوره لجبال الألب، وكانت سبب تفوقه في البداية.
عُرف عن حضارة قرطاجنة بتضحية الملوك بالأرواح وخاصة أرواح الأطفال والأبناء من أجل الحصول على دعم ونصر الإله، لكن حن بعل رفض أن يضحي بابنه اسبار، واعدًا أن يقدم 1000 رأس من الأعداء.
كانت معركة زاما ( عام 202 ق.م) والتي خسر فيها 20 ألف جندي ضربة قوية له كقائد عسكري وهزيمة كادت أن توقعه في الأسر لولا أنه أفلت وعاد إلى قرطاجنة.
حاولت روما أن تنتقم من هذا القائد الذي وصفوه بالدموي المجنون ووضعوا اسمه بين أسماء السفاحين، خاطبوا قرطاجنة مطالبين بتسليمه، لكنهم صُدموا بالترحيب بحرب جديدة، ظنوا أنها عُلقت منذ أكثر من 20 عامًا.
عانى حنبعل الخيانة من أرستقراطيين قرطاجنة مرتين أولهما؛ عندم تأخروا أو أهملوا في مساعدته وهو على أعتاب روما فانكسر وضرب الرومان قرطاجنة بعد أن أنهك جيشه بالمعارك ونقص المؤن.
فاُضطر للموافقة على صلح يعلي من كفة روما، وفي هذه المعاهدة خسرت قرطاجنة إمبراطوريتها عبر البحر المتوسط وسلمت أسطولها وأعلنت الالتزام بعدم التسلح.
بعد فترة تذكر حنبعل وعده لأبيه فعاد لتسليح جيشه لمحاربة روما ولم يلتزم بالمعاهد، لكن الأرستقراطيين كانوا على خلاف معه ورفضوا سياسته فخانوه وأبلغوا الرومان عن خطته، ولم شعر بالغدر اضطر للهروب من وطنه ليلًا واحتمى بسوريا التي تحارب الرومان لكنها انهزمت.
فهرب وقرر أن يحتمي بملك تينيا (أسيا الصغرى الأناضول) الملك “بروسياس”، وعندما شعر أن بروسياس سيغدر به وأنه لا منفذ للهروب هذه المرة، رفض أن تنتهي سيرته بالسقوط أسيرًا لدى روما وانتحر بالسم.
كأي قائدٍ عسكري وشخصية تاريخية، اختلفت الروايات بشأن حن بعل.. هل كان الابن المخلص لوطنه ووالده، الذي رفض توسع روما فأصبح قائدًا عسكريًا عظيمًا، ولكن خذلان الوطن والخيانة جعلته ينهزم فيهرب ثم ينتحر.
أم هو الشيطان الذي أصابه بجنون العظمى والتوسع فأوجع روما وأهلها لـ 15 عامًا بكابوس الحصار، ليصبح اسمه مقترن بالهلع واقتراب الكوارث “حن بعل على الأبواب.. احذروا”.
مصادر أخرى: كتاب قرطاجنة في 4 عصور
الكاتب
-
محمد الموجي
محمد الموجي ممثل وكاتب مصري، تخرج من كلية الإعلام جامعة القاهرة، وعمل بعدد من المؤسسات الإعلامية بينهم قناة أون تي في ووكالة أونا للأنباء وموقع إكسترا نيوز وموقع كسرة والمولد، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج.
كاتب نجم جديد