وفاة الطبيب الجراح عدنان البرش في سجون الاحتلال الإسرائيلي … فمن هو؟
أعلنت سلطات السجون الإسرائيلية في سجن عوفر بالضفة الغربية المحتلة، وفاة الدكتور الجراح عدنان البرش. رئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، يوم 19 أبريل/نيسان. بعد أن تم احتجازه لأكثر من أربعة أشهر، وذلك بحسب بيان مشترك صدر اليوم الخميس الماضي عن جمعية الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون المعتقلين. والتي نددتا بوفاته كجزء من “استهداف ممنهج” للعاملين في مجال الرعاية الصحية.
تم اعتقال الدكتور عدنان البرش مع 10 آخرين من العاملين في المجال الطبي في ديسمبر/كانون الأول الماضي أثناء الغزو البري العسكري الإسرائيلي لمخيم جباليا للاجئين، حسبما أفادت شبكة “سي إن إن” في وقت سابق. وبحسب البيان، فقد تم اعتقاله أثناء عمله في علاج المرضى في مستشفى العودة. إلا أنه لم يتم الإفراج عن جثته بعد من قبل السلطات الإسرائيلية.
طبيب فلسطيني “أحب الحياة”
هو طبيب انهى دراسته الثانوية في غزة ومن ثم انتقل الى رومانيا لبدء رحلته في عالم الطب. أُتيحت له الفرصة للبقاء وإحضار عائلته، لكنه أحب غزة كثيرًا فالحياة هناك كانت مقدسة بالنسبة له. حاصل على البورد الفلسطيني والأردني ثم نال الزمالة في لندن. وعمل كاستشاري جراحة العظام في مستشفى الشفاء. فهو متخصص في جراحة العظام والكسور المعقدة. بالإضافة الى ذلك له عيادة خاصة يعمل بها بعد عمله في مستشفى الشفاء.كما ويدرس ساعات في جامعة الأزهر أيضاً. الدكتور البرش هو الأصغر بين تسعة أشقاء. فلم يكن مجرد طبيب، بل كان أيضًا مستشارًا رياضيًا للفريق الوطني الفلسطيني لكرة القدم. ترك الدكتور البرش وراءه أطفالاً خمسة، أصغرهم يبلغ من العمر ثلاث سنوات، ولم يروا والدهم منذ ما يقرب من خمسة أشهر.
كما لاحظنا دكتور البرش مسيرة تعليمة ومهنية ونموذج يُحتذى به ، فكان محباً للحياه. طموحاً ومرحاً وهذا ما جعل خير إستشهاده أشبه بالصاعقة للجميع.
تَلقي خبر استشهاده
أفاد مدير مستشفى الشفاء الدكتور مروان أبو سعدة قائلاً “بأن وفاة الدكتور الخمسيني عدنان البرش كان خبراً مفجعا للجميع ولعائلته وللطاقم الطبي في مستشفى الشفاء بالأخص”. وأضاف: “هذا آخر ما توقعناه، ومن الصعب على النفس البشرية أن تتحمل هذا الخبر”.
وقال محمد البرش، ابن شقيق البرش، لشبكة CNN في مقابلة هاتفية إنه علم بوفاة عمه حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر. يوم الخميس من نادي الأسير الفلسطيني. وأضاف قائلاً:” لم أكن أعرف كيف أخبر زوجته وأبي. فمن الصعب الاحتفاظ بأخبار كهذه… نشعر بالصدمة أكثر مما يمكن لأي شخص أن يتخيل فنحن نتألم” واستكمالاً للحديث أفاد أن عمه كان يعمل دون توقف خلال ذروة الحرب على غزة. ولم يكن يستغرق سوى ساعة واحدة في الصباح للركض وممارسة الرياضة على الشاطئ.
منذ 10 أكتوبر 2023، قضى البرش معظم وقته في مستشفى الشفاء،حتى أنه لم ير زوجته إلا بعد مرور أسبوعين. وخلال التوغل الإسرائيلي الأول لمستشفى الشفاء أخبر الجنود الإسرائيليين الطاقم الطبي بما في ذلك الدكتور البرش، أنه يمكنهم إما مغادرة المستشفى والذهاب جنوبًا. أو مواجهة الاعتقال فاتبع الدكتور الأوامر واتجه جنوباً مؤقتاً. ثم عاد في النهاية إلى شمال غزة حين شعر أن الطرق آمنة. وانتهى الأمر به بالانتقال من مستشفى إلى آخر في غزة، حيث وقع كل منهما دائمًا ضحية للتوغلات الإسرائيلية.
ووفقاً لمحمد ابن شقيق البرش” كان أمام الدكتور خيار الفرار واللجوء إلى الملاجئ في جباليا. لكنه كان مصمماً على الاستمرار في العمل. إلى أن اعتقله جنود إسرائيليون في 14 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. وقال محمد إنه حاول الحصول على معلومات حول اعتقال عمه من السلطات والمحامين. لكن هذه المحاولات ذهبت سُدى ولم يتمكن من الوصل الى شيء.
ادعاءات الاعتداء الجسدي والنفسي
ومثل محمد، قال أبو سعدة إنه سأل السلطات الإسرائيلية في وقت سابق عن اعتقال البرش لكنه “لم يتلق أي أخبار”. وقيل لأبي سعدة إن أحد زملاء البرش السجناء – والذي أطلق سراحه منذ ذلك الحين – قال إن الجراح تعرض للتعذيب وقُتل.
ولا تستطيع شبكة CNN التحقق بشكل مستقل من الادعاء بأن البرش تعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز. ومع ذلك، فقد زعمت شهادات عشرات الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل في الأشهر الماضية، هناك استخدامًا واسع النطاق للإيذاء الجسدي والنفسي لأولئك الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال الحرب في غزة. وقال الجيش الإسرائيلي في وقت سابق إنه يعامل جميع المعتقلين وفقا للقانون الدولي. ويصف تقرير غير منشور أعدته الأمم المتحدة أن الضرب والحرمان من النوم والاعتداء الجنسي والتهديدات بالعنف الجنسي ضد الرجال والنساء المحتجزين لدى الجيش الإسرائيلي هي السبب الرئيسي في موت العديد من المحتجزين.
وكان آخر منشور نشره الدكتور البرش على موقع X عبارة عن صورة كرتونية له وهو يرتدي زيه وسط الدمار في غزة، مع ملاحظة باللغة العربية تقول: “سنموت واقفين ولن نركع… كل ما تبقى في الوادي حجارته ونحن حجارته”.