“وآمنهم من خوف”.. النقيب أحمد يضئ شمعة ستنا العدرا
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كيف يلعب عدو هذا البلد الجديد ؟ .. سؤال يمكنه أيضًا أن يُدرج في قائمة الملل الذي يستخدمه عدو البلد لتدمير الناس نفسيًا ، ومن ثَم تدميرهم بشكل تلقائي ، وإذا انهار الإنسان نفسيًا يسقط كأوراق الشجر الصفراء في الخريف . عبارات يرددها الشعب المصري من قديم الأزل مثل ” الهلال مع الصليب .. مصر يا وطني الحبيب” . يرمي العدو حولها حباله ، العدو الذي استخدم السلاح من قبل ، الآن لم يعد يستطيع حمل السلاح في ظل جهود الأمن الكبيرة في مواجهته ، لكنه يحمل سلاح أخطر ، زرع الملل والسخرية حتى يفرغ المبدأ من معناه .
كانت كنيسة العذراء مريم بالوراق على وشك حريق حتمي بسبب اشتعال النيران في أحد كابلات الكهرباء ، حتى لاحظ النقيب أحمد عادل – وهو أحد حراس الكنيسة – حالة من الجلبة والقلق في الداخل ، فلم يفكر لحظة في فداء نفسه نظير بقاء الكنيسة ، وألقى بنفسه بين النيران واستطاع أن يطفئها ، حتى يخرج وينظر إلى الجرس في الأعلى ويطمئن على إنه سوف يُقرع في الأحد القادم ، وسوف يستمر أخيه مينا في الاعتراف والتناول ، وسوف تخرج خالته تريز وفي يديها كعك العيد ، وسوف يتبادل السلامات مع أصدقاء الكنيسة الكرام . نظر واطمئن أن الجميع بخير ، وأن لا آلام إضافية سوف تضاف للأصدقاء .
هنا يلعب عدو البلد الذي كسر الأمن يده اليمنى التي تحمل المسدس ، ويده اليسرى التي تحمل الحجارة ، وقدماه اللتان كانتا تقودانه لمؤسسات ومنشآت الدولة وبيوت الله لتخريبها ، هنا يلعب بعقله حتى يبقي جذوة الفتنة مشتعلة وإن كانت في ظاهرها خامدة ، يلعب بإسلوبين ، والإسلوبين هما طريقتان كحقنة البينج للنفس والدماغ التي يمكنه بعدها إجراء عملية جراحية تخريبية لجثة صارت هامدة ,
الطريقة الأولى وهي “زرع الملل” ، وتستخدم عند الاحتفاء بالمواقف التي يساعد فيها مسيحي مسلمًا أو يقف فيها مسلمًا كتفًا بكتف مع أخيه المسيحي ، تجد تعليقات من تلك الجبهة المعادية مثل : “ماتصدعوناش بقى” ، ” هذا المجتمع أوفر” ، “أنتم شديدي التفاخر بشئ عادي” ، والحقيقة أن هذا الكلام السخيف إن كان له دور حقيقي في إشعال الفتنة فهو دور التخميد أولًا قبل أي شئ ، وإن كان مستخدموه إما عن عمد ، وإما من تبول في رأسهم التكفيريين ، والتكفيريين هنا ليسوا الذين يرتدون عُصبة الرأس ويمسكون العلم الأسود ويقطعون الرؤوس، بل هم الآدن أدمنز لصفحات تحمل أسماء رومانسية على فيس بوك ويعملون كـ “يوتيوبر” في المحتوى الديني ، وغيرها من الأشكال التكفيرية المتعددة ، فاحذر الملل ، لأن العبارات تمتلك مساحات داخل النفس ، هم يتحينون الفرصة لزرع الفتنة ، ونحن أيضًا لابد أن نتحين الفرص لتوطيد المآخاة بين أبناء الوطن الواحد، فإذا توقفت عن قول “المسلم والمسيحي يد واحدة” ، سوف يحتل هذا المساحة مختل يقول ” المسلم والمسيحي ليسوا يد واحدة بل هم أعداء الحرب بينهم مسألة وقت”، وإذا ما فعله النقيب أحمد كان واجب ، فهو واجب مشرف لكل مصري .
الطريقة الثانية ، وهي طريقة مستهلكة ، لكنها مازالت مستخدمة ، “السخرية” ، السخرية من كل من ينادي ويقول أن المسيحي والمسلم إخوة ، بل والمزايدة عليه ، والكلام هنا يكون عادة بطريقة العالم ببواطن الأمور ، تجد أحدهم يطلق على نفسه المفكر الفولاني ، والبروف العلاني ، يشرح كيف أن المسلم والمسيحي ليسوا محتاجين كل هذا التأكيد على الإخوة ، لكنه أيضًا كلام خبيث ، وتجده هذا المحترم أحيانًا يطلق نكاته الساخرة السخيفة على كل من يحاول الحديث بتلك النبرة ، وكأنه المنوط بالحديث نيابةً عن المسلمين والمسيحيين ، ووجب التحذير من تلك الطريقة أيضًا التي تُستخدم لضرب وعي صغار السن خاصةً . ولا يوجد أفضل من عبارة كانت في أوبريت احتفالية وطنية سابقة ” أبانا في السماء .. يا رب العالمين .. إرحمنا بالدعاء .. إياك نستعين ” !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال