عن يوم 20 سبتمبر في مصر “تشابه الصدف الذي جمع بين فشل المقاول الهارب وديان تل أبيب”

وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال

تلازم يوم 20 سبتمبر في مصر بالمقاول الهارب محمد علي الذي دعا إلى تظاهراتٍ ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظام حكمه، في دعوة هي الرابعة خلال عام.

المقاول محمد علي ودعوات التظاهرات

تجيء دعوة المقاول الهارب في إسبانيا للمرة الرابعة خلال عام منذ أن بدأ مشواره في أغسطس عام 2019 م بفيديوهاته ودعا للخروج في 20 سبتمبر 2019 ومرة أخرى في 20 نوفمبر من نفس العام، بينما ثالثها كانت دعوة للخروج يوم 25 يناير 2020 ليعتزل العمل السياسي مساء نفس اليوم لعدم الاستجابة ليعود إلى الساحة قبل أيام ودعا للتظاهرات يوم 20 سبتمبر 2020 م.

مرة واحدة استجاب فيها المئات للنزول يوم 20 سبتمبر 2020 واحتشدت أجهزة دول متعددة للاحتفاء بالنزول ودعم وتحريك محمد علي من جزيرة قطر وإعلام إخوان تركيا، ليقابل بعدها بأسبوع بخروج مظاهرات متعددة تجاوزت الربع مليون دعمًا للدولة.

نجح المقاول الهارب محمد علي عبر دعوته الأولى بأن يعوضه فشله في مشواره الفنية، ثم سقط السقوط المدوي عندما خرج في فيديوهات كمحلل سياسي واجتماعي واقتصادي أظهرت ضحالة تفكيره، وكانت قمة الضحالة فيما أسماه مؤتمر توحيد المعارضة الذي دعا فيه للتظاهر في نوفمبر 2019 ولم يستجب له أحد، لينتهي عمليًا وبلسانه في دعوته الثالثة يوم 25 يناير حيث لم يستجيب أحد له واعتزل العمل السياسي مقدمًا الاعتذار ومعلنًا الفشل.

دعوة الـ 2020 م وصدفة من 41 عامًا

السيسي - المقاول الهارب — السيسي – المقاول الهارب

في الفيديو الأخير للمقاول الهارب محمد علي دعا للتظاهرات دون سبب واضح، خلال أول ربع ساعة من الفيديو تشعب إلى قضايا التعليم والكهرباء والوضع الخارجي، ولما بدا كلامه غير مؤثر استغل ملف قانون إزالة التعديات الذي أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عدم تهاونه في تطبيقه حتى لو كلفه الأمر شعبيته وذلك لاسترداد أراضي الدولة وإيقاف سرطان المباني الذي أكل الرقعة الزراعية.

حركت دعوة 20 سبتمبر 2020 المياه الراكدة في الإعلام الخارجي المعادي للدولة المصرية إذ أصيبت قناة الجزيرة وقنوات تركيا بالفشل الذريع بالمحتوى المعادي للدولة خلال الـ 3 أشهر الماضية، حيث نجحت مصر في تقليم أظافر تركيا في ليبيا والمتوسط وإجهاض مشاريع قطر، جنبًا إلى جنب مع الصمود أمام كارثة كورونا وبالتوازي مع نجاحات ملحوظة في ملف الإرهاب.

موشيه ديان ومصلحة التغطية على فضيحة يوم 20 سبتمبر

لعل هذا الوضع يشبه (مع الفارق) أحداث يوم الـ 20 من سبتمبر عام 1969 م حيث تعرضت مصر لموجة من الشائعات المدعومة من موشيه ديان شخصيًا، إذ استغلت تل أبيب مظاهرات طلبة الجامعات التي خرجت ضد جمال عبدالناصر عام 1968 م احتجاجًا على محاكمات الطيران وأرادت تكرار الحدث في عام 1969 م.

كان المناخ منذ 41 عامًا مهيئًا لخروج مظاهرات ضد جمال عبدالناصر، فموجة الشائعات الداخلية بعد النكسة كانت عالية ووصلت إلى حد التنكيت، لكان مصلحة موشيه ديان لم تكن في إحراج عبدالناصر وإنما التغطية على الفضيحة التي سببها الجيش المصري للكيان الصهيوني حيث نجحت القوات المسلحة المصرية في إسقاط طائرة سكاي هوك يوم 20 سبتمبر بعدما أسقطت 3 طائرات من نفس الطراز يوم 19 سبتمبر، ليصل مجموع الطائرات التي سقطت في 11 يوم إلى 14 طائرة.

لكن قمة الفضيحة التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي في 20 سبتمبر 1969 م وأراد موشيه ديان التغطية بحشد حرب نفسية في مصر، أن جيش تل أبيب دخل في معركة برية لمدة 5 ساعات لم يحقق فيها نجاحًا فقام موشيه ديان بإرسال دعم جوي للإغارة على جبل عتاقة والزعفرانة والعين السخنة لكن قابلتها قوات الدفاع الجوي المصرية بنيران مدافعها.

كان سلاح موشيه ديان هو الحرب النفسية واستغل الوعكة الصحية التي تعرض لها جمال عبدالناصر بعد يوم من قرارات عسكرية اتخذها بشأن قيادات القوات المسلحة، وسرت شائعات أن محاولة انقلابية أجبرت عبدالناصر على تغيير القيادات وأن سبب اختفاء ناصر غير مفهوم.

الصفحة الأولى من جريدة الأهرام وتفاصيل الحرب النفسية

لتتكشف الحقيقة أن عبر صحيفة الأهرام الناطقة بلسان الدولة وقتها في عدد 21 سبتمبر 1969 وقالت بأن منصب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة تم شغله بسرعة على أساس الأقدميات العسكرية بعد استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض دون المساس بكفاءة أحد وقدرته لأن المناصب القيادية العسكرية العليا وقت الحرب تخضع لمعايير دقيقة ومعقدة ولا يجب أن يكون هناك تردد، أما سبب اختفاء ناصر فكان مرض الأنفلونزا الذي أصيب به وأعلن السوفييت إرسالهم وفدًا طبيًا للاطمئنان عليه بالقاهرة.