ولادة بنت المستكفي.. ساحرة الأندلس و حلم الأمراء العاشقين!
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ولادة بنت المستكفي، أميرة أندلسية، و شاعرة عربية من بيت الخلافة الأموية في الأندلس، اشتهرت بالفصاحة والشعر وكان لها مجلس مشهور بـ«قرطبة» يقصده الأعيان والشعراء ليتحدثوا في شؤون الشعر والأدب.
عرفت« ولادة» بالجمال والدلال الأنثوي والعقلية الفزة، كما أنها عاشت في ارتحال روحي بين الشعر والعشق، وكانت أكثر الشخصيات النسائية المعروفة في زمانها، حتى أنها كانت أكثر شهرة من أبيها الخليفة.
لم يعرف المؤرخون تاريخ مولدها بشكل دقيق، ويُقال أنها ولدت في عام 10001م، في مدينة قرطبة في الأندلس، إلا أنهم أكدوا جميعا أنها عاشت لفترة وتوفيت وعمرها ما بين 80 والـ 85 عاما.
كما أنها ولدت «ولادة» لأم جارية اسمها «سُكرى» ، وورثت منها بشرتها البيضاء، وشعرها الأصهب ، وعينيها الزرقاوين، أما عن والدها فهو محمد بن عبدالرحمن الملقب بـ«المستكفي بالله» أحد أضعف حكام الأندلس في فترة انهيار العصر الأموي، و الذي قام على أنقاضه عصر ملوك الطوائف.
عاشت في غرناطه في ثراء وبزخ الأميرات حباها الله بموهبة شعرية فجة وكانت أيضا تجيد الغناء وتستمتع بسيطرتها العاطفية على جميع من حولها.
قصرها قبلة الأدباء
وبعد مقتل أبيها« المستكفي » جعلت «ولادة» قصرها قبلة للأدب والشعر، ومع ذلك فقد كانت مشهورة بالصيانة لنفسها والعفاف، بالرغم من الشائعات التي كانت تطالها حينها.
كانت ولادة بنت المستكفي تنضال الشعراء والأدباء ولا تقل عنهم في البراعة، وكانت تصاحبها الشاعره التي لاتقل عنها براعة،«مهجة القرطبية»، وبتلك البراعة احتفى بها مؤرخو الاندلس أكثر من أي شخصية نسائية أخرى وذاع صيتها في زمانها وزمان غيرها.
اشتهرت « ولادة » ببيتين مشهورين من الشعر ، وقيل عن تلك البيتين، أنها كانت تكتب كل بيت منها على أحد أطراف ثوبها بماء الذهب، لكن بعض المؤرخون شككوا في نسبة هذين البيتين لولادة، فالبيتين قد ضرابا الحياء بسكين أتلم، عكس ما عرف عن ولادة من عفاف وحياء وهما:
أنا واللَه أصلح للمعالي
وأَمشي مشيتي وأتيهُ تيها
وَأمكنُ عاشقي من صحن خدّي
وأعطي قُبلتي مَن يشتهيها
يعتبر صالون «ولادة »أول صالون أدبي من نوعه في زمانه، و كان يأمه كبار الدولة من الأعيان والوزراء والشعراء ليناقشو معاها شئون الأدب بحرية دون قيود، وكانت النساء من مختلف الطبقات يقدمن إلى صالونها الأدبي ليتعلمن فنون القراءة والكتابة والشعر والموسيقى والغناء.
الأميرة والوزرير العاشق
التقت ولادة بنت المستكفي بالأمير الوسيم الشاعر «ابن زيدون » والذي حباه الله بموهبة جبارة في التأليف والشعر وكان يحضر مجلسها، ونشأ بينهما قصة حب جارفة، فامرأة في مثل ثقافتها وجمالها سهل أن يقع في حبها الكثيرون.
وكان من أشد الناس حبا و غراما بـ«ولادة » غير ابن زيدون، الأمير «عبيد الله بن القلاسي» ، و« أبو عامر بن عبدوس»، فدافع ابن زيدون عن حبه و هجاهم بقصيدة لازعة فنسحب «القلاسي» بعدها، لكن «ابن عبدوس» زاد في التودد إليها وأرسل لها رسالة ، فلما علم ابن زيدون أرسل له رسالة هزلية على لسان ولادة، يسخر من حبه لها فيها.
نهاية غير متوقعة وحزينة لولادة بنت المستكفي
بعد أن خان ابن زيدون الأميرة العاشقة، عزفت ولادة عن الحب، لكن يبقى مُحبها الوزير أبو عامر بن عبدوس، والذي عاش معها عمرا يزيد على الثمانين، لم يتوانى لحظة عن طلب وصالها، حتى بعد أن خط الزمان خطوطها على وجه الحسناء ودخلت في سن الذبول.
ظل ابن عبدوس العاشق يتحمل مسؤوليتها، ويتحمل حاجتها ماديًا ومعنويًا، تاركًا للتاريخ سيرة حسنة وفعلاً ظريفًا ووفاءً يُضرب به المثل.
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال