همتك نعدل الكفة
256   مشاهدة  

يوم الخميس .. ٢٥ سنة من تاريخ العائلة

الخميس
  • كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



الخميس في أي أسبوع من عام ٩٨ وحتى ٢٠٠١

نحن عائلة مكونة من أب وأم و٦ أبناء، ثلاثة أولاد وثلاثة بنات، في ذلك التوقيت كان الخمسة الكبار متزوجون، وكنا جميعا حاضرين على مائدة الغداء التي كانت تقام بين الخامسة والسابعة يوم الخميس، يجمعنا والدنا اسبوعيا، لا يقدر أحدنا على الغياب – بعضنا قد يتأخر – كنا جميعا نخاف على غضب الوالد الذي كان يحزن عند غياب أحدنا عن مائدة غداءه وقضاء بقية اليوم معه وحوله، نحن وزوجاتنا وأزواج اخوتنا وأحفاده.

كان يوم الخميس كرنفالا عائليا يحضر فيه ما يزيد عن ٢٠ شخصا في شقة لا تزيد عن مائة وعشرين متر كانت أكثر براحا من السماء، يعود كل منا بعدها ليواصل حياته وهو ممتلأ بطاقة دفء وود غير عادية من حب والديه واخوته، وسعادة لا تنسى من ضحك ولعب وحكي وود مع الاخوات والابناء والأباء، كنت أعتبره يوما لشحن الطاقة.

الخميس من أي أسبوع من ٢٠٠١ حتى ٢٠١٨

رحل والدي في ١٠ نوفمبر ٢٠٠١، تغير شكل الحياة، كانت أمي مستغنية طيلة حياتها، لا تطلب أبدا حتى حقها، عتبره عيبا أن نريد، لهذا لم تطلب أحدا منا على الغداء، كنت أقيم معها في تلك الفترة، كنت أرى كيف هي حزينة لتوقف عادة تناول الغداء في يوم الخميس، في البداية كان الكل يحضرون ولكن مساء، لم تعد تلاحقهم تليفونات أبي الغاضبة واصراره، نحن أمام إمرأة تعطي ولا تأخذ، من يأتي تهبه حنانا ودفء لا يعوض، ومن يغيب تكتم حزنها على غيابه وتكلمه أحيانا لتبثه حبها ودفئها.

ومع انقضاء الوقت بدأ الغياب، أحيانا واحد منا، وأحيانا اثنان وأحيانا ثلاثة، لكن بقينا على العهد.

أتذكر أنه عندما اضطرتني للحياة إلى السفر إلى الخليج للعمل كنت أبكي كل خميس لأنني لن أحظي بكل هذا الدفء العائلي، والمدهش أن أمي التي تركت بيتها للمرة الأولى وأقامت عند أختي بعد هجرتي المؤقتة كانت هي من تتصل بي لتشد من عضدي وتهبني حبها ودفئها كي أقاوم واستمر.

ولكني عدت وبقي الخميس يوما لأمي نجتمع فيه تحت أقدامها لتصبح ضحكتها أروع موسيقى سمعناها في حياتنا جميعا وابتسامتها على وجهها هي أروع ما رأيناه.

الخميس من أي أسبوع من ٢٠١٨ حتى اليوم ٢ سبتمبر ٢٠٢١

رحلت أمي في ١٢ يوليو ٢٠١٨

إقرأ أيضا
أمنيات

لا يوجد أحد

لا خميس

 

الكاتب

  • الخميس أسامة الشاذلي

    كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان