“آه” لوائل الإبراشي “اللي مبيجمعش” ولجام لا يليق بحضور وحيد حامد
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
أقول لك كما قال أحمد منيب “صدقني يا صاحبي ان خفت متقولشي وإن قلت متخافشي، الكدب طبعه يخون والصدق مايخونشي”، لكن وائل الإبراشي اعتقد أنه يمكنه أن يقول ويخاف ويسلم يعني من السلامة، لكن السلامة لا تعني فقط أن تكون بأمان من ملاحظات الرقيب بل السلامة تقتضي للإعلامي أن يكون بحجم الحوار أمام المشاهدين وهو ما لم يحدث في لقاءه مع الكاتب الكبير وحيد حامد خلال برنامجه التاسعة مساء الذي عرض الجمعة على شاشة القناة الأولى المصرية، ربما لأن الإبراشي لم يعد يبحث عن تقدير الجمهور منذ زمن بعيد، أو ربما لم يكن يبحث عنه يومًا، فالصحفي الذي يتخلى عن جمهوره يبدو أنه لم يعرف قيمتهم يومًا.
أعود لحلقة سابقة عندما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للفنانة حلا شيحة وهي تعترف بندمها على إجراء عمليات تجميل غيرت ملامحها، قادني فضولي بأن أشاهد المقطع لأن الفنانة سبق وأنكرت إجراء أي عمليات تجميل بعد عتاب جمهورها لها بقسوة عبر حسابها على انستاجرام – أتابعها وفاء لبداياتها الناعمة التي كانت سببًا في تسميتي لابنتي باسمها ولا أعلم لماذا يزيد ذلك من رصيدها العاطفي عندي، المهم، لم أقدر على متابعة المشاهدة من فرط لجلجة الإبراشي وتعثره وشعرت بضيق شديد نابع من طريقته وعجزه على طرح أسئلة لفنانة على بساطة حلا شيحة، تذكرت رأيي في أن برنامج الحقيقة الذي كان يقدمه على شاشة دريم باكتشاف وتوجيه من الإعلامية هالة سرحان كان الأنجح والأنسب له على الإطلاق، وأنه حين استكمل تقديم العاشرة مساء بعد رحيل منى الشاذلي معتبرًا ذلك درجة للترقي الإعلامي كما يحسبها البعض لم يكن أمامه إلا المغالاة دون منطق في تحريض الضيوف بعضهم على بعض لتحويل الحوار لمعركة كلامية وخناقة على الرصيف، كان يعتقد الإبراشي أنه يمكنه أن يكون نجم الكروس فاير في مصر ) (crossfire والذي جاء نسبة للبرنامج السياسي الأمريكي المسائي الذي بدأ عرضه عام1982 وكان دائمًا ما يهتم بالأحداث الجارية ويعتمد قالبه التلفزيوني على إطلاق المواجهة والتحدي بين الاراء المختلفة للأقطاب السياسية المتنافسة والمعاكسة في الاتجاه وبسكريبت معد مسبقًا، ولقد أصبح كل برنامج في عالمنا العربي يصرخ فيه المذيع وينسحب خلاله الضيف هو كروس فاير بالعربي.
لم أستطع أن أمنع نفسي عن مشاهدة وحيد حامد لذلك مع كل “آه .. آه ” كان يقولها الإبراشي كنت أتابع في سري “جاتك الأوى يا شيخ”، أنا هنا واحدة من جمهور شديدة التعلق والشغف بالأستاذ وحيد حامد الذي تعلمنا من إخلاصه وفنه الكثير بينما يعلق الإبراشي على نهاية جمل وحيد حامد المحتدة بضحكات لا تعلم هل تعالت من عدم تقديره لأهمية القضايا المطروحة أم لرأي مخالف يبطنه أو هو ارتباك وخوف شديد أراد أن يخفيه فبالغ!
إذا كنت لا تريد أن تأتي على ذكر معركة وحيد حامد الصحفية الأخيرة مع مستشفى خيرية بعينها تخصصت في علاج مرضى السرطان، فلما الداعي للف والدوران مضيعًا أول الحوار بشكل يؤكد خوفك ويضايقنا.
تحدث وحيد حامد عن ثقافة الفقر وكيف تغيرنا عن زمان رغم أننا كنا أيضًا فقراء، وهو على حق فالثراء والوفرة التي يشعر بها الإنسان ليس لها علاقة بحساباته في البنوك لكن الإبراشي لم يفهم مغزى ما قاله الكاتب الكبير لذا مر مرورًا غير كريم على ملاحظة تستحق أن تفرد لها الحلقات لنعرف كيف نعود حامدين شاكرين مكتشفين لسر السعادة التي قد تكون ذروتها في قعدة عصاري مع حبيب أو درس في الكوروشيه مع جارة أو قراءة نهمة لكتاب جديد أو حتى في نظرة رضا على وجوه أطفالك الخ، وحتى هذا المقال لن يفي بشرح الوفرة التي افتقدتها نفوسنا وحلت محلها مشاعر الحرمان والجوع وملاحقة أرزاق الآخرين بصرف النظر عن تخمة البطون والجيوب.
المد السلفي المتطرف الضارب في الشارع المصري والذي طال الفن بفعل فاعل ولا يزال يحاول العبث عبر مدسوسين يعملون بالمهنة التي تعمل على تشكيل الوعي والهوية بينما يفرض المندسون آرائهم على المجتمع و يحصدون الملايين، يقولها وحيد حامد بغضب وحدة ويضحك الإبراشي.
حين طرح وائل الإبراشي علي وحيد حامد سؤاله عن محاولات فرض الوصاية على الفن استخدم كلمة الأخلاقية والكود الأخلاقي ودلل على ذلك بملابس المرأة وتعريها وكأنه يبرهن لنا عن عقله الذي لا يختلف عن الغالبية التي ترى الملابس معبرة ودالة على الأخلاق فيجيبه الكاتب الكبير بأن المايوه للبحر ومن غير المعقول أن يرتاد الناس حمامات السباحة بالجلابيب وأنه إن أراد تجسيد فتاة ليل فعليها أن ترتدي ملابس فتيات الليل!
توقفت أمام الطرح الباهت ولا أتذكر أنني رأيت فتيات ليل بالصدفة غير ملتحفات في عباءات سوداء بحجاب كامل، لمحت واحدة كانت تنتظر وقوف أي سيارة وسط النهار في شارع اعتبره العامة موقف شهير للباحثين عن المتع الرخيصة الزائفة، هل يعتقد الإبراشي أن هناك امرأة واحدة في مصر تجرؤ على الوقوف في الشارع بملابس مكشوفة حتى لو كانت بنت ليل!
لن أقطع بتقييم وائل الإبراشي الذي أقدره صحفيًا ولا أطيقه محاورًا لكنني متأكدة أن الجمهور لن ينفعل أو يتأثر بإعلامي يمكن أن يشم قلقه وتردده – خاصة أن الحوار كله تعلق بقضايا اجتماعية وثقافية، و لن أنتقد يومًا خوف أحدهم فالخوف شعور إنساني وحق أصيل لكل إنسان ويصعب أن ينجو منه من يعمل بمهنتنا في عالمنا العربي كله، إنما ألوم الجبن، وعلى رأي أستاذنا الشقي محمود السعدني كلنا بنخاف بس الشجاع ميهربش وانت جريت من الحوار يا وائل وضايقتنا.
الكاتب
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة