ولاد رزق 3 القاضية.. وميكانيزم الخدعة الجيدة
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
على الرغم أنه سؤال شبه محسوم للعديد من النقاد والجمهور ولكن يطل هذا السؤال برأسه طوال الوقت، ما هي وظيفة السينما؟ وما هو الهدف منها؟ والإجابة شديدة البساطة هدف الفن الأول والرئيسي والأساسي هو الإمتاع، تحقيق المتعة والسعادة للجمهور، ولكن في رأيي يحاول البعض وضع العديد من الأهداف الأكثر تعقيدًا، وكأن تحقيق المتعة هدف ومبتغى سهل، بالعكس هو هدف صعب ويحتاج إتقان شديد وهذا ما تراه بوضوح في فيلم ولاد رزق 3 القاضية، صناعة متعة سينمائية متكاملة.
السؤال الأصعب
الحقيقة أن صلاح الجهيني مؤلف سلسلة أولاد رزق استطاع ببساطة أن يخلق سلسلة سينمائية ممتعة وتزداد متعتها من جزء للأخر، وقد يتناول البعض استخدامه لنفس الفورمات للفيلم ونفس طريقة السرد ونفس أركان الحبكة المعتادة كأنه نقطة ضعف في سيناريو الفيلم ولكن العكس هو الصحيح، ذلك الفورمات الثابت هو أحد أهم عوامل الجذب ونجاح الفيلم.
سلسلة أولاد رزق وضعت صلاح الجهيني في مأزق حينما قرروا صناعة الجزء الثاني، فما يريده صلاح الجهيني هو تصعيد الصراع أو بمعنى أدق خلق صراع أكثر قوة في الجزء الثاني عن الجزء الأول، ومع نجاح الجزء الثاني أصبح الأمر أكثر تعقيدًا في الجزء الثالث، ويظل أمامه سؤال يجب عليه إجابته، ما هو شكل الصراع في الجزء الثالث؟
في البداية غياب أحد عناصر ولاد رزق “أحمد الفيشاوي” عن الجزء الثالث هو مأزق، وفي الغالب كان صناع العمل سيقومون بإسناد الدور لممثل آخر لحل المشكلة أو كما يحدث في أي عمل فني يعتمد على أجزاء، ولكن انتهج الجهيني والعريان منهجًا أمريكيًا – مثل الفيلم بشكل عام- وهو إيجاد حجة لغياب هذا العنصر، وإضافة دور جديد لتحقيق التوازن في الأشخاص وعدم كسر حالة التواصل بين السلسلة وبين الجمهور، وكان هذا الحل هو على صبحي.
الحقيقة أنه من مشكلات الفيلم البسيطة هو عدم تقديم شخصية “كوري” وعلاقته بولاد رزق بشكل جيد، مما قد يعطي انطباع أن إضافة تلك الشخصية جاءت على عجل، وإن كان قد تم توظيفها في نفس مكان شخصية عاطف، بينما ظهور الشايب “آسر يس” هو ظهور متوقع من الجزء الثاني، فجاء تقديمه بشكل متماسك وإن كان لم يستغل كما كان متوقع في أحداث الفيلم.
النمط الأمريكي
الخدعة الجيدة، هي التي تعرف تفاصيلها ورغم ذلك تبهرك في كل مرة، وهذا ما فعله الجهيني في المقام الأول ومع المخرج طارق العريان، تقديم نفس الطريقة بصعوبات أعلى، ولكن ليس هذا هو الاختلاف الوحيد في أولاد رزق 3 هناك اختلاف أهم.
في هذا النمط الأمريكي من الأفلام -وهذه ليس انتقاصًا من الفيلم- ولكن في هذا النمط ستجد أن تطور وتصاعد الصراع ليس السؤال الوحيد، ولكن السؤال الأخر الذي يزامله هو كيف تتطور الشخصيات نفسها، فشخصيات ولاد رزق الجزء الأول مختلفة كليًا عن الجزء الثاني وعن الثالث.
يجب أن يشعر المتفرج أنه مر بعض الوقت، بتفاصيل صغيرة للغاية، شراسة رضا الزائدة للدفاع عما حققه في الحياة من بيت وعائلة وأبناء، محاولة استقرار ربيع والزواج، وربما هذا هو السبب الدرامي الوحيد لدور “سمر” أسماء جلال في الفيلم، وهي حيلة جيدة من صلاح الجهيني لبيان تطور شخصية ربيع، بينما لجئ الجهيني لحيلة رائعة مع شخصية رمضان.
اللعب على تغير التفاصيل هو المؤشر الدرامي الأفضل لتطور الشخصيات، وهنا استغل الجهيني تفصيلة صغيرة في شخصية رمضان أسس لها من الجزء الأول واستخدمها في الثاني، لتكون هي مؤشر تغير الشخصية، وهي خجل وعدم قدرة رمضان على مجاراة أشقائه في حياة اللهو والعلاقات النسائية، ليتحول رمضان في الجزء الثالث لزير نساء يليق بأولاد رزق.
الإجابات البسيطة
إيجاد الحلول الدرامية والمبررات كان هو الشغل الشاغل لصلاح الجهيني في أولاد رزق 3، فجاء التصوير في السعودية ووجودها في الأحداث مناسبًا والسبب هو أسطورة “سلطان الغول” الحل السحري الذي خلق جعل لعبة العقل هذا الجزء ممتعة، خاصة حينما تم الكشف عن حقيقته في النهاية، سلطان الغول هو الحل الذي جعل وجود بعض الأحداث في السعودية مقبولًا وكذلك ظهور الملاكم العالمي تايسون فيوري، واستغلاله كملاكم لا كممثل كان حل شديد البساطة والذكاء، وخلق بعض مشاهد الأكشن الجيدة للغاية.
وبالحديث عن سلطان الغول يجب الحديث عن أحمد الرافعي ذلك الممثل اللافت للنظر منذ مسلسل الجماعة 2 وبعد ذلك دوره في الاختيار1، وهنا يقدم نفسه سينمائيًا بدور شديد الجمال، والحقيقة أن براعة الرافعي لم تكن في أدائه لشخصية سلطان الغول، ولكن في مشهد الكشف عن حقيقة الشخصية، هذا التحول الرائع البسيط، يجعلك تنبهر بأداء ذلك الممثل الذي في طريقه ليكون استثنائي للغاية، فقط عليه ألا يتعجل البطولة.
الحقيقة أن سؤال التصاعد الدرامي لم يكن في عقل صلاح الجهيني فحسب، ولكن أيضًا طارق العريان كان لديه نفس السؤال، ولكن على المستوى البصري بشكل رئيسي، وايضًا المعارك وحدتها، والحقيقة ان العريان ذو الرؤية والتأثر بالسينما الأمريكية، لم يدخر جهدًا في تنفيذ مشاهد أكشن متنوعة، قدمت وجبة شهية للمشاهد، من حيث تفردها وجودتها وتنوعها، وأكدت أيَا على كون طارق العريان من مخرجي أفلام الأكشن المهمين في السينما المصرية.
فيلم أولاد رزق 3 القاضية، هو فيلم صنع في الأساس بغرض المتعة، المتعة السينمائية التي تجعل الدقائق تتبخر بسرعة وفتلتهم أحداث تجري على الشاشة في قرابة الساعتين دون أن تشعر بمرور الوقت أو بلحظة ملل واحدة، فكان الإتقان والاهتمام بكافة التفاصيل الفنية هي السبيل لصناعة جزء أقوى من جزئي ولاد رزق السابقين، ومازال السؤال مطروحًا ماذا سيفعل الجهيني والعريان في ولاد رزق 4؟
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال