رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
1٬604   مشاهدة  

الشيخ سلامة حجازي زعيم المسرح العربي (4) أيامه الأخيرة وتفاصيل جنازته

الشيخ سلامة حجازي


انتهينا في الفصل السابق حيث انفصل المرحوم الشيخ سلامة حجازي عن اسكندر فرح بسبب إهانة شقيق اسكندر له، حينها استقل سلامة حجازي وبدأ في العمل بجوقته التي كونها (1905 – 1906م)، فبدأ برواية صلاح الدين الأيوبي لنجيب الحداد وكان ذلك بتياترو سانتي، فلاقت الرواية نجاحا مبهرا، كان جديرا بإعادة الاطمئنان لقلب سلامة حجازي.

فرقة الشيخ سلامة حجازي

الشيخ سلامة حجازي
الشيخ سلامة حجازي

تضمنت فرقة الشيخ سلامة حجازي العديد من الممثلين والممثلات منهم:
أحمد فهيم، محمود حبيب، أحمد فهمي، حسين حسني، منسي فهمي، لبيبة مانللى، مريم سماط، وردة ميلان.

وقد قدمت تلك الفرقة مسرحية (شهداء الغرام) بعد تجديدها فكان النجاح حليفها، وتبعتها روايات أخرى عديدة للحداد منها: حمدان، والسيد، وأجا ممنون.

اقرأ أيضًا
الشيخ سلامة حجازي زعيم المسرح العربي (1) | كفاح طفل مغدور به

بعد دخول مصر عهد الاسطوانات، تقدمت شركة أوديون للتعاقد مع الشيخ سلامة حجازي، فتعاقد معها وسجلت له عشر اسطوانات ملأها بأناشيده وقصائده فكتب لها النجاح، مما شجعه على الاستمرار، فسجل مقطوعات من ألحان روايات عظة الملوك، ومغائر الجن وضحية الغواية.

اقرأ أيضًا 
الشيخ سلامة حجازي زعيم المسرح العربي (2) | على أول درجات سلم المجد

في عام 1906م عرض الخواجة فردي على الشيخ سلامة حجازي تأجير صالته بشارع الباب البحري، فوافق الشيخ سلامة وافتتحها باسم دار التمثيل العربي، واكتفى بالعمل مع فرقته ثلاث ليال في الأسبوع، وقد أخرج لجمهوره العديد من الروايات التي قدمت في هذه الدار منها: السر المكنون وبائعة الخبز وصاحبة الشرف والجرم الخفي وعواطف البنين وغيرها.

اقرأ أيضًا 
الشيخ سلامة حجازي زعيم المسرح العربي (3) | من الشعر إلى اسكندر فرح

لم يكن الشيخ سلامة محبا للمسرح والغناء بلا دراية بل كان رجلا مثقفا واعيا بقيمة الهوية مقدسا لمعنى الوطن، فلما تقابل مع إسماعيل بك عاصم شكى إليه خلو المسرح العربي من الرواية المصرية، فلبى إسماعيل بك طلبه وألف له روايات مصرية قدم منها: صدق الإخاء، وحسن العواقب وهناء المحبين، وبعد أن استتب له الأمر حاول الشيخ سلامة أن يعيد تجربة الفن الدرامي فقدم رواية القضية المشهورة، ورواية صاحب معامل الحديد، ورواية سارقة الأطفال، وحتى لا يصاب الجمهور بالملل نظرا لخو هذا النوع من الروايات من الغناء كان الشيخ سلامة ينشد لهم مقطوعات غنائية بين فصول الروايات وبالفعل نجحت تلك الحيلة واستجاب الجمهور لها فأعجب بها.

الشيخ سلامة حجازي ورحلاته إلى بلاد الشام

سلامة حجازي
سلامة حجازي

في العام 1906م، سافر الشيخ سلامة إلى بلاد الشام للمرة الأولى فأحاطه الشعب السوري بهالة من الإعجاب والتقدير، لدرجة أنه حين أعلن عن رواية صلاح الدين الأيوبي نفذت تذاكر الحفل في اليوم الأول ولم يزل هناك جمهورا كبيرا يريد الحضور، ومن شدة حفاوة أهل الشام به، قابلوه في الطريق العام وألحوا عليه أن يغني لهم في الطريق قصيدة إن كنت في الجيش، فلبى لهم طلبهم، وقد مكث الشيخ سلامة أربعة أشهر في رحلته الأولى هذه، زود خلالها جوقته بممثلات سوريات.

سارة برنار
سارة برنار

وفي عام 1907م، سافر مرة ثانية لبلاد الشام وبعد رجوعة علم بزيارة الممثلة الفرنسية سارة برنار للقاهرة فأعد لها رواية غادة الكاميليا ومثلها على مسرح دار الأوبرا الخديوية، فأعجبت سارة برنار بها، ثم أعيد تمثيلها مرة أخرى على مسرح دار التمثيل العربي التي افتتحها الشيخ سلامة باقتراح من الخواجة فردي، فكان من ضمن الحضور العديد من الأمراء وكبار رجال الأمة فأعجبوا بها، وبذلك تربع الشيخ سلامة على عرش المسرح العربي.

عبدالله عكاشة
عبدالله عكاشة

وفي عام 1909م سافر الشيخ سلامة حجازي في رحلته الثالثة إلى بلاد الشام، ولكنه أصيب هناك بمرض الفالج ( الشلل النصفي )، فبقي في دمشق للعلاج وعادت فرقته إلى مصر مع مديرها المالي عبد الرازق بك عنايت الذي اختار عبدالله عكاشة ليقوم بأدوار الشيخ سلامة الغنائية، كما أسند أدواره التمثيلية إلى محمد بهجت حتى لا تتشتت الفرقة، ثم عاد الشيخ سلامة إلى القاهرة فأنفق كل ما يملك على مصاريف علاجه فأنكره بعض رجال فرقته وانفض أصحابه من حوله تدريجيا.

عاد الشيخ سلامة إلى المسرح بعد أن ظل طريح الفراش لمدة عامين، فبدأ عمله مع رفاقه الذين لم يتخلوا عنه أثناء محنته وأعلن عن رواية عبرة الأبكار وحُمل إلى المسرح على كرسي لما ألم به، حيث أنه لم يكن قادرا على الوقوف، وقوبل بعاصفة من التهليل والتصفيق لم يقابلها من قبل، وأنشد قصيدة أتيت فألفيتها ساهرة وهو يبكي.

الشيخ سلامة حجازي وتياترو دي باري

الشيخ سلامة حجازي في الخمسين من عمره
الشيخ سلامة حجازي في الخمسين من عمره

رحل الشيخ سلامة حجازي مع فرقته إلى الشام للاصطياف وعاد في نهاية عام 1911م، فوجد أن دار التمثيل العربي قد استأجرته شركة وجعلته دارا للصور المتحركة فتعاقد مع مدير تياترو دي باري وكان يغني بين فصول الروايات للجمهور.

جورج أبيض
جورج أبيض

في هذا الوقت أراد جورج أبيض أن يؤلف فرقة جديدة بعد عودته من أوروبا ليفتتح بها دار الأوبرا الخيديوية فقدم له الشيخ سلامة حجازي جميع أفراد فرقته، ورفع الستار عن أول رواية ( أوديب الملك) عام 1912م، ولكن خسرت هذه الفرقة خسارة مالية فادحة فاضطر جورج أبيض إلى حلها فتشعب أفرادها في ثلاث فرق: فرقة الشيخ سلامة حجازي، وفرقة عبد الله عكاشة وإخوته وفرقة جورج أبيض، وقد افتتح الشيخ سلامة حجازي بفرقته مسرح تياترو دي باري عام 1913م، أما فرقة عكاشة فاتخذت من دار التمثيل العربي مسرحا لها، بينما ظل جورج أبيض يتنقل من مسرح لآخر.

الشيخ سلامة حجازي يطوف البلاد زعيما للمسرح العربي

سلامة حجازي
سلامة حجازي

في عام 1914م، سافر الشيخ سلامة حجازي إلى تونس فقوبل مقابلة رسمية من باي تونس وأنزله في قصره وطلب منه تمثيل رواية صلاح الدين الأيوبي وبالفعل مثلت على مسرح السراي، وأنعم عليه بالوسام الثاني من درجة أوفسييه تقديرا لفنه، ثم رحل الشيخ سلامة إلى طرابلس فلاقى من الترحيب به هناك ما لاقى في تونس، ثم ارتحل منها إلى نابولي فقابل هناك مغنى فرقة الأوبرا الملكية بروما وطلب منه الاجتماع مع أعضاء الفرقة، وغني الشيخ سلامة لهم بعض الألحان مثل: لحن الاستغاثة وأوديب الملك ولحن الجحيم فأعجبوا به وامتدحوه وقدروا فنه، فأخذوا له صورة بالحجم الطبيعي حفرت على لوحة تذكارية ووضعت في متحف نابولي وكتب تحتها ” تذكارا لزيارة المغني والممثل المصري الشيخ سلامة حجازي عام 1914م.

عباس حلمي الثاني
عباس حلمي الثاني

عاد الشيخ سلامة حجازي إلى القاهرة وتألق في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، إلا أن الخديوي تنكر له، فلم يغضب الشيخ سلامة وظل في غنائه يدعو له، فغنى: دام لنا الخديوي، وللخديوي محاسن جمة وغيرها، فأنعم عليه الخديوي عباس حلمي الثاني بالوسام المجيدي.

الابتكار الأخير للشيخ سلامة حجازي

الشيخ سلامة حجازي
الشيخ سلامة حجازي

في العام 1916م، أعلن الشيخ سلامة حجازي عن العمل بفرقته على مسرح برنتانيا، وعين جورج طنوس مديرا له، وبدأ يبتكر الجديد في أنواع التوقيع والضروب لأغاني رواياته القديمة التي كان يقلدها الجميع، وبالفعل نجح في وضع حد فاصل بين ما يقلد من القديم وبين ما ابتكره، ومن ملامح هذا الابتكار، أنه أدخل على رواية عظة الملوك ألحانا من النغم المغربي الممزوج باللهجة الصينية فجاءت غاية في الإبداع.

وهكذا ظل الشيخ سلامة متفوقا في عالم المسرح منفردا بالجميل والبديع والجديد من المبتكرات، ثم افتتح موسم الأوبرا 1916م وحضر الحفل الأول السلطان حسين كامل فلحن له الشيخ سلامة نشيدا ملكيا مطلعه:
يا جلال الملك يا بدر الزمن يا حياة الشعب يا روح البلاد، فنال قبولا عظيما لديه ودعاه على مائدته صباح اليوم التالي وأعطاه مبلغا كبيرا من المال وساعة ذهبية.

عام الحزن 1917م ورحيل الشيخ سلامة حجازي

خبر وفاة الشيخ سلامة حجازي
خبر وفاة الشيخ سلامة حجازي

في الربع الأخير من العام 1917م، استعد الشيخ سلامة حجازي لتمثيل أربع روايات يحيي بها ليالي العيد، واختار ثلاثة منها لمسرح الكورسال والرابعة لمسرح برنتانيا، وهذه الروايات هي: مغائر الجن والعفو القاتل والإفريقية وشهداء الغرام، ثم رأس بروفة فران البندقية، كذلك أعد لرواية اليتيمين وكذلك قرر السفر بشهداء الغرام إلى المنصورة.

رثاء محمود رمزي للشيخ سلامة حجازي
رثاء محمود رمزي للشيخ سلامة حجازي

وفي اليوم المحدد للسفر إلى المنصورة لم يستطع الشيخ سلامة أن يسافر مع فرقته بسبب الصداع الشديد الذي ألم برأسه، فطلب من الفرقة استبدال رواية اليتيمين برواية عبرة الأبكار نظرا لأنه ليس له دور فيها.

في الثامنة من صباح يوم الخامس من أكتوبر جاء أخلص الناس وأحبهم إلي قلب الشيخ سلامة ليصحبه في رحلته إلى المنصورة، وهو صديقه الشاب محمد فاضل الذي كان الشيخ سلامة يرى فيه العوض عن ابنه.

رثاء خليل مطران لسلامة حجازي
رثاء خليل مطران لسلامة حجازي

فلما رآه الشيخ سلامة أحس بالارتياح ونظر إليه وقد ملأت الابتسامة وجهه وهو يتطلع إليه طويلا كأنه يودعه، وقال له: كنت أنتظرك، كنت أعلم أنك ستجيء، كنت أريد أن أراك قبل أن أغمض عيني.

خروج جثمان سلامة حجازي من جامع قيسون
خروج جثمان سلامة حجازي من جامع قيسون

غامت عيناه بالدموع، جاء صوته باكيا حزينا وهو يقول يا فاضل،أنت إبني وأخي وصديقي، أنت أخلص الناس الذين لقيتهم في حياتي ، استند الشيخ سلامة علي كتف الشاب حتي وصل إلى المقعد، وطلب منه أن يسمعه” حديث قديم ” وهي القصيدة التي كتبها له شاعر القطرين خليل مطران بعد أن سقط مريضا، وكان قد سجلها علي اسطوانة، كانت من أحب القصائد إلي قلبه، كانت كلماتها الحزينة تثير ذكرياته، كان يغنيها علي المسرح فتمتليء عيناه بالدموع، وهي قصيدة ويلاه ما حيلتي ويلاه ما عملي.

جنازة سلامة حجازي في الأزبكية
جنازة سلامة حجازي في الأزبكية

وضع محمد فاضل اسطوانة “حديث قديم ” وأدار الفونوغراف، فانطلق صوت الكروان قويا شجيا، وأضاءت الابتسامة وجه الشيخ سلامة، إلا أنه لم يبك تلك المرة وهو يسمع نفسه يشدو بها، بل أغمض عينيه، ثم نام في هدوء، ليسدل ستار النهاية.

نعش سلامة حجازي
نعش سلامة حجازي

مات الشيخ سلامة حجازي، ودفن بمقابر السيدة نفيسة بالقاهرة وكتب على قبره:
فنم في جوار الله مؤتنسا به، يا خير مرتحل لخير جوار
فنم في جوار الله واهنأ بقربه، وحسبك منا طيب الحمد والذكرى.
دمتم في سعادة وسرور..

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
1
أعجبني
3
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان