ولكنها القلوبُ يا عليّ، إذا صَفَتَ رَأَتْ
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد
عزيزتي جيجي
يمضي الحب طريقًا وعرًا معبدًا بالمتع والأوجاع، نُحب فنسمو، نحب فنغار، نشتاق فترتجف أوصالنا، ننتظر فيوجعنا البعاد.
الطرق متداخلة والأفكار مرتبكة يا جيجي، الحديث عن صفاء الروح ملتبس، المحبة تاج ثقيل، كلما خفت الروح تألقت، فكيف نصفو، والقلوب معلقة بما لا تملك.
القلب ليس عضلة تضخ الدم، لكنه عنوان الروح، لا نعرف في أي مكان توجد، فلنقل إذن أنه القلب، حين تحدث المتصوفة عن إحلال الله فيهم كان طريقهم المحبة، إذن هو الحب.
الحب الذي لا نملك منه فكاك، الذي نحتاجه غير مشروط ولا مُذيل بأحقاد ومخاوف.
يا جيجي
نحتاج الرضا ألا ننظر في نِعم الآخرين، فيطمئن القلب، يشعر بالمحبة، فيصفو وتنكشف الغُمة، يتساءل البعض كيف لشخص ما ألا يكون سعيد وهو لديه كذا وكذا وكذا إنهم يعدون عليه ما لديه لأنهم غير راضين بما لديهم، يتطلعون إلي غيرهم تطلع الحقد وليس تطلع الطموح، وهو إن كان غير سعيد فلأنه أيضا لم يرضَ.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للإمام علي رضي الله عنه ” ولكنها القلوب يا عليّ إذا صفت رأت”
كثيرًا ما مرت بنا مقولة الفاروق، جملة ذات سجع جميل، نهفو لترديدها لاقتباسها في تغريدات أو منشورات علي مواقع التواصل، تُضفي علينا سمة العمق والصوفية، لكننا يا جيجي بحاجة لأن تصفو قلوبنا حتي نري.
عزيزتي جيجي
إنني مرتبكة كلما فكرت فى القلب تقاذفتني الأفكار، كيف يصفو القلب المشحون بالحب، هل يكون الحب طريق النور، حديثني إذن عن الغيرة، عن الحسد، تتداخل المشاعر والأفكار، إذ كيف نتحرر من السواد نحو الشفافية؟
كلما ظهرت كلمات الفاروق في عيني دغدغت روحي، القلوب إذا صفت رأت، والطريق طويل يا عزيزتي. والنفس تشقي فى مواجهة التخلي عن ما لاتملكه والتحلي بما لديها.
هل يكون الرضا بما لدينا بداية الحب؟ وكيف نرضي فى الحب وهو الفعل القائم علي الاستحواذ؟ كيف أُحب وأرضي أن يكون بعيدًا؟
كيف يكون الرضا مسار شفافية الروح، والانكسارات تسمم الحب، وتُثقل الروح، والظلم يفتت الرضا، ينزع الثقة، كيف لمظلوم أن يرضي بمحوه، وهل لنا أن نصمت فنخضع؟ فإن خضعنا بهتنا ولم نصفوا أبدًا ولن نري.
إنني أبحث كثيرًا، أرواحنا بهتت من الهم، الأشجار المقطوعة سرقت الجمال من عيوننا والزحام معطل للحواس، نمضي فى طرقنا مدفوعين بقوى لا نُدركها.
تأتي الدقات المترددة في إشارات متنوعة ما بين الحب والخوف والقلق، يقول الأطباء أن القلب مجرد عضلة، ويأتي الشعراء في وصفه بما لم يؤتِ من قبل فماذا إذن؟
وها نحن موجهين بعد مقولة الفارق للنظر في قلوبنا، أرواحنا، وكيف تصفو القلوب، سؤال صعب وإجابة تحتاج جهد كبير.
تصفو القلوب حين تتخلي عن الضغينة، حين تنظر إلي من يفوقك في شيء فلا تري نقائصه، لكن تري ما يتميز به عنك فلا تُهيل التراب فوق الحلوي، لعله حكم قيمة يبدو أيضًا حكمًا يطال الأغلبية في مجتمعاتنا الشرقية، ذاك أن كثير منا لا يفهم الحب، لا يعرف الصفو والتسامي، يرون الحب نقيصة وغرض.
الكاتب
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد