يا مريم أنتِ تسيرين على خطى الإلحاد .. هكذا تخبرني أمي دائمًا !
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
في الأسبوع الماضي كنت متوجهة لوضوء صلاة الفجر، نادتني أمي وقد ارتسم على وجهها أعتى إمارات الغضب وقالت بحزم: إسلام البحيري إرتد، اتحول للمسيحية !!، ثم أشارت بيدها كي أخرج من غرفتها وقالت : إتفضلي !! خرجت دون أن أنطق كلمة، ولكن كلماتها ظلت تتردد كصدى بين جنبات عقلي.
اقرأ أيضًا
محمد سامي وإسلام البحيري .. معركة الولا حاجة من أجل رضا إخوانا إياهم
بعد أن أتممت صلاتي اتجهت لجهازي وبحثت عن حساب إسلام البحيري الذي هو صديق لي على موقع الفيس بوك، فوجدت أنه لم يذكر شيئًا عن ارتداده، أو تحوله للمسيحية، وكان آخر ما قد قام بنشره هو بوست يوم 29 اكتوبر عن غزوة قطع الرؤوس وأزمة الرسوم المسيئة في فرنسا، وكذلك لم يذكر شيئًا من هذا القبيل على صفحته الرسمية.
بحثت في جوجل فوجدت بضعة أخبار منذ عام 2015 تدّعي بأن إسلام البحيري مسيحي الديانة، وحاصل على كلية اللاهوت، وأن اسمه الحقيقي هاني جوزيف عبد الملاك، وأنه يظهر على الشاشة باسم اسلامى حتى يُحارب الإسلام، ويشكك المسلمون فى دينهم، ويجعل المسيحيين يكرهون الدخول فى الدين الإسلامى !!
انتقلت لتويتر فراعني ما قد رأيته من تحريف لكلماته التي وصلت لحد أن قال قائل على لسانه : آسف مش هقدر أكمل في دين بيكفر الكفار !!
كذلك حرّف هيثم بن الحويني ما قاله إسلام البحيري على حسابه بتويتر فكتب قائلا :
وقد هالني كم التعليقات الشامتة في خروجه من الإسلام.
يا ابن الحويني ويا كل من كتب حرفًا في حق الرجل، إن المسلم ليس بسبّاب ولا لعّان، فما حسبك بمن يتخذ التدليس وتحريف الكلمات والتكفير سبيلا لجدال من هو على نفس ملته، والله ما فعلها رسولنا الكريم مع أبي جهل، ليست هذه الوسيلة ولا الحسنة ولا الموعظة الحسنة، فاتق الله في دينك يا هيثم، واتقوا الله جميعًا.
هذا الفيديو يُعرض مختصرًا لما جاء في برنامج البوصلة الذي يقدمه إسلام على قناة TEN والذي سبب كل هذه الضجة:
▪️القرآن.. في مواجهة تكفير الآخر.
▪️بعد قليل في حلقة اليوم من برنامج البوصلة 📺#البوصلة_مع_إسلام_بحيري pic.twitter.com/JsoYrff6DF— برنامج البوصلة (@elbosla) October 11, 2020
لا أدافع عن إسلام البحيري، ولا أتفق –كمريم- معه في الكثير من آراءه، وأنتقده في بعض الأحيان، ولا يعنيني إن كان قد ارتد أو تحول للمسيحية، أو حتي يعبد الماج الذي يشرب فيه الشاي بلبن، أو يقوم الليل لذلك الأرنوب الذي أهدته إليه خطيبته في عيد ميلاده، ما يعنيني حقًا أن الله قد أمرنا بالاجتهاد وبإعمال عقولنا، ويعلم أن بداخل رؤوسنا الكثير من التساؤلات عنه وعن ذاته، وعن الوجود، وعن بدء الخلق والخليقة والموت والبعث، يعلم أننا أحيانا نتشكك، ومن دلائل القرآن الكريم على أن الاسئلة الوجودية التي تدور في عقولنا ليست محرمة قوله تعالى : “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”، كذلك فإن مثل هذه التساؤلات قد لازمت الأنبياء، كسؤال موسى عليه السلام: ” رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ”، ومن الواضح في سياق الآيات أن الله تعالى لم يوبخ إبراهيم وموسى أو حتى عاتبهما، ولم يؤخر الاستجابة لطلبهما أيضًا، بل أثبت لإبراهيم على الفور قدرته على إحياء الموتى، وجعل موسى يراه، كذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : “نحن أحق بالشك من إبراهيم”، وها هو رسولنا يحضنا على الشك والتساؤل، فلما نُصر نحن على إحالة عقولنا للتقاعد ؟!!
عزيزتي ماما، أعلم أنكِ سوف تقرأين هذا المقال لأنكِ تقرأين كل كلمة أكتبها، وأدرك تمامًا أنكِ تخشين عليّ الفتنة في ديني، فقط أريد أن أطمئنك، أنا لا أكره الدين، ولكنني أكره الخطاب الديني بكل ما به من ترهيب وتهديد ووعيد، ما أكرهه حقًا آراء بعض ممن يسمون أنفسهم “علماء الدين” عن زراعة الخوف من العذاب بدلًا من السعي طمعًا في رحمة الله، أمقت كل أحاديثهم وكلماتهم العنيفة التي أصبحت مجرد أداة للتخويف، أولئك الذين يصورون الدين على أنه وسيلة إرهاب مسلطة على رقاب الناس، هؤلاء الذين علمونا الخوف من الله قبل أن يعلمونا حبه لنا ورحمته بنا !
إن جهدك المبذول في إقناع غيرك بعذاب القبر وظلمته والترهيب بقصص الثعبان الأقرع والبشر المعلقون في الجحيم يتعذبون بعد الموت يمكنك استغلاله واستثماره في تحسين حياتك وأن تصير إنسانًا أفضل وأحسن قبل الموت!!!
لذلك فأن رأي إسبينوزا عن مشكلة الخطاب الديني صائب، إذ ذكر إنه ينمي الأهواء الحزينة كمشاعر الخوف والرهبة وانكسار النفس.
جرب أن تقوم بإخراج الترهيب والعقاب والنار والثعابين لمن عصى والكفر لمن سأل من عقلك، وتستبدلها بفكرة الحب والإحتواء، والحرية في السؤال، والواجب تجاه الحقوق والإمتيازات التي تُعطى، ومقابلها الشكر والإمتنان، ستجد نفسك في قلب الإيمان ليس وراء أسواره خائفًا !!
ماما الحبيبة :
أنا بحب ربنا أوي وطمعانة في رحمته ومش خايفة منه ولا من عذابه وعقابه.
الكاتب
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال