همتك نعدل الكفة
359   مشاهدة  

ولا تنسوا الفضل بينكم

جيجي


عزيزتي جيجي

ما بين الأبيض والأسود عشرات الدرجات، والحياة تمضي نحو الأسود، عشرات الأخبار المائلة للضبابية، الحزن يغلف القلوب، والقسوة تحل مكان اللين، ونحن نسكن بيوت الحزن.

هو اليأس الذي يدفعني لهذه المساحة الداكنة، الأخبار المتلاحقة عن كوراث، لا أقصد زلازل أو براكين أو حتي انفجارات، إنها أمور أسوأ يا عزيزتي، كوراث تقتص من إنسانيتنا.

علك سمعتي بالحادثة التي راحت ضحيتها زوجة برئية، ذلك أن زوجها دبر لها حادث مروع كان يقصده حادث شرف لكن الأمور ذهبت نحو القتل، وحوادث أخرى أكثر بشاعة وحزن، رجال يقتلون زوجاتهم، وزوجات تقتل أزواجهن.

هل زادت الجرائم أن التواصل والميديا هم من جعلونا نري أكثر؟

يا جيجي

إنني حزينة.. هناك رجال يهربون زوجاتهم بصور خاصة، لن أتحدث عن العلاقات الأخري، لكنني أُفكر تحديدًا فى علاقة الزواج، العلاقة المقدسة فى كافة الأديان، الله يوصي كل طرف بالآخر، فكيف بهت الفضل بينهما، وكيف قست قلوبهم.
كنت قديمًا أندهش من حالة الفُجر فى الخصومة، من رجال يبذلون كل الجهد ليحرموا زوجات سابقات، ونساء تفعل كل شيء لتسجن أو تقتص من زوج سابق.

أتساءل كيف لرجل أن ينام قرير العين مستسلم بجوار امرأة، وامرأة تنام ملء جفونها في سكينة بجوار رجل، ثم يتحول أحدهما لوحش ينهش الاخر في سمعته وأمنه وسعادته؟

عزيزتي جيجي

الأسود درجات لكنني حين أقرأ عن هذه الحوادث، أُفكر أن درجة السواد حالكة، وأن الدين فى حياتنا محض شكل وخانة فى الرقم القومي.

تري كيف يتحول الإنسان إلي هذه الدرجة من المرض؟ ربما هي أمراض اجتماعية، تربية منقوصة تقوم علي فضح المختلف، وكسره.

حين كتب الأستاذ جلال امين كتابه ماذا جري للمصريين؟ حاول أن يفهم ويجعلنا نفهم معه التغييرات التي تمر فى المجتمع، لكن الكتاب توقف عند حقبة التسعينات، وما جري بعدها ليس بقليل.

فقدنا مفاهيم حياتية الستر وأن نفارق بمعروف، الأمر تجاوز المفاهيم والأخلاق لأننا صرنا بلا دين، أليس الدين المعاملة؟ فأين الدين من سلوكياتنا؟؟ وحين أتحدث عن الدين لا أقصر الأمر علي الدين الاسلامي، ولكن الأمر يطول الجميع، كيف وصلنا لحالة التجريح والاهانة؟ أية قيم فقدناها فصرنا بهذا التشويه؟.

الرجل الذي دبر لامرأته -رحمها الله- جريمة شرف، لو قدر الله لها أن تعيش ألم يفكر فى أطفاله؟؟ كيف يعيشون بعار جريمة شرف فى مجتمع لا ينسي السوء؟.

المرأة التي تتفق مع عشيقها لقتل الزوج ألم تفكر في أطفالها؟.

 

إنني مرتبكة يا جيجي، مرتبكة حد الحزن واليأس، لماذا ضاعت بيننا وفارقهن بمعروف؟ ولماذ تنمحي كل التفاصيل الجيدة والعشرة والآمان؟.

إقرأ أيضًا..شعبان عبدالرحيم .. مغامرة داوود عبدالسيد الكبرى

إقرأ أيضا
مستشفى العريش

نعم نحن نتغير، نندفع صوب الحسية، والمصلحة، اعلاء قيم الرأسمالية والاستغلال، لكننا نقتلع جذور القيم، نترك أرواحنا فجوات خربة، نقترب من السيء والأسوأ.

كيف نستبدل الجمال بالقبح بهذه الطرق السهلة؟ أي خراب حل بنا؟ عشرات التساؤلات والموضوعات التي تشتعل بلا نهاية، أين ذهب الفضل بيننا يا جيجي؟.

متي بدأ الخراب؟ هل تعرفين يا جيجي أنه حين توقفنا عن شكر الآخرين، وعن تحية الصباح والمساء، حين تاهت كلمات الرفق والدعوات الصادقة.

بدأ الخراب حين بدأ كل يفضح ويسيء لاخر لمجرد أنهم اختلفوا، حين أفلتنا من وعينا معاني الستر والرحمة.

عزيزتى جيجي

كيف سنربي أولادنا ونحن بكل هذه الرداءة؟ فهل نحن بحاجة لمشروع قومى للأخلاق؟ كيف يمكن أن ننجو؟ هل يحدث ذلك بقانون عادل يوفر الحماية والحقوق للطرفين؟ لكن العدالة عرجاء تحتاج أدلة ومستندات وما يصلح لشخص لا يصلح لغيره، ونحن كبشر لا نميل الى الالتزام والمسئولية.

أنا حزينة ومرتبكة، وكلماتي تبدو كسكين اضعه فى قلبي وينغرس أكثر كلما قرأت عن حوداث مرعبة فى الأسرة المصرية، فمن المسئول عن كل هذا التردي؟ وكيف ننجو او حتي ينجو أطفالنا؟

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان