“ومن الشعر ما قتل أو حبس”.. كلمات دمرت أصحابها
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الشعر بالنسبة للبعض المحظوظين يكون ديوانهم، أما منحوسي الحظ يكون هو قبرهم، حيث يُعد هو الساحة التي تُطرح بها جميع التساؤلات المشروعة والغير مشروعة، كانت الكلمات داعمة للبعض ورفعت شأنهم، وكانت للأخرين سلاحًا فتاكًا قضى عليهم، وهناك العديد من الشعراء الذين تم حبسهم بالسجون أو لقوا حتفهم على يد كلماتهم، نستعرض لكم أشهرهم :
مقاتل الشعراء
المتنبي
يعُد المتنبي من أشهر وأعظم شعراء العرب، وعُرف بتنقلاته الكثيرة بين الحكام والسلاطين والولاة، حيث كان يذهب إليهم ويمدحهم بأبيات من الشعر، وبمجرد أن يفارقهم كان يقوم بهجائهم مما أكسبه عداوة معظمهم، وخاصة “كافور الإخشيدي” حاكم مصر الذي كان له نصيب الأسد من هجاء المتنبي، ولكنه لم يقتله، بل جاءت نهاية المتنبي على يد قاطع طريق أسمه “فاتك الأسدي” الذي طارد المتنبي انتقامًا منه لهجائه أحد أقارب الأول، وكان المتنبي بصحبة أبنه أثناء سفرهما إلى العراق حين هجم عليه الأسدي ومعه مجموعة من أعوانه، وحاول المتنبي التهرب منهم وأخبرهم بأنه مجرد عابر سبيل ولكنهم كانوا يعرفونه من بيت الشعر الذي يقول:
الخيل والليل والبيداء تعرفني .. والسيف والرمح والقرطاس والقلم
وعندما سمع المتنبي بيت الشعر خجل من التهرب وعدل عن قراره بالفرار، وواصل القتال، حتى قُتل هو وابنه، فكان بيت الشعر الذي أنشده هو نفسه السبب في موته.
أعشى همدان
هو ” أبو المصبح عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث الهمداني “، المعروف بـ “أعشى همدان” وقد كان شاعرًا معروفًا في عهد الدولة الأموية، وفي عام 82 هـ/701 م، انضم الأعشى إلى ثورة “عبد الرحمن بن الأشعث”، التي ثارت على حاكم العراق الحجاج بن يوسف الثقفي والدولة الأموية، وسخّر الأعشى مواهبه في الشعر في خدمة تلك الثورة، وكان شديد التحريض على الحجاج، ومن أشهر القصائد التي هجا فيها الحجاج، القصيدة التي جاء فيها:
إن ثقيفًا منهم الكذّابان .. كذابها الماضي وكذّاب ثان
وهنا ينتقد الأعشى الحجاج ويصفه بالكذّاب، ويقارنه بالمختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي اتهمه أعداؤه بادعاء النبوة.
رياض الصالح الحسين.. 28 برتقالة و4 مقاعد شاغرة وحبيبة اسمها “س”
وفشلت تلك الثورة فشلًا ذريعًا وقتل الأشعث وعدد كبير من معاونيه، ووقع أعشى همدان في الأسر، فلما قابله الحجاج تعرّف عليه، وواجهه بأشعاره التي لطالما تغنى بها الثوار من قبل في هجائه وذمه، ورغم محاولة الشاعر التنصل بشتى السبل، إلا أن الحجاج أصدر حكمه بقتله.
حبسجية الشعر
يُعد سرور ظاهرة أدبية فريدة، طوال مشوار حياته خاض العديد من المعارك في الوسط الثقافي والسياسي، تم سجنه وتعذيبه حتى الجنون من قِبل الجهات السياسية في عهد الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، ولكن تظل أعماله الشعرية والمسرحية نماذج فريدة، حيث أنه برع في التأليف والإخراج المسرحي.
وبدأت المشاكل في حياته عندما تجاوز الخطوط الحمراء وعارض مجازر الملك حسين بحق الفلسطينيين فيما عُرف بأحداث أيلول الأسود، فقام بكتابة وإخراج مسرحية بعنوان “الذباب الأزرق”، وسرعان ما طلبت المخابرات الأردنية من السلطات المصرية إيقافها، وانتهى الأمر بعزل سرور وطرده من عمله، ومنعه من النشر، ثم اتهامه بالجنون.
وبعد ذلك دأب على كتابة قصائد ينتقد فيها بشكل لاذع سياسة ونظام السادات تجاه الوطن والشعب، وخاصة قمع الحريات العامة، وحرية التعبير، فلفقت له الكثير من التهم وتم وضعه بمستشفى الأمراض العقلية.
أحمد فؤاد نجم
طوال حياته كان “نجم” واحدًا من أشهر الشعراء الذين استخدموا لسانهم وقلمهم لنقل خواطر الشعب، ولذلك لم يسلم من استهداف السلطات له، ولم تخل أي من التهم الموجهة إليه من شبهة “إهانة الرئيس” وهى التهمة التي لم ينكرها أبدًا، ومن أشهر القصائد التى سُجن بسببها، كانت تلك التي انتقد فيها السادات، ولم يستغرق نظر القضية أسبوعًا فى المحكمة، فصدر الحكم بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ على نجم الذى هرب من المحاكمة لمدة ثلاث سنوات ثم ألقى القبض عليه في 1981، وحُبس لإهانته رئيس الجمهورية مرة أخرى عقابا على قصيدة “أوأه”:
أوأه المجنون أبو برقوقة .. بزبيبة غش وملزوقة
عيرة وبرانى وملزوقة .. نصاب ومنافق وحرامي
ودماغه مليانة مناطق موبوءة .. والنكتة كمان انه حلنجى
وعامل لي فكاكة وحندوقة .. مع إن الجحش أفهم منه
والعالم فاهمة ومفلوقة .. بسلامته بيسرح قال بينا
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال