همتك نعدل الكفة
400   مشاهدة  

يوميات سورية في مصر 3 : تأشيرة لقلبي

تأشيرة


اليوم الثالث : إجراءات العودة

وهل للقلب تأشيرة؟

إن كان القلب سوري النبض ؟ فمن المؤكد إنه يحتاج إلى تأشيرة..

إنها نقمة الباسبور السوري الذي جعل ” التأشيرة” متلازمة السوري أينما حلّت قدماه.

متعبٌ جداً وغريب، شعورك بالحاجة إلى الاستئذان لتعود إلى وطنك!!  ومصر هي وطني الثاني.

لكن ليس باليد حيلة فالقانون فوق الجميع ولا شفاعة لمحب بتأشيرة…!!

منذ ست سنوات وحين كنت في مصر أجدد إقامتي وأغرق في بحر الورق ..!! خطرت في بالي فكرة مجنونة وهي أن أطبخ ملوخية مصرية وأشهق عليها ” شهقة ” حب ولوعة تضاهي رائحة ” التقلية” . فربما من يتذوق ” ملوخيتي ”  يشعر بتلك الشهقة ويسرّع إجراءات الإقامة!!

عادت لي تلك الذكرى وأنا في تركيا حين كلمت المحامي المصري أسأله عن سبيل العودة فجاء ردّه : لابد من تأشيرة عمل أو استثمار فلا سياحة ولا زيارة تسمح لك بالقدوم إلى مصر..!!

أغاظني كلامه وأحزنني فكيف لا أستطيع العودة لمن أعشق؟ وبأي ذنب أمنع  من زيارته؟ هل لأني أحمل الباسبور السوري فحسب..!!

ألا تعلمون أن لي ذكريات في مصر ؟ لي تاريخ وأصدقاء هم عائلتي، لي أرض وبلد وحجر وشجر وضحك من القلب وبكاء..!!  لي كل ما يسقط عني أي قناع ويظهر وجهي الحقيقي .

بأي ذنب أعاني من إجراءات العودة؟ ما معنى تأشيرة وأنا التي تركت قلبها وروحها في مصر.

وعلى الرغم من غضبي إلا أن ذلك الغضب تحوّل إلى إصرار وكانت رغبة العودة أقوى من روتين الورق.

حسمت أمري  ورأيت نفسي استأجر شقة في القصر العيني عن طريق الانترنت وبمساعدة صديق لي وكخطوة أولى توريطية – إن صح التعبير- في أول طريق العودة إلى مصر.

وهنا كانت الصدفة الجميلة ” شقة القصر العيني ” صاحبها ” شريف ” ضابط متقاعد وعضو في نادي الجزيرة وله معارف كثر وأصدقاء يرغبون في مساعدتي حتى أعود إلى مصر وأسكن في مكان أدفع أجاره لمدة سبعة شهور ولما أسكن به بعد!!

لماذا سبعة شهور؟ لأني في كل شهر أقول لنفسي الشهر القادم سأكون في مصر ويأتي الشهر القادم وما أزال في تركيا !!

رائحة ” شقة القصر العيني ”   كانت تنبثق من صورها أما روحها فكنت أشعر بها من خلال صوت صاحبها..

ذاك الصوت المصري الطيّب الأجشّ الذي حمل صاحبه مسؤولية عودتي إلى مصر على عاتقه واتخذ خطوة تختصر ” جدعنة المصريين  ” حين عرّفني بصديقه ” مجدي ”  الرجل الطيب الأصيل الهادئ بطبعه.

لن أنسى شعوري حين تكلمت معه عبر الموبايل أول مرة وكيف بثّ الطمأنينة في قلبي.

إقرأ أيضا
ليلة وردة

مجدي لديه شركة تحقق شروط استقدام الأجانب بعقد عمل إلى مصر. ومجدي لم يعرفني بعد لكنه” استجدع”  معي.

وبدأت رحلة الورق. ومع كل معاملة ورقية تنجز، يزداد الأمل ويخفق القلب بشدة إلى درجة عدم التصديق..!!

هل سأعود إلى مصر حقاً؟ هل سأتوقف عن ملامسة ما يحاكيها؟ ويصبح الحلم حقيقة.

ما الذي يحاكي مصر؟

سنرى محاولاتي في محاكاة بهية والتقرّب من عوالمها في المقال القادم.

وقبل أن اتركك عزيزي القارئ سأعترف لك باعتراف مهم: مصر لا يليق بها الانتظار فهي بنت اللحظة وتعلمك كيف تعيش اللحظة إلى أقصاها..

عِشها.. فإن رحلت لن تكرر.. ولن تعود.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
3
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان