يا فلوكس متى كرهت الفخاد؟
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
سيل من التساؤلات تدفق إلى عقلي فور قراءتي تعليق أحمد فلوكس أو الشهيد أحمد فلوكس كما يحب أن يُنادى على الفتاة التي عاتبته بعد تجديد دعوته لاستقبال سعد المجرد الفنان المغربي بعد أن تم إلغاء حفله المرتقب في مصر بقوة مواقع التواصل الاجتماعي وكان لمجرد قد واجه اتهامات بالاغتصاب أشهرها في فرنسا سبتمبر ٢٠١٧ حيث سجن لفترة ووضع تحت المراقبة حتى برأته المحكمة من تهمة الاغتصاب و قررت محاكمته بتهمة العنف والاعتداء الجنسي في القضية نفسها.
وكان القائمون على جائزة الموسيقى الأفريقية “أفريما Afrim”، قد أعلنوا حذف اسمه رسميًا من قائمة جوائز الموسيقى الإفريقية عقب دخوله المنافسة على لقب أفضل مطرب في ‘إفريقيا لعام 2018.
عاتبت الفتاة فلوكس قائلة ” عيب يا فنان ” قاصدة بذلك استنفار غيرته على بنات بلده بقبوله وترحيبه بمتهم بالاغتصاب، لكن رد فلوكس جاء صادمًا فقد وصف الفتاة المعاتبة بلفظ سوقي خارج ثم تفقد حسابها ليضيف إلى سبه معايرتها قائلًا : متتكلميش باسم بنات مصر وصورك كلها عبارة عن فخادك يا …… الخ من القذف في الشرف والوصم.
ولكن ما المستهجن في وجود فخاد للمرأة وما هي مشكلة فلوكس مع الفخاد ولماذا قرر أن يعتبرها الآن سببًا للمعايرة ؟
عندما أعلن فلوكس عن سعادته الغامرة بزواجه من الفنانة هنا شيحة كان ذلك من خلال صورة شهيرة التقطت لهما في دبي حمل فيها فلوكس زوجته حينها بين ذراعيه ليظهر برج خليفة متواضعًا نسبة لحجم فخذيها، ولقد تمنى له جمهوره السعادة مع زوجته الفنانة التي كانت نفسها قد تعرضت في وقت يسبق ذلك بسنوات لمسبة وتجريح وقدح من قبل طليقها ووالد أبنهائها إثر نشر صورها وهي ترتدي المايوه – لباس البحر – بفيلم ( قبل زحمة الصيف ) للمخرج محمد خان عام ٢٠١٥
ولقد جاءت معايرة طليق الفنانة أيضًا بسبب ظهور أفخاذها اللافتة للنظر وتعريتهما بما لا يليق بكونها أم لولديه، وكنا نحن الصحافيين وكثير من الفنانين قد استنكرنا تصرف الأب وعاتبناه على ما بدر منه من إساءة خاصة وهو ينتمي للوسط الفني والثقافي .
ونحن صغيرات كنا نسمع همهمات الأهل فور تغير شكل ابنتهم الصغيرة الخارجي للاستدارة والتي لا تزال طفلة بالأمس كانت تركب الدراجة أسفل منزلها، كانوا يقولون البنت ادورت متنزلهاش الشارع، أو خلي بالك منها، أما تلك الطفلة التي حظيت بقالب نحيل لم يكن يعير لها الأهل أي اهتمام باعتبارها ليست مطمعًا ولا محل رغبة لأحدهم .
لذلك كانت غالبية الفتيات يقضين فترات بلوغ مضطربة إما بعزلة شديدة وخجل نتيجة التفات الأهل المبالغ فيه للتغيرات الخارجية التي تطرأ على بناتهن دون غيرها من جوانب عقلية ونفسية ما يعرضهن بنسبة كبيرة للاكتئاب وزيادة الوزن وتعطيل النمو أو فقدان الثقة والشعور بالنقص إن كانت نحيلة لا يلاحظ وجودها أحد أو يراقب دخولها وخروجها بما تتصوره اهتمام نابع من قيمة جسدها مثل قريناتها التي ربما كانت أختها أو قريبتها التي أصبحت دونها رهينة الاحتجاز أو المراقبة فقط لاستدارة جسمها مبكرًا عن الأخريات.
في زيارتي لإحدى دول غرب أفريقيا منذ سنوات ساءني قليلًا أن تعلقت عيناي بحرية النساء بأجسادهن، حرية في الحياة ضمن جسد خلقن به دون أي محاولة لتبريره أو تمريره ليقبله المجتمع ، هناك لا تحمل المرأة جسدها همًا ثقيلًا على كتفيها كما نحمله هنا منذ طفولتنا المبكرة
شاهدتهن قويات برغم الفقر أجسادهن تشق طريقًا فسيحًا كلما حطت أقدامهن بهيبة وقدرة على الأرض وكأنما اتسع الشارع فاجأة لمرورهن ، ممتلائات الصدور وبمؤخرات كبيرة كما نعرف التكوين الخارجي للمرأة الأفريقية تبرز عضلات ظهورهن وهن يحملن الأواني فوق رؤسهن والتي ينعكس لمعانها على بشرتهن السمراء المشدودة القوية لتظن أنك أمام تمثال منحوت من الأبينوس للإنسان القديم عندما كان سيدًا وحرًا ومتحدًا روحًا وعقلًا وجسدًا كما فطرته وخلقه ثم لا تلبث أن تدرك أن التمثال متكرر لنساء حقيقيات يبعن المياه الباردة عند إشارات المرور أو يعملن بمحال مصنوعة من الصفيح، لكن لا أحد يرى غرابة في خلقتهن أو يحملق في تكوينهن الرباني كأنما شاهد مسخًا أو خارقًا وليس إنسانًا له حق مثله في الحياة بأمان دون تقييم أو معايرة أو مراقبة.
لدينا هنا تصنيفات أخلاقية للمرأة وفق شكل جسدها إما عاهرة رخيصة صاحبة إمكانيات أو تواقة لانحراف لم تطوله بسبب عدم لياقتها للمعايير الجسدية للقائم على التصنيف .
لنصبح عند البعض ليس بالقليل عاهرات أو قبيحات لا شيئ آخر .
تذكرت طفولتي ومرحلة بلوغي الأولى عندما أصبحت أسير فاجأة بانحناءة في الظهر أمسك حقيبتي فوق صدري ارتدي مقاسات أكبر من حجمي الحقيقي، لا زلت أذكر أنني كلما دخلت محال لشراء الملابس تُدهش البائعة التي تساعدني في اختيار المقاسات من حجم جسدي الذي يصغر بكثير ما ظنته من شكلي الخارجي وملابسي الفضفاضة ، لم أكن أحتشم بل كنت أختبئ ولم يكن جسدي مفصولًا عني لذلك كان جزءًا من عقلي وروحي أيضًا يختبئ كنت أخاف أن يكتشف أحدهم حدود جسدي الصغير ببروزاته المستجدة لأنني كنت أرى الجنيع من حولي يجتهدون لاكتشافي والوقوف على حدودي الخاصة دون رحمة.
لذلك أعي فداحة الأثر لما فعله فلوكس وانعكاس ما كتبه وما يشبهه على الفتيات والنساء بشكل عام وامتداد هذا الأثر ليغيب عقولهن ويغلقها ويرهق أرواحهن ويؤثر علي استقرارهن وانتاجيتهن .
عندما أراد أحدهم النيل مني مرة وإيذائي وصفني بأنني كيم كاردشيان الصحافة المصرية أراد تحقيري وتبرير محطات النجاح في حياتي المهنية لشكلي الخارجي والذي كان ولا يزال في مجتمعنا عائقًا لكل النساء باختلافهن. كنت ناضجة كفاية لأدرك حجم غيظه وحقده .
يستحق أن نتوقف أمام مجتمع يعاير النساء بخلقتهن ، بأنوثتهن وبحقيقتهن البيولوجية لقد تحولت آثار النعم وآيات الخلق لمواضع نقص وعار .
لن أقول يجب أن تفخر النساء بأفخاذهن وصدورهن لا فخر ولا عار يجب أن نرتاح من خوض معارك وهمية لا تخلف علينا سوى النقص والتخلف والتراجع جسم الإنسان ليس مفصولًا عنه لذلك ليس محلًا للفخر ولا للخجل وليس متاحًا للبيع بآليات التسويق كافة من مبالغات في التعري أو التغطية
ونهاية ليس مهمًا ولا مستغربًا أن يتصدر فلوكس المشهد ويختال بنجوميته ويصدق استشهاده في سبيل الوطن ، طالمًا توقع امرأة بدون فخذين ، رأس فوق قدمين مباشرة.
الكاتب
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة