همتك نعدل الكفة
310   مشاهدة  

يوم المعلم العالمي وأبلة رجاء

يوم المعلم العالمي
  • مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



عندما فتحت جهاز اللاب الخاص بي لأبدأ عملي فوجئت بجوجل العظيم يخبرني أن اليوم 5 اكتوبر هو يوم المعلم العالمي، سرحت بخيالي تذكرت معلميني الذين مروا في حياتي، وجدت أنني حظيت بمجموعة من المعلمين كانوا والحق يقال طيبون وأكفاء، تعلمت منهم الكثير.

ولكني أرغب ان أحكي عن أبلة رجاء معلمتي في المرحلة الإبتدائية.

كانت أبلة رجاء نحيلة وقصيرة وملامحها دقيقة وراقية، كانت ترتدي جيب تغطي إلى منتصف القدم “شانيل”، كانت تشبه فاتن حمامة إلى حد بعيد، كلما شاهدت مسلسل ضمير أبلة حكمت تذكرت أبلة رجاء، نفس الدقة والشياكة، كانت راقية في كل شيء، تفعل كل شيء بإتقان، كانت تنظم الفصل بالشكل الذي يجعل منه واحة بها كل شيء ففي جانب الفصل كانت تطلب منا أفرخ ورق الهدايا الملون، لنزين به جانب الفصل وراء الباب، وكانت تطلب منا كل واحد يأتي بقصة من اختياره ليصبح لدينا مكتبة الفصل، وكانت توكل لأحدنا متابعة تبادل القصص، والاستعارة من مكتبة الفصل، وكان يحدث تكريم لأكثر طالب استعار القصص وأعادها سليمة، وكانت أبلة رجاء تدق المسامير بين حائطين وتربط فيها الأحبال لتعلق عليها القصص وتصبح مثل الغسيل المنشور أو الطيور المحلقة في الهواء، وكانت تطلب منا أن نعلق زمزيات المياة الملونة وراء الباب ليصبح المنظر مليء بالألوان.

كانت أبلة رجاء معلمة شاطرة علمتنا مبادئ القراءة والكتابة، وكانت تجعل من يوم الخميس من كل أسبوع حصة للمكتبة وحصة القراءة والإملاء أسبوعيًا.

كانت أبلة رجاء مدرسة الفصل وكانت تدرس العربي و الحساب والدين، وفي أحد الأيام طلبت منا في حصة الدين أن نحضر فرشاة الأسنان، وشبشب بيت وطرحة.

وفي يوم أخذتنا أبلة رجاء إلى حمامات المدرسة ويومها علمتنا كيف نستخدم فرشاة الأسنان، وعلمتنا الوضوء وأخذتنا إلى المسجد وعلمتنا الصلاة، إلى اليوم كل صباح أذكرها وأذكر تعليماتها لغسل الأسنان بطريقة صحيحة، وأنفذ تعليماتها، وأسمع صوتها وأنا أتوضئ، وأتتبع ترتيب الوضوء كما علمتني.

كانت أبلة رجاء تتباهى بنا أمام كل المدرسة، وعندما يأتي تفتيش من الإدارة التعليمية أو أوائل الطلبة كانت تصدر طلبة فصلها لأي منافسة وهي ترفع رأسها إلى السماء وتقول بمنتهى الفخر “أولادي”.

كانت ذات نظرة ثاقبة وقوية، كانت تعيش في مستوى مادي أعلى من كونها معلمة في مدرسة ابتدائية حكومية، وكانت علاقتها في المدرسة لطيفة لا تستطيع تعتبر أنها لها صداقات ولكن أيضًا ليست بعيدة ومتعالية، كانت لها خلطة عجيبة في أن تصبح محبوبة ومترفعة، فلم أجدها يومًا تفطر مع أبلة زيزيف مدرسة الألعاب صاحبة العود الفارع والجسم الأنثوي الرائع والشعر الطويل البرتقالي، والتي كانت هي وأبلة زيزي صاحبة باروكة الشعر الجميلة مدرسة المواد الإجتماعية صديقتان ولطالما تسمع صوت ضحكاتهما في حوش المدرسة أو في غرفة المدرسين مع أستاذ صلاح مدرس الرياضة والعلوم الطيب اللطيف والذي كان يشبه حسن يوسف لحد كبير صاحب الصوت الحاد بحنو، والذي كنا نحبه ونفهم منه المادتين ويشرحها كما يجب أن يكون، دمه خفيف محبوب من كل زملاءه ومن تلاميذ المدرسة، وعلاقته جيدة بصديقه أستاذ حمدي مدرس اللغة العربية الصدوق، يتشاركان كل شيء رغم اختلاف الديانة ولكن لم يشعر أحد يومًا بأي اختلاف أو خلاف بينهما فكانت هناك أسرة وعلاقة طيبة بين مدرسين المدرسة المختلفين دينيا المتفقين إنسانيًا، لم تكن هوجة الحجاب ضربت مصر فكنت لا تفرق بين المدرسة المسيحية والمسلمة وكانت المدرسات لا تفرق بين الطلبة.

وكانت أبلة زيزيف هي الموكل لها أن تدرس مادة الدين المسيحي للطلبة المسيحين الذين كانوا يحضرون معنا حصة الدين إذا ما تغيبت المعلمة.

إقرأ أيضا
سميرة سعيد

ظلت أبلة رجاء مختلفة تضحك مع الجميع، وتُعلم الطلبة، ولكن متعالية مترفعة تضع نفسها في مكان مختلف، ترعى عاملات المدرسة، وكنت أراها تحضر حقيبة مليئة بأشياء، وفي أول اليوم الدراسي تطلب من أحدنا ان يذهب لينادي الدادة، وعندما تاتي تعطيها أبلة رجاء الحقيبة، علمت فيما بعد انها تحتوي على ملابس وأحذية وأشياء من بيتها توزعها على العاملات، وكانت تطلب منا أن نطلب من أمهاتنا أن نجلب الملابس والأشياء التي تزيد عن احتياجاتنا، وعلمتنا أن نعطي ونمنح وأن نقول لشحاذ الشارع “الله يسهلك” لازلت ارددها لى الآن وأذكر أبلة رجاء التي علمتني هذه الجملة.

تعلمت منهم الكثير من السلوكيات البعيدة عن الدراسة والتعليم، أتمنى لها ولأستاذ صلاح وأستاذ حمدي وأبلة زيزف وأبلة زيزي السلامة أحياء أو أموات.

الكاتب

  • يوم المعلم العالمي إيمان أبو أحمد

    مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان