يوميات طالب الكلية الحربية (١٢) .. عندما أكلت ساندوتش “كوك دور” في السادسة صباحا داخل أرض الطابور
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
انتهينا في الجزء السابق يوميات طالب الكلية الحربية (١١) .. شالله يا سيد يا بدوي ومدد يا طابور الأجازات إلى دخول موسم الامتحانات والامتحانات صديقي القاريء في الكلية الحربية تنقسم لمواد دراسية مدنية كالفيزياء وحساب المثلثات واللغة الإنجليزية ومواد عسكرية كالسلاح وفن القيادة والتاريخ العسكري واللغة العبرية إلخ إلخ.
وتنقسم بعض المواد أيضا إلى امتحان نظري وامتحان عملي ويتم كل ذلك في أسبوع واحد لدرجة أننا نمتحن أحيانا في ٣ مواد يوميا.
وذات نهار بينما نمتحن في اللغة العبرية طلب جاري في قاعة الامتحانات الضخمة التي تضم الدفعة كلها مني ان أ‘طيه إجابة الترجمة من العربية للعبرية، أمليته الكمات مسرعا في همس ففوجئت أنه لا يعرف “الاسبيلنج” ويطلب مني كل كلمة حرفا حرف، لم يتوقف عن هذا بلا فاجئني بأنه لا يعرف شكل حرف الواو في اللغة العبرية وكيف يرسمه فأجبت “عصاية عوجاية”
وهنا التقطنا الضابط المراقب وطردنا من الامتحان دون أن يتوقف عن ترديد “عصاية عوجاية” يا طالب وعندك أمل إنه يغش.
لتنتهي الامتحانات وتتخرج الدفعة ٨٧ حربية وأحمل أحد أقرب الناس إلى قلبي على ظهري يوم تخرجه ونحتفل ونستعد لمغادرة الكلية بطابور أجازات صرنا فيه “نهائي” الكلية.
ما يحدث فيك ولا يعجبك لا تفعله عندما تصبح قادرا على فعله
كنت رقيبا لفصيلة أحمل ثلاثة شرائط على كتفي وطبقت هذا الكلام حرفيا، حتى أنني منعت الطلبة الأحدث من الوقوف انتباها عندما أدخل العنبر من غرفتي لاستخدام الحمام أو ممارسة أي عمل داخله.
وكان أحد أفراد دفعتي من فصيلتي يشغل بال الفصيلة بأكملها لأنه لا يدخل الحمام إلا ومعه درجين من دولاب خالي من الملابس، وعندما نسأله يضحك ولا يرد.
أنهينا الاستنتاجات بالصعود على حوائط الحمامات المجاورة للمشاهدة الفعلية فوجدناه يستخدمهما كمقعد لأن الحمام بلدي وهو يفضل الحمام الأفرنجي.
فيجلس عليهما متوازيين.
وسقطنا من على جدران الحمامات واقعون من الضحك.
وفي ليلة من ليالي المذاكرة قررت أنا وزميل أخر أن “نزوغ” لنستخدم الهاتف وهو ممنوع داخل الكلية الحربية ولم تكن الهواتف المحمولة اخترعت بعد، تسللنا إلى غرفة الضابط النوبتجي، طلبت عسكري التحويلة وادعيت أنني الضابط وطلبت رقما لصديق وعندما رد علي طلبت منه أن يأتيني ليلا بعلب حلاوة وجبنة وساندوتشات سي فود من كوك دور ويلقيهم من أعلى سور الكلية في مكان محدد في الحادية عشر مساء.
أنهيت المكالمة وكلمت صديقتي بينما دفعتي يراقب الطريق في الخارج، وقبل أن نتحدث صفر لي فقفزت من شباك غرفة الضابط الأرضية في اللحظة ذاتها التي كان يقتحم فيها غرفته.
هرعنا لغرف المذاكرة نلهث من الجري والرعب، وفي طابور العشاء أخبرنا الضابط أن أحدهم اقتحم غرفته ليتكلم في التليفون وأنه حصل على الرقم الذي حاول أن يكلمه وسيصل لهذا الطالب وسيبلغ عنه مدير الكلية شخصيا.
وفي المساء قمت أنا ودفعتي بالعملية نفسها ولكن من غرفة ضابط نوبتجي أخر وطلبت من صديقي المدني قطع خط تليفونات صديقتي وكانت تسكن في العمارة المواجهة لعمارته وهو ما فعله قبل أن يأتينا بالطعام ففشل الضابط في الوصول للرقم الذي ظل معطلا لمدة اسبوعين حتى نسي الأمر ونشف دمي.
لكن في صباح اليوم التالي من عملية التسلل، اتجهت مبكرا للمكان الذي اتفقت مع صديقي عليه، فوجدت الأكياس بجوار السور فحملتها صباحا قبل طابور اللياقة وأنا أكل ساندوتش الجمبري المشوي البارد بعد حوالي ٧ ساعات من شراءه وأنا أتحرك داخل أرض الطابور قبل وصول الضباط وعلى وجهي سعادة غير مبررة.
لم أكن أدري أن مخالفة القانون طبع في شخصيتي وأن هذا لا يناسب من أراد أن يكون ضابطا
أخالف القانون بمتعة عاشق في الفراش
مرت الأيام ونستعد لدخول السنة الرابعة واستقبال دفعة المستجدين ودوري الكليات العسكرية والتنافس الأزلي بين حزب الفنية وحزب الحربية ولهذا حلقة أخرى
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال