يوميات قلق..عن صديقك المتطرف!
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
العالم لا يعمه السلام ولا يتخذ معظمه الرحمة كمنهج للتعامل مع الغير، وإلا ما شاهدنا كل هذه الحروب والصراعات التي لم تتوقف حتى عندما اجتاح وباء كورونا العالم، الكل يريد أن ينهي صراعه بالشكل الذي يراها وإن تخلله العنف والدم.
نحن من نحاول العيش بسلام، واتخاذ من كل موقف بسيط بارقة أمل للتغيير، تصدمنا الأصوات العالية المتطرفة من جميع الجهات، وخاصة من يدعون تقبل الآخر، ومن ينادون بالحريات، وعند أرض الواقع لا يتقبلون سوى من يحاول أن يمشي فقط على أهوائهم.
منذ خبر انتحار سارة حجازي، وأنا على معركة مختلفة مع القلق، وقد كنت كتبت عدة مقالات عن معاناتي من ارتفاع معدل القلق وتأثيره على سلوكياتي، وأحاول مشاركة كل من يحمل معي نفس الهم بعض الكلمات، لعل صديق هناك لا يعرفني شعر بأنني أعاني بنفس معاناته، فخفف هذا عنه.
ما حدث بالسوشيال ميديا من سب متبادل بين الناس جعلني أشعر بالخوف والقلق. صوت الكراهية كان الأعلى، والغضب كان المسيطر حول أمر نفس لم تعد بيننا، وغلبها اليأس حتى اختارت الانتحار.
لم أستطع عدم التعرض للمناقشات، بذلت قصارى جهدي للابتعاد عن المناقشة حول روح بين أيادي الله، ولكن عندما يدفعك أحد الأصدقاء للإدلاء برأيك، لن تعرف كيف تهرب من حرق الدم.
الأدرينالين نال مني هذه المرة، والقلق لازمني؛ لأنني رأيت آراءَ الكثير من هؤلاء الذين تعرفت عليه يالأوساط الفنية يستخدمون كلمات عنيفة، ويستخدمون السباب حول المختلفين عنهم بالرأي بتطرف ديني ولا ديني!
لم أستطع عدم التدخل، وأصابتني صدمة حقيقية في معارف تصورت أننا بالتأكيد لن نتفق بكل شيء، ولكن نقف على الأقل على أرض صلبة تدور حول معاني العدل والرحمة والحكمة قبل الإدلاء بالرأي، وخاصة أننا نراجع آرائنا ونتغير من فترة لأخرى.
بعد الوباء الذي اجتاح العالم أصبحنا جميعًا نحاول التأقلم على حياة من وراء الكمامات وتحت رائحة الكحول الإيثيلي والمطهرات، ابتلانا الله بفيروس تتغير أعراضه ويتطور ونحن لا نتغير في تصدير غضبنا على الآخر.
رغم أحداث هذا العام الصعبة لم يتعظ الإنسان بعد، ومازال المعظم يتعصب لرأي قد يغيره غدًا، وربما سب المختلف عنه وكفره. لم أستطع مقاومة قلقي هذه المرة؛ لأنني اكتشفت أن المتطرفين يعيشون بيننا، والتعليقات التي رأيتها تتهم الغير بالجهل أو الكفر بعد النقاش لم تكن قليلة.
المتطرفون من كل فئة توحشوا بهذا الموقف تحديدًا، ولم يفكر سوى القليلين بحكمة حول مساعدة من يحتاجون المساعدة حتى لا تتكرر حالات الانتحار الموجعة.أو ترك من ذهبوا بعالم الغيب في حالهم والتفكير في الغد بنشر معاني الحق والخير والجمال.
ما حدث رغم أنه عزز قلقي اللعين إلا أنه زاد إيماني بأننا علينا التصدي لكل بذرة تعصب وكراهية بكل وسيلة نستطيع بها التأثير في الغير، وأن نشر الحب يغلب الكراهية، وعلينا مراقبة أنفسنا أيضًا ومراجعتها إذا أثرت علينا الضغوطات وتناقشنا بحدة لن تفيدنا ولن تحقق أغراضنا من التعايش والسلام.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مقال رائع.. بالتوفيق